2008-12-25 15:43:05

من رسالة البابا ليوم السلام العالمي 2009 محاربة الفقر، بناء السلام


الفقر وتبعاته الأدبية 

ـ غالبا ما يجري الربط بين الفقر والنمو الديموغرافي. وتتأتى عن هذا الأمر حملات على مستوى عالمي لتخفيض نسبة الولادات حتى من خلال وسائل لا تحترم كرامة المرأة ولا حق الزوجين في اختيار عدد البنين 5، وفي بعض الأحيان، الحق في الحياة. إن إبادة ملايين الأطفال لم يولدوا بعد، باسم مكافحة الفقر، يعني في الواقع إبادة الأكثر فقرا من الكائنات البشرية.

بالمقابل هناك معطى واقعي وهو أن 40% من سكان العالم في عام 1981 كانوا يعيشون تحت عتبة الفقر المدقع أما اليوم فقد تقلصت هذه النسبة بشكل ملحوظ لا بل تحررت من الفقر شعوب تميزت بنمو ديموغرافي كبير. يؤكد هذا المعطى على أن الموارد لتسوية مشكلة الفقر متوفرة حتى بحضور نمو سكاني.

ولا ننسى، أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم، ازداد عدد سكان الأرض أربعة مليارات، وبشكل أوسع، فإن هذه الظاهرة تتعلق ببلدان أطلت على المسرح الدولي كقوى اقتصادية جديدة وشهدت نموا سريعا بفضل ارتفاع عدد سكانها. زد إلى ذلك أن من بين الأمم الأكثر تقدما تتمتع بقدرات نمو أفضل تلك التي ازدادت فيها مؤشرات الولادات. وبمعنى آخر فإن السكان يشكلون ثروة ولا عامل فقر.  

هناك إطار آخر مثير للقلق وأعني الأوبئة شأن الملاريا، السل والإيدز والتي بقدر ما تصيب القطاعات الإنتاجية من السكان بقدر ما تؤثر على تدهور الأوضاع العامة في البلاد. محاولات الحد من تبعات هذه الأمراض على السكان لا تأتي دائما بالنتائج المرجوة إذ يحصل أيضا أن تضطر الدول ضحايا هذه الأوبئة إلى الانصياع لابتزاز من يشترط تقديم المساعدات الاقتصادية بتطبيق سياسات مخالفة للحياة.

من الصعب محاربة الإيدز، العامل المأسوي للفقر، بدون مواجهة المشاكل الأدبية التي يرتبط بها انتشار هذا الفيروس. بداية لا بد من شن حملات تربية جنسية للشباب تتجاوب مع كرامة الشخص؛ ولقد أعطت مبادرات مماثلة ثمارا وافرة إذ نقصت من انتشار الإيدز. ومن ثم يجب توفير الأدوية والعلاجات الضرورية للشعوب الفقيرة أيضا، ما يتطلب بالتالي دعم البحوث الطبية والعلاجية بالإضافة، إذا اقتضت الضرورة ذلك، إلى تطبيق مرن لقواعد الحماية الدولية لملكية الفكر بهدف ضمان العلاج الصحي الأساسي للجميع.

إطار ثالث، موضع اهتمام في برامج مكافحة الفقر، هو فقر الأطفال الذي يظهر ترابط البعد الأدبي. عندما يصيب الفقر عائلة يكون الأطفال الضحايا الأكثر هشاشة: نصف العائشين اليوم في حالة فقر مدقع هم أطفال. التطرق إلى مسألة الفقر انطلاقا من مبدأ الوقوف إلى جانب الأطفال يعني وضع أولويات لصالحهم شأن توفير العلاج للأمهات، الالتزام التربوي، توفير اللقاحات والأدوية ومياه الشرب، حماية البيئة، وبشكل خاص، الالتزام في الدفاع عن العائلة وعن استقرارها الداخلي. وحين تضعف العائلة تقع الأضرار لا محالة على الأطفال. وحيث تغيب حماية كرامة المرأة والأم يعاني الأطفال أكثر من غيرهم.








All the contents on this site are copyrighted ©.