2008-11-03 13:04:44

عيد جميع القديسين، محطة روحية عند كلمة الحياة


فلما رأى يسوع الجموع، صعد الجبل وجلس، فدنا إليه تلاميذه فشرع يعلمهم قال: "طوبى لفقراء الروح، فإن لهم ملكوت السموات. طوبى للودعاء، فإنهم يرثون الأرض. طوبى للمحزونين، فإنهم يعزَّون. طوبى للجياع والعطاش إلى البر، فإنهم يشبعون. طوبى للرحماء، فإنهم يرحمون. طوبى لأطهار القلوب، فإنهم يشاهدون الله. طوبى للساعين إلى السلام، فإنهم أبناء الله يدعون. طوبى للمضطهَدين على البر، فإن لهم ملكوت السموات، طوبى لكم، إذا شتموكم واضطهدوكم وافتروا عليكم كل كذب من أجلي، افرحوا وابتهجوا: إن أجركم في السموات عظيم، فهكذا اضطهدوا الأنبياء قبلكم". (متى 5/1-12)

 

قراءة من القديس غريغوريوس النزينزي (+390)

الله وحده ثابت

 

لا شيء في أمور البشر ثابت بطبعه، لا شيء ناجٍ من صدمة يصطدمها، لا شيء مكتفٍ بذاته ولا شيء باقٍ على حاله، أمورنا البشرية دولاب يدور ويتغير دورانه مرة بعد مرة في النهار وأحيانا في ساعة واحدة. فالزوابع المتقلبة وأثرُ السفينة في البحر، وأحلام الليل الكاذبة التي تخلبنا لحظة، وما يخطّه الأطفال في ألعابهم على الرمال، أحقُّ بالثقة من السعادة البشرية. لأن كل ما على الأرض فانٍ وعابر. أشبه بحجارة اللعب تدور من جهة إلى أخرى، وتنتقل من يد رجل إلى يد آخر بخلاف ما وراء هذه الحياة من الأشياء، فإنها ثابتة دائمة لا تبتعد أبداً ولا تتغيّر، ولا تخيب آمال من جعلوا رجاءهم فيها.

فإذا كانت جميع الأشياء الأرضية زائلة، وإذا كان الكلمةُ، الفنان الإلهي والحكمة التي تفوق كل عقل قد حكم فيما حكم بأنَّا نسيء استعمالها، فصار علينا أن نزهد فيما يزول ونندفع نحو الحياة الباقية. فما كنا نصنع لو كان النعيم مضموناً لنا في هذه الحياة فنحن مع ما نرى من سرعة زواله لا نبرح متعلقين به ومستعبَدين لما تقدمه لنا من اللذة الخادعة؟ لذلك لا نستطيع أن نتصور شيئاً أفضل وأرفع من الأمور الحاضرة، على حين أننا نعلم علماً أكيداً أننا خُلقنا على صورة الله وهي تجذبنا إلى فوق.








All the contents on this site are copyrighted ©.