2008-09-22 12:26:54

إنجيل الأحد: محطة روحية عند كلمة الحياة


قال يسوع: "مثل ملكوت السموات كمثل رب بيت خرج عند الفجر ليستأجر عملة لكرمه. فاتفق مع العملة على دينار في اليوم وأرسلهم إلى كرمه. ثم خرج نحو الساعة التاسعة، فرأى عملة آخرين قائمين في الساحة بطالين. فقال لهم: "اذهبوا أنتم أيضا إلى كرمي، وسأعطيكم ما كان عدلا"، فذهبوا. وخرج أيضا نحو الظهر ثم نحو الثالثة بعد الظهر، ففعل مثل ذلك. وخرج نحو الخامسة بعد الظهر، فلقي أناسا آخرين قائمين هناك، فقال لهم: :لماذا بقيتم ههنا طوال النهار بطالين؟" فقالوا له: "لم يستأجرنا أحد". قال لهم: "اذهبوا أنتم أيضا إلى كرمي". ولما جاء المساء قال صاحب الكرم لوكيله: "أدعُ العملة وادفع لهم الأجرة، مبتدئا بالآخرين منتهيا بالأولين". فجاء أصحاب الساعة الخامسة بعد الظهر وأخذ كل منهم دينارا. ثم جاء الأولون، فظنوا أنهم سيأخذون أكثر من هؤلاء، فأخذ كل منهم أيضا دينارا. وكانوا يأخذونه ويقولون متذمرين على رب البيت: "هؤلاء الذين أتوا آخِرا لم يعملوا غير ساعة واحدة، فساويتهم بنا نحن الذين احتملنا ثقل النهار وحره الشديد". فأجاب واحدا منهم: "يا صديقي، ما ظلمتك، ألم تتفق معي على دينار؟ خذ ما لك وانصرف. فهذا الذي أتى آخِرا أريد أن أعطيه مثلك: ألا يجوز لي أن أتصرف بمالي كما أشاء؟ أم عينك حسود لأني كريم؟" فهكذا يصير الآخرون أولين والأولون آخرين". (متى 20/1-17)

 

قراءة من القديس غريغوريوس النيصي (+395)

 

من ينقي ذهنه من كل الأوهام البشرية ويعي أصله البائس وإلى أية نهاية يتجه وجودنا الزائل والعابر، ويرى بعينه حقارة طبيعتنا وفقرها وعدم قدرتنا على تأمين ديمومتنا دون اللجوء إلى اللحم الحيواني، ناهيك عن الآلام والاختبارات والحوادث والأمراض المختلفة التي يتعرض لها الإنسان والتي لا توفّر أحدا؛ فالذي ينظر إلى كل هذا بنظرة قلب نقي، لا يهتز بسهولة للمصائب.

نعتقد أن مديح الآخرين يأتي من ضلال لأننا من طبيعة لا تساوي شيئا، ولا نملك ما يمكّننا من جذب مديح البشر. ففي خارج أنفسنا حيث مجد النفس يتخطى ما يستطيع العالم أن يقدمه لنا وكل ما يصنع مجد الإنسان مثل الثراء والعرق والشهرة والشعور بالتعالي، يخلع المجد عن النفس ويحضر عارها. كل إنسان واعٍ وفطن ينتبه ألا يلطخ طهارة نفسه.

إن حالة كهذه لا تعني شيئا سوى العيش في أغوار عمق تواضع القلب. من هم متجذرون في هذه التجربة لا يتركون في نفوسهم فسحة صغيرة للغضب. عندما يُطرَد الغضب تعرف الحياة الراحة والسلام اللذين ليسا سوى الوداعة التي تفضي إلى الغبطة وميراث السموات في المسيح يسوع ربنا له المجد.








All the contents on this site are copyrighted ©.