2008-04-09 14:55:37

البابا يتحدث خلال مقابلته العامة عن القديس بندكتس مؤسس الحياة الرهبانية في الغرب ويقول إن إنسانيته دواء لثقافة الأنا عند إنسان اليوم


تحدث البابا بندكتس الـ16 اليوم الأربعاء عن أب ومؤسس الحياة الرهبانية في الغرب وعن شفيع حبريته القديس بندكتس، وذلك خلال مقابلته العامة مع المؤمنين والحجاج الذي فاق عددهم 27 ألفا في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، مسلطا الضوء على ضرورة تجديد روحي وأدبي لجذور أوروبا المسيحية التي زرعها بندكتس في القرن السادس الميلادي.

عرض البابا حياة القديس بندكتس المولود في نورتشا بوسط إيطاليا حول العام 480، وقد أرسلته عائلته الميسورة لاكتساب العلوم والمعرفة في روما. ولكنه رفض الانجرار وراء ملذات الحياة متفاديا الوقوع في أخطاء أترابه ورفاقه، فزهد بالدنيا متنسكا في مغارة سوبياكو شرق مدينة روما حيث أمضى ثلاث سنوات من الصلاة والتأمل والعمل اليدوي، اختبر خلالها التوحد مع الله ولأجله، وسار في درب النضوج الداخلي الذي مكنه من مكافحة التجارب، فقرر عندئذ تشييد الأديار الأولى حول سوبياكو.

انتقل للإقامة عام 529 في جبل مونتيكاسينو حيث شيد ديرا كبيرا لرهبانه مشيرا إلى أنه على الرغم من بعده عن العالم فإن غايته العامة خدمة الكنيسة والمجتمع. توفي في دير مونتيكاسينو عام 547 فترك، إلى جانب كتاب القوانين ورهبنة البندكتان، إرثا ثقافيا وروحيا حمل ثماره إلى العالم.

سطر البابا شغف بندكتس بالصلاة والتأمل الذي عاش برعاية الله وبالنظر إليه ولم ينس أبدا الاهتمام بالإنسان وبمشكلاته الحقيقية، فكانت حياة الصلاة بالنسبة إليه المكان الأول للإصغاء، المترجمة لاحقا إلى أعمال ملموسة، لأن الله ينتظر تجاوبنا العملي مع تعاليمه كل يوم.

وتمنى البابا أن "تستنير القارة الأوروبية بالتعاليم الدينية والأدبية الأخلاقية التي تنبع من جذورها المسيحية" في معرض تعليمه عن قوانين القديس بندكتس التي شكلت نموذجا ومثالا لرجال ونساء عالم اليوم. وبيّن بندكتس من خلال حياته أن الله ليس "فرضية بعيدة حول أصل العالم ونشأته، بل حضورا ملموسا في حياة الإنسان".

ولخلق اتحاد جديد ودائم في القارة القديمة، تابع البابا، من الضروري اعتماد السبل السياسية والاقتصادية والتشريع، ولكن تحفيز التجدد الأدبي الأخلاقي والروحي الذي ينهل من معين جذور القارة، يبدو أكثر إلحاحا وحاجة لإعادة إعمار أوروبا. وأشار إلى أن الإنسان معرّض لخطر الوقوع في فخ الأنا والرغبة في افتداء نفسه بنفسه، وهي أوتوبيا متعددة الأشكال، ألمح إليها البابا يوحنا بولس الثاني، تتمثل في تقهقر وتراجع لا سابق لهما في تاريخ البشرية العاصف.

وتبقى إنسانية القديس بندكتس الحقيقية السائرة على درب الله، العلاج الشافي ضد ثقافة تحقيق الذات السهلة والأنانية عند الإنسان، وهي تجربة تفتش عن هويتها الذاتية، تجربة ممدوحة ومنشودة في أوروبا التي خرجت لتوها من قرن مبرّح بالآلام وجراح الحربين العالميتين وبعد انهيار أيديولوجيتين كبريين أظهرتا أوتوبيات مأساوية.

وفي ختام تعليمه الأسبوعي عن القديس بندكتس مؤسس الحياة الرهبانية في الغرب، الذي أعلنه البابا بولس السادس عام 1964 شفيعا لأوروبا، حيا الأب الأقدس المؤمنين والحجاج في ساحة القديس بطرس بلغات عديدة ومنحهم من ثم بركته الرسولية.    








All the contents on this site are copyrighted ©.