2008-03-17 17:31:32

التيبت إلى أين؟


لا تزال الأوضاع في التيبيت تثير قلق المجتمع الدولي الذي أسرع ليوجه نداءاتٍ للحكومة الصينية لوقف أعمال القمع بحق أهالي التيبيت في ما اتسعت رقعة التظاهرات في العالم كله تضامنا مع مطالب سكان هذا الإقليم وطلب الدالاي لاما، الزعيم الروحي لبوذيي التيبيت، الأممَ المتحدة بالتدخل. ليست المرة الأولى تلجأ فيها حكومة بكين إلى القوة لقمع مطالب أهالي التيبيت. ففي مارس عام 1959 قمعت القوات الصينية انتفاضة في التيبت، وفرَّ "تينزين جياتسو" الدالاي لاما الرابع عشر إلى الهند. وقد واجه الدالاي لاما مهمةً صعبة تتمثل في حماية أهالي الإقليم الذين تبعوه إلى الخروج من بلادهم وحماية تقاليدهم حيث كانت القليل من الدول مستعدةً لمواجهة ممارسات الصين وتولي مسؤولية اللاجئين. ورغم الصعوبات فقد تجاوزت مكانة الزعيم الروحي للتيبت حدودَ مجتمعه المنفي حيث اكتسب وضعا بارزا على المسرح العالمي. ويعترف المجتمع الدولي بالدالاي لاما كواحد من أبرز الزعماء الدينيين في العالم، ويُنظر إليه على نطاق واسع كشخصية كاريزمية متسامحة ومؤيد طوال حياته للسلام. وحصل الدلاي لاما على جائزة نوبل للسلام عام 1989 لموقفه الرافض لاستخدام العنف في مطالبته بالحكم الذاتي للتيبت. وفي مايو من عام 1951 صاغت الصين اتفاقية تضمن عدم حدوث تغيير في المؤسسات السياسية والثقافية والدينية في التيبت.  وفي عام 1954 توجه الدالاي لاما إلى بكين ليبحث مستقبل شعب التيبت مع الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ. لكنَّ الصين لم تتقيد بنصوص الاتفاقية ما حمل أهالي التيبت على مواصلة المقاومة. وفي مارس من عام 1959 تدفق أهالي التيبت إلى الشوارع في إقليمهم مطالبين بانهاء الحكم الصيني. وهرب الدالاي لاما إلى الهند خشيةَ أن تعتقله القوات الصينية. وفي الهند حصل على حق اللجوء واستقر في "دارامسالا" شمال الهند. وخلال الأشهر التالية لخروجه تدفق نحو 80 ألفا من أهالي التيبت وراءه واستقر أغلبهم في المنطقة نفسها التي باتت حاليا مقرَ حكومة التيبت في المنفى. وهناك بدأ الدالاي لاما مهمةً تهدف إلى مساعدة المنفيين والحفاظ على ثقافة التيبت حيث وضع نظاما لتعليم أبناء اللاجئين لغتَهم وثقافتَهم كما أقام مؤسسات علمية وتعليمية. وسعى إلى طرح مشكلة التيبت على المسرح العالمي إذ ناشد الأممَ المتحدة وأقنع الجمعيةَ العامة بتبني قرارات تدعو إلى حماية أهالي التيبت. والتقى بزعماء سياسيين من مختلف أنحاء العالم. كما سعى إلى لقاء رموز دينية حيث زار البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في مناسبات عديدة. وفي عام 1987 دعا إلى خطة "حل وسط" لتسوية أزمة التيبت حيث طالب بأن يكون الإقليم منطقةَ سلام. ولقد أكد على ضرورة الالتزام بالمسيرات السلمية قائلا :"عندما تلجأ إلى العنف فإن الخروج عن السيطرة يصبح أمرا سهلا فمهما كان الموقف سيئا لا بد من تجنب العنف".








All the contents on this site are copyrighted ©.