2008-03-08 15:36:12

البابا يلتقي المشاركين في الجمعية العامة للمجلس الحبري للثقافة ويحثهم على مواصلة إعلان المسيح في قلب الثقافات لأنه نور العقل والإنسان والعالم


استقبل البابا بندكتس الـ16 ظهر اليوم السبت في قاعة كليمنتينا بالفاتيكان رئيس وأعضاء المجلس الحبري للثقافة في ختام جمعيتهم العامة المنعقدة في روما، ووجه إليهم كلمة نوه فيها بالموضوع المختار: "الكنيسة وتحدي العلمنة" فسلط الضوء على ظاهرة العلمنة والعولمة والإلحاد.

أثنى الأب الأقدس على جهود أعمال المجلس الحبري للثقافة وأكد حرص الكرسي الرسولي واهتمامه بعالم الثقافة الواسع والمتنوع مسطرا الانفتاح الذي يشهده اليوم الحوار بين الثقافات الذي يؤسس لأرضية حوار بين رجال ونساء ملتزمين في البحث عن إنسانية أصيلة بعيدا عن الاختلافات التي تفرق بينهم.

ولفت البابا إلى خطر العلمنة، "البادية في الثقافات كأنها فرضية العالم والإنسانية بمعزل عن الله، تجتاح كل أشكال الحياة اليومية وتطور ذهنية يغيب الله فيها عن وجود وضمير الإنسان. فهذه العلمنة ليست تهديدا خارجيا للمؤمنين وحسب بل تتفشى في الكنيسة أيضا وتشوه من الداخل وفي العمق طبيعة الإيمان المسيحي وبالتالي نمط الحياة وتصرفات المؤمنين اليومية الذين يعيشون في عالم تحركه ثقافة الصورة التي تفرض عليهم نماذج ونزوات متناقصة تقودهم إلى نكران الله والحاجة له والتفكير به أو العودة إليه! وتسيطر عقلية حب الذات والاستهلاكية التي تحفز لدى المؤمنين والرعاة أيضا انحرافا إلى السطحية وأنانية تضر بالحياة الكنسية.

وفي كلامه على "موت الله" الذي أعلنه العديد من المفكرين في العقود المنصرمة والذي أفضى إلى عبادة عقيمة للفرد، سطر البابا خطر الوقوع في هزال الروح وفراغ القلب نتيجة الانتماءات الدينية الغريبة الأشكال ذات الروحانية الضبابية. كما دعا إلى العودة عاجلا إلى قيم الوجود السامية التي تمنح الحياة معنى وقادرة على تهدئة اضطراب قلب الإنسان الذي ينشد السعادة وهي: كرامة الشخص البشري وحريته، التساوي بين كل البشر، مغزى الحياة والموت وما ينتظر الإنسان بعد الحياة الأرضية.

وذكر بما قاله يوحنا بولس الثاني أن الثورة الصناعية والاكتشافات العلمية سمحت بالإجابة عن أسئلة لم تفيها الديانة حقها في الماضي، وجراء ذلك شعر الإنسان المعاصر بأنه لا حاجة له لأحد كي يدرك ويفسّر الكون ويسيطر عليه، لأنه أصبح محور كل شيء ومقياسا لكل شيء.

وعن ظاهرة العولمة التي سهلت انتشار مكونات الغرب المادية والفردية في الثقافات بواسطة تقنيات المعلوماتية الحديثة، لفت بندكتس الـ16 إلى أن نور العقل أخذ يحل جذريا مكان نور الإيمان، نور الله، وسطر التحديات الكبرى التي تواجهها رسالة الكنيسة في هذه الميادين.

وشدد البابا على أهمية التزام المجلس الحبري للثقافة في تفعيل حوار خصب بين العلم والإيمان، كما أنه واجب جماعة العلماء أيضا، وأشار إلى أن الإيمان يفترض في هذا الحوار العقلَ والكمال، والعقلُ المنوَّر بالإيمان يجد القوة ليرقى إلى معرفة الله والحقائق الروحية. فالعلمنة بمعنى آخر، لا توفر الغاية الأخيرة للعلم الذي هو في خدمة الإنسان، ولذا شجع البابا على مواصلة التفريق بين خصائص العلم والإيمان.

وفي ختام كلمته، دعا الأب الأقدس "رعاة قطيع الله" إلى رسالة شاقة وسخية على أرض الحوار واللقاء بين الثقافات وبواسطة إعلان الإنجيل والشهادة له، لمواجهة ظاهرة العلمنة التي ترهق الشخص البشري وتعرقل شوقه الطبيعي إلى الحقيقة الكاملة، ثم حضهم على مواصلة إعلان المسيح وسط الثقافات لأنه النور للعقل والإنسان وللعالم.








All the contents on this site are copyrighted ©.