2008-01-29 16:48:51

مؤتمر صحفي في الفاتيكان لتقديم رسالة البابا لمناسبة زمن الصوم 2008 تحت عنوان "المسيح افتقر لأجلكم"


عُقد صباح اليوم الثلاثاء مؤتمر صحفي في الفاتيكان لتقديم رسالة البابا بندكتس السادس عشر لمناسبة زمن الصوم 2008 تحت عنوان "المسيح افتقر لأجلكم". شارك في المؤتمر رئيس المجلس البابوي قلب واحد "كور أونوم" الكاردينال بول جوزيف كورديس والسيد هانس بيتر روتلين، رئيس هيئة مساعدة الكنيسة المتألمة.

شدد الكاردينال كورديس في مداخلته على أهمية الصدقة التي تشكل محور رسالة البابا لهذا العام، حاثاً جميع المسيحيين على العمل بوصية المحبة والاقتداء بالمسيح الذي مات من أجل أحبائه. وقال رئيس المجلس البابوي "قلب واحد" إن كل شخص ـ مؤمناً كان أم غير مؤمن ـ مدعو إلى مد يد المساعدة لكل محتاج، على غرار "السامري الصالح" في الإنجيل.

أما السيد روتلين فقدم في مداخلته صورة عن عمل هيئة مساعدة الكنيسة المتألمة، الناشطة حالياً في سبع عشرة دولة في القارات الخمس، وتمول بناء الكنائس والمعاهد الإكليريكية والأديرة، وتقدم الدعم المادي للمرسلين، كما تُُصدر الهيئة منشورات وتنتج أفلاماً وبرامج تلفزيونية وإذاعية.

اختار البابا بندكتس السادس عشر لرسالة الصوم 2008 العنوان التالي: "المسيح افتقر من أجلكم" (2 قورنتس 8، 9). ويقول فيها الحبر الأعظم إن الصوم زمن نتعمق فيه بمعنى وقيمة كياننا المسيحي. ونكتشف مرة أخرى رحمة الله، فنصير بدورنا رحيمين مع أخوتنا. الخطوات الملموسة الواجب اتخاذها هي الصلاة والصوم والصدقة.

يتوقف البابا في رسالته عند الصدقة كوسيلة حسية لمساعدة المحتاجين. فالصدقة تحملنا على الابتعاد عن التعلق بالخيور المادية، لئلا تتحول إلى أصنام؛ وهكذا تتسنى لنا مقاسمة الطيبة التي يهبنا إياها الله مع الآخرين. يجب ألا ننظر إلى الخيور المادية المتوفرة لدينا كأملاك "خاصة". فهذه الخيور تكتسب أهمية اجتماعية وفقاً لمبدأ غايتها الكونية (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية 2404).

"من كانت له خيرات الدنيا ورأى بأخيه حاجة فأغلق أحشاءه دون أخيه فكيف تقيم محبة الله فيه؟" (1 يوحنا 3، 17).  في الدول ذات الأغلبية المسيحية، يقول البابا، تتخذ الدعوة إلى مقاسمة الخيور الأرضية مع من يختبرون الفقر والتهميش معنى مميزاً. إنه واجب تفرضه العدالة قبل أن يكون عمل محبة.

الصدقة الإنجيلية ليست مجرد إحسان تجاه البشر؛ وينبغي ألا تحركنا الرغبة الخفية في السعي وراء المصالح الشخصية والبحث عن استحسان الآخرين، أو في استقطاب اهتمام من حولنا. فالقرار الصادق في مساعدة القريب يُتخذ بعيداً عن الأنظار، أسوة بيسوع المسيح الذي وبموته على الصليب وهبنا ذاته.

فالصدقة التي تقرّبنا من الآخرين تقرّبنا من الله، وتصبح بالتالي وسيلة للرجوع إليه والمصالحة معه ومع أخوتنا. الصدقة تتخطى البعد المادي، وتعبر عن حقيقة كياننا: فنحن لم نُخلق من أجل ذواتنا بل خُلقنا في سبيل الله والأخوة. فمن خلال الصدقة نختبر أن الحياة تكتمل بالمحبة، والصدقة تقود خطانا على طريق المصالحة مع الله لأن "المحبة تستر كثيراً من الخطايا" (1 بطرس 4، 8).

إن فعل الصدقة في زمن الصوم ـ كتب الحبر الأعظم في رسالته ـ يساعدنا على التعمق في دعوتنا المسيحية. تشكل المحبة مصدر إلهام لأشكال مختلفة من العطاء، وفقاً لإمكانيات وظروف كل واحد منا، لتصبح حياتنا بحد ذاتها هبة شاملة. زمن الصوم يدعو الجميع إلى النمو في المحبة، وإلى مشاهدة المسيح في وجوه الفقراء ويحملنا على بذل جهد فردي وجماعي لإتمام مشيئة المسيح، معطي الحياة الحقيقية، ولأن نكون شهوداً لمحبته.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.