البابا يستقبل المشاركين في مؤتمر أكاديمي يُعقد بروما حول موضوع "الهوية المتبدلة للفرد"

استقبل البابا بندكتس السادس عشر صباح الاثنين المشاركين في مؤتمر أكاديمي يُعقد بروما حول موضوع "الهوية المتبدّلة للفرد"، تنظمه أكاديمية العلوم في باريس والأكاديمية الحبرية للعلوم.

وجه البابا لضيوفه كلمة استهلها مرحباً بهم ومعرباً عن سروره الكبير لاستقبالهم في الفاتيكان. بعدها تحدث بندكتس السادس عشر عن التقدم العلمي الذي سلط الضوء على حقائق كثيرة تتعلق بالإنسان والكون المحيط به. لكنه شدد على ضرورة أن يوضع "علم الإنسان" في طليعة العلوم كافة، مشيراً إلى أن غضَّ الطرف عن المسائل المرتبطة بالكيان البشري يعني رفض البحث عن الحقيقة، حقيقة الإنسان، التي ترتكز إليها مبدأ احترام الكرامة البشرية وحياة الإنسان في كل مراحلها، أي منذ تكوينها وحتى موتها الطبيعي.

وذكر البابا ضيوفه بأن الكائن البشري خلقه الله على صورته ومثاله، وأحبه الله ليحب بدوره خالقه والآخرين. والإنسان ليس ثمرة الصدفة، أو وليد تفاعل فيزيائي ـ كيميائي، قال الحبر الأعظم، فالكائن البشري يولد حراً، وهذه الحرية تمكنه من توجيه حياته صوب غاية معينة، وتعطي معنى للوجود الإنساني. ومن خلال ممارسته حريته يصير الإنسان مسؤولاً عن جميع أفعاله.

والإنسان يملك القدرة على التمييز بين الخير والشر، وهي هبة منحنا إياها الله الذي يريد من كل واحد منا أن يعمل على "تنمية الضمير" ليخط طريقاً لحياته استناداً إلى الشرائع الطبيعية والخلقية. وإزاء مجتمع اليوم المطبوع بالتطور العلمي والتكنولوجي تنبع ضرورة الدفاع عن كيان الإنسان وكرامته كي لا يصبح البشر هدفاً لتلاعب الأيديولوجيات والقرارات الاعتباطية وتَسلط القوي على الضعيف. وقد اختبرت البشرية هذه الممارسات الفظيعة على مر التاريخ لاسيما في القرن العشرين.

وفي ختام كلمته شدد البابا على ضرورة أن يضع العلم نفسه في خدمة الإنسان، وأن تساهم العلوم في بناء هوية الأشخاص. وتحدث عن المحبة التي تدفع الإنسان إلى الانفتاح على الآخرين، على غرار المسيح الذي حمله حبه للبشر على التضحية بذاته من أجل أخوته. هذا ثم أوكل الحبر الأعظم ضيوفه لشفاعة القديس توما الأكويني الذي تحتفل الكنيسة اليوم بعيده، مشيراً إلى أن هذا القديس ظل حتى يومنا هذا "مثالاً أصيلاً للأشخاص الباحثين عن الحقيقة". ثم منح البابا الكل فيض بركاته الرسولية.