2007-09-25 16:17:21

البطريرك لحام يفتتح المجمع البطريركي للروم الملكيين الكاثوليك


افتتح بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام مساء أمس الاثنين في مقر البطريركية في الربوة ـ لبنان، المجمع البطريركي الاول لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك بمشاركة اساقفة الطائفة من لبنان وسوريا والاردن وفلسطين ومصر والسودان وبلاد الانتشار في اوروبا واميركا الشمالية والجنوبية واوستراليا ونويوزيلندا، اضافة الى الرؤساء العامين والرئيسات العامات للرهبانيات وعدد من الكهنة والرهبان والراهبات وعملانيين وممثلين عن الابرشيات. كما حضر راعي ابرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر والوزير السابق الياس حنا ممثلا المجلس الاعلى للروم الملكيين الكاثوليك.

البطريرك لحام

بعد الصلاة القى البطريرك لحام كلمة جاء فيها: "باسم المخلص نفتتح المجمع البطريركي لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك في المقر البطريركي في الربوة - لبنان، طالبين شفاعة أمنا مريم العذراء والقديسة حنة شفيعة هذه الإكليريكية البطريركية التي أسسها سلفنا الطيب الذكر المثلث الرحمة البطريرك مكسيموس الخامس.

يعقد مجمعنا في لبنان، ولكنه يجمع كنيستنا من لبنان وسوريا والأردن وفلسطين ومصر والسودان وبلاد الانتشار في أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية وأوستراليا ونيوزيلندا.

الروح يجمعنا، محققا فينا وعد السيد المسيح الذي قال لنا: "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي أكون في وسطهم" (متى 19:18)، وهذا ما يجعلنا أبناء الله الآب وأحباء كرماء لديه: "لا أدعوكم عبيدًا بل أحبائي!" (يوحنا 15:15)، و"لا أقول لكم إنني أحبكم، لأن الآب يحبكم" (يوحنا 23:17) وأنا أقول لكم: "إنني أحبكم، ولنقلها كل واحد لجاره في هذا المجمع: إنني أحبك!".

جميل أن نجتمع في تناغم حب ثالوثي رائع، وكأننا معا سيمفونية آلة موسيقية، تحركها ريشة روحية سرية (عيد العنصرة)، لكي نتأمل معا تدبير الله لكنيستنا، يتحقق في الزمان والمكان هذا التدبير الخلاصي الإلهي الذي أتمه السيد المسيح في شرقنا المقدس، فأصبح هذا الشرق كما يقول القديس غريغوريوس النزيزي "ليس احتكارا للخلاص بل أداة انتقال بشرى الخلاص إلى العالم أجمع.

المجمع البطريركي هو في تحديده القانوني أن تعمل الكنيسة على تأوين الخلاص في الزمان والمكان. وهذا ما نقرأه في مجموعة قوانين الكنائس الشرقية (القانون 140): "المجمع البطريركي يساعد في التوفيق بين الرسالة وأساليبها... وما يجد من ظروف الزمان".

وهكذا يبدو المجمع البطريركي مراجعة حياة كنسية وفحص ضمير، وتجديدا وخطوط برنامج ورؤية وآفاقا جديدة. وهذا انطلاقا من واقع الحياة ومتطلباتها لأجل مطابقة رسالة السيد المسيح والكنيسة مع حياة المؤمنين في الكنيسة، ولأجل مطابقة حياة المجتمع مع تعاليم السيد المسيح، لكي يكون فينا كلنا، رعاة ورعية، في سرنا وجهرنا، في عملنا الرعوي وخدمتنا الأسرارية والتزامنا في المجتمع، لكي يكون فينا، كما يقول القديس بولس: "فكر المسيح (...) ومن الأفكار والأخلاق ما هو في المسيح يسوع" (فيلبي 2) "فلا نتشبه بأخلاق هذا العالم"، "بل نسبي كل بصيرة إلى معرفة يسوع المسيح".
ولكي يكون عملنا في حقل الرب، وحقل العالم والمجتمع والكنيسة فعالا، يجب أن نكون حقا كنيسة أي جماعة! كنيسة حية وقوية ومتماسكة. ونحقق في كنيستنا الرومية الملكية الكاثوليكية المحلية علامات الكنيسة كما حددها الآباء القديسون في قانون الإيمان النيقاوي (381): "إنها كنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية". (قانون الإيمان).

نلاحظ تسلسل هذه العلامات الأربع: العلامة الأولى هي الوحدة! والكنيسة الواحدة المترابطة الواعية لهويتها ولكيانها ولجوهرها ولمكوناتها، هي التي يمكن أن تكون جامعة ورسولية، وتتقدس وتكون سبب قداسة وخلاص في العالم. وتكون في هذا العالم حاضرة وشاهدة وخادمة، وحقا علامة رجاء وفداء وباعثة آمال، وأداة حب وتضامن وعطاء وحوار، منفتحة على جميع الناس، في أحوالهم وأوضاعهم وثقافتهم وإيمانهم ومعتقداتهم وحضاراتهم وهمومهم وآلامهم وآمالهم. (المجمع الفاتيكاني الثاني: الكنيسة في عالم اليوم - رقم1 والسينودس لأجل لبنان: رجاء جديد لأجل لبنان).

الوحدة هي غاية مجمعنا البطريركي, لا بل سنعيشها في مجمعنا, لا بل سنعمل على اكتشافها وتفعيلها من خلال المواضيع المعروضة لتأملنا ومن خلال الدراسات المقدمة ومن خلال نقاشاتنا وورشات العمل المتفرعة من اجتماعاتنا العمومية.

تتجلى هذه الوحدة بنوع خاص من خلال العمل الرعوي وراعوية الشباب وراعوية الأسرار. وهذه هي المواضيع التي ستتمحور حولها أعمال مجمعنا البطريركي.
إن الوحدة إذا تحققت في الداخل، في كنيستنا، في أبرشياتنا ورعايانا وأديارنا ومؤسساتنا، من خلال هذه النقاط المذكورة، فإنها ستكون عونًا لنا في خدمتنا الكهنوتية في المجتمع. الوحدة في الداخل، هي أساس الفعالية والعمل في الخارج.
إذا كانت قواعد وثوابت وخطوط عملنا الرعوي، والأسراري ومع الشباب واضحة محددة، فسيكون ذلك عاملاً جبارًا في تحقيق إنعاش الحياة الأسرارية وانطلاقة جديدة في رعاية الشباب.

وإذا كانت الأسرار حقا فاعلة في شعبنا فإنها تؤهلهم للدخول في المجتمع والعمل فيه والتأثير فيه. كما أن العمل الجاد المنظم مع الشباب على أسس مشتركة في كل أبرشياتنا ورعايانا، هو كفيل أن يجعلهم أعضاء حية في الكنيسة والمجتمع.

إن موضوع مجمعنا البطريركي يبدو للبعض ذا أهمية ضئيلة، أو أنه عمل يتعلق بحياة الكنيسة في الداخل، عمل كنسي داخلي فقط. في الواقع هذا العمل التنظيمي الداخلي يعدنا كلنا رعاة ورعية للعمل المؤثر حقا في مجتمعنا، ويؤهلنا للقيام بدور كنيستنا المميز على كل الصعد، الاجتماعية والمسكونية والكنسية وعلى مستوى عالمنا العربي وفي كل مكان.

الأسرار التي نتقبلها في الكنيسة، والعمل مع الشباب داخل مؤسساتنا الشبابية، لها كلها في الواقع امتداد في المجتمع.

فالمعمودية هي سر الدخول في حياة الله الواحد والثالوث وفي حياة الجماعة الكنسية، وهي أساس هويتنا المسيحية. الميرون يثبتنا في دعوتنا المسيحية ويشدد كل أعضائنا لتكون سلاح بر وقداسة وخدمة.

الإفخارستيا هي الخبز اليومي للخدمة اليومية وللانخراط في المجتمع.

الزواج هو الحياة المسيحية في العائلة. والمكان المميز لتهيئة مؤمنين حقيقيين وأعضاء صالحين عاملين في المجتمع.

التوبة هي سر المصالحة الدائمة مع ذواتنا ومبادئ انجيلنا المقدس، ومع الله ومع الكنيسة ومع الأخ ومع المجتمع.

الكهنوت هو سر التقوى العظيم الذي هو جواب لصلاة يسوع: "اسألوا رب الحصاد ليرسل عملة إلى كرمه، لأن الحصاد كثير ويحتاج إلى عمال كثيرين" (متى 37:9).

مسحة المرضى هو سر خدمة الانسان المريض والمحتاج والمهمش والواقع بين اللصوص... إنه سر شفاء الانسان والمجتمع.

جميع هذه الأسرار قوة جبارة في الكنيسة وفي المجتمع. ولذا فإن فهمها وفهم رموزها، ومعانيها الروحية العميقة، وإيصال هذه الأمور إلى الشعب من خلال الاحتفال الجميل واللائق والهادف بها، هو عمل مهم جدا.

فالأسرار هي لأجل الانسان في حياته الشخصية وفي علاقاته الانسانية والاجتماعية. فلا أحد يعيش لنفسه والمسيح نفسه لم يعش لنفسه، كما يقول لنا بولس الرسول (رو 3: 15).

الأسرار تحقق جوهر الانسان كما حدده خادم الله البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته عن السلام عام 2005، الرسالة الأخيرة قبل وفاته: "إن جوهر الإنسان أن يكون مع ولأجل".

ولكي نكون مع ولأجل يجب أن نكون! وذلك يعني أن يكون لنا هويتنا وشخصيتنا وقناعاتنا وثوابتنا وتقاليدنا وتراثنا ورؤيتنا وآفاقنا وتطلعاتنا... إن تطوير شخصيتنا الكنسية وهويتنا أمر ضروري في كنيستنا البطريركية. ولا عجب أن يكون موضوع المؤتمرات البطريركية الثلاثة التي عقدها سلفنا السعيد الذكر البطريرك مكسيموس الخامس قد دار حول هذه الأمور: رسالة الكنيسة وعملها الرعوي التعليمي (الربوة 1983)، كنيستنا تاريخ ورسالة (الربوة 1991)، كنيستنا: التجسد والانثقاف (الربوة 1992).

ولا عجب! فلكي تكون حقا مع الآخر، وتعمل مع الآخر، وتتفاعل معه، لا بد أن تكون أنت أولا شخصا، وحامل هوية، وشخصية مميزة قابلة للوجود والتفاعل والتعاون والتضامن... فكل هذه الأمور تفرض وجود شخصيات متميزة مميزة مؤهلة قادرة على العمل في المجتمع.

أجل علينا أن نكون كنيسة مميزة متميزة في الداخل، حتى نكون كذلك في الخارج... مهما كان عددنا، أقلية أو أكثرية، هنا في البلاد العربية أو في بلاد الانتشار، علينا أن نكون متميزين متفوقين وأن نكون خلاقين في مجتمعنا!

أيها الأخوة!

إن المجمع البطريركي الذي نعقده هو عمل عظيم في الداخل وفي الخارج! وهذه هي أبعاد كل مجمع بطريركي كما أشرنا في الكلام عن تحديده وتحديد أهدافه في القانون الكنسي (القانون 140). التحدي الأكبر اليوم هو الحفاظ على سر الإيمان في ضمير نقي (بولس إلى تيطُس) وذلك بخاصة من خلال الأسرار المقدسة التي هي تجلي حياة يسوع فينا، وفي قلوبنا وضميرنا وقناعاتنا الإيمانية والأخلاقية والمجتمعية...

والتحدي الأكبر اليوم هو وجود الشباب في الكنيسة ومسيرة الإيمان مع شبابنا، ونقل وديعة الإيمان إليهم.

من هنا شعارنا المأثور الذي صار الشباب يعرفونه عن ظهر قلبهم: كنيسة بلا شباب كنيسة بلا مستقبل! وشباب بلا كنيسة شباب بلا مستقبل! فالشباب مستقبل الكنيسة! لا بل الشباب حاضر الكنيسة! والمستقبل يهيأ من خلال الحاضر، من خلال سر اليوم، سر الساعة، سر اللحظة!

ومن خلال هذا المجمع سنعمل على وضع الخطوط الأساسية لدليل خاص بالأسرار ولدليل آخر خاص بالشباب، وبالتالي لدليل خاص بالعمل الراعوي في كل أبرشياتنا. إن السعي إلى توحيد رؤيتنا الأسرارية وممارستنا الأسرارية وعملنا الشبابي في أطر واضحة ورؤية جميلة، هو الهدف الأكبر لمجمعنا البطريركي.

وهذا هو واجب أعضاء المجمع البطريركي الذين يمثلون كنيستنا في العالم، يمثلون رعاياهم ومؤسساتهم... واجبنا أن ننقل هذه الرؤية الموحدة إلى كل مكان.
هذا هو واجبنا المشترك، في البلاد العربية وبلاد الانتشار، لأن الشعب واحد والإيمان واحد، وتراثنا واحد وتقاليدنا واحدة هنا وهناك، ودورنا واحد ورسالتنا واحدة ومستقبلنا واحد.

وهكذا من منطلق وحدتنا الراعوية والأسرارية والعمل الموحد مع الشباب، يمكننا أن نغني الآخرين حولنا هنا وهناك، من مختلف الكنائس المسيحية، ومن مختلف المذاهب الإسلامية ومن مختلف الأديان والمعتقدات الأخرى وأعداء الإيمان... كل هؤلاء ينتظرون ثمار وحدتنا وثمار مجمعنا... ومن هذا المنطلق يمكننا أن نقوم حقًا بدورنا ورسالتنا.

إن مجمعنا البطريركي هو لأجلنا ولأجل العالم: العالم العربي وشعوب عالم الانتشار... إن مجمعنا هو لأجل كل مؤمن وعضو فرد روم كاثوليك في كنيستنا الرومية الملكية الكاثوليكية. لا نكرة ولا مكان للنكرة في كنيستنا! كلنا لنا دعوة مسيحية مقدسة واحدة! ولنا دعوة كنسية ومجتمعية واحدة. وهذا واجب المشاركين في المجمع أن يوصلوا هذا الكلام إلى الآخرين! إنهم هم ناقلو روح المجمع البطريركي وحاملو ثماره إلى الآخرين مثل افخارستيا وقربانة مقدسة.

وهكذا نحقق قول السيد المسيح لتلاميذه: "أنتم نور العالم! وهكذا فليضئ نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات" (متى 16:5).

وقبل أن أنهي كلمتي أتوجه بالقلب والعاطفة والدعاء إلى أبناء هذا البلد الحبيب لبنان حيث نعقد مجمعنا البطريركي في أسبوع يبدأ فيه الاستحقاق التاريخي لانتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية, إننا، من هذا المجمع نبعث إلى كل اللبنانيين رئيسا وحكومة وشعبا ومسؤولين أطيب التحية, ونقول لهم: "إننا كلنا نحب لبنان!"

إن قضاياه ومشاكله وآماله وتطلعات شعبه هي في قلبنا ودعائنا, وندعو اللبنانيين إلى المحبة والوئام والاتفاق لا بل إلى الاجماع على رئيس ينجح بإجماع اللبنانيين بينما سيفشل كل رئيس يأتي ثمرة انقساماتهم وولاآتهم مهما كانت كفاءاته, ولينتخب رئيس جمهورية يكون رئيس المحبة والوحدة اللبنانية.

ومن جديد ندعو الزعماء السياسيين وبخاصة المسيحيين إلى الصلاة ونقول لهم مع الأنشودة: "عودوا إلى الرب إن الملكوت قريب! عودوا إلى الحب فالخارج عنه غريب".

وندعو بهذه المناسبة إلى عودة الوفاق والمودة والتواصل بين لبنان وسوريا، لا بل إلى كل البلاد العربية, فإن وحدتها والتواصل الصادق بين شعوبها هو السبيل لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل في هذا الشرق المعذب. مع العلم أن السلام هو العنصر الأساسي لدور هذه البلاد العربية ولدور كنيستنا ولوقف نزيف الهجرة الذي يهدد مجتمعنا المشرقي.

كما أننا نهنئ بنوع خاص إخوتنا المسلمين في شهرهم الفضيل شهر الصوم والصلاة والصدقة والخلق الحميد. إننا بحاجة إلى كل القوى الروحية في مجتمعنا، لدى المؤمنين المسيحيين والمسلمين، لمقاومة العنف والإرهاب والحرب الأصولية، ولأجل بناء عالم أفضل تسود فيه حضارة المحبة والسلام.

ونرفع الدعاء بعبارات صلواتنا المقدسة: "أعطنا في هذا المجمع البطريركي أن نسبح بفم واحد وقلب واحد اسمك الجدير بكل كرامة والعظيم الجلال".

وليكن هذا المجمع البطريركي الذي نفتتحه الآن، مباركا باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحدآمين."


ثم عرض الامين العام للمجمع الاب ايلي قنبر لمراحل التحضير للمجمع وكيفية التنظيم والمنهجية, مشيرا الى ان هذا المجمع هو مجمع رعائي يعقد كل خمس سنوات غايته تطوير وتنمية المؤمن في حياته بابعادها المتعددة. اشارة الى ان اعمال المجمع تستمر لغاية السبت المقبل في 29 الجاري ويختتم ببيان يتضمن سلسلة توصيات.








All the contents on this site are copyrighted ©.