2007-09-08 16:49:39

البابا في عظة قداس ماريا زل: الله لم يفتد العالم بحد السيف بل بالصليب


ترأس البابا بندكتوس الـ16 صباح اليوم السبت في عيد ميلاد السيدة العذراء قداسا احتفاليا في كنيسة مزار ماريا زل بالنمسا التي تحتفل بذكرى مرور 850 عاما على قيامها وتشيدها، ورحب المطران إيغون كابلاري راعي أبرشية غراتس سيكاو بالأب الأقدس قبل بدء القداس الذي تليت خلاله صلوات وطلبات بلغات مختلفة.

تمحورت عظة البابا حول "النظر إلى يسوع" وهو موضوع اليوم للقاء الشبيبة الحاجة إلى معبد ماريا زل سطر فيها أهمية هذا المعبد المريمي الذي ومنذ 850 عاما يؤمه حجاج من مختلف الشعوب والأمم للصلاة حاملين معهم همومهم وأمانيهم وآمال بلادهم حتى غدا هذا المعبد للنمسا وخارجها مطرح سلام ووحدة، سائلا العذراء أن تدل الحجاج على من هو الطريق والهدف، الحق والحياة، يسوع المسيح.

وأشار البابا إلى أن الله يكتب ويخط في سطور تاريخنا البشري المعوجة لأنه يترك لنا الحرية لاكتشاف الدرب إلى حبه وأمانته، فمنذ إبراهيم الخليل يدعونا الله إلى توجيه حياتنا بتجدد دائم نحوه والسير بثقة صوب المسيح. إن القيام بمسيرة حج يعني توجيه الخطى إلى وجهة ما والسير نحو هدف وهذا ما يمنح الدرب ومشقتها رونقا خاصا. إن بعضا من حجاج نسب يسوع مَن أضاعوا الهدف وجعلوا من أنفسهم هدفا ولكن الله يبعث الأمل والرجاء من جديد في قلوب تتشوق إلى هدف حياتها، إلى الحق ذاته، الله الحي.

وتحدث الأب القدس عن عطش القلوب الجديدة إلى الله الذي اظهر وجهه وفتح قلبه لنا بيسوع المسيح: وحده قادر أن يروي غليلنا إلى الحقيقة، تلك القوة الداخلية التي نحن بأمس الحاجة إليها، والتي تكشف ذاتها بالمحبة، فنحن لا نستطيع إنتاج المحبة بل نقبلها ونبثها كعطية وهبة.

التطلع والنظر إلى يسوع المسيح هي دعوة الإنسان الباحث والمفتش التي تتحول إلى سؤل عفوي من مريم الأم العذراء تحديدا لكونها أعطت البشرية المسيح: أرينا يسوع! يدعونا الله، تابع البابا كلامه، أن نكون صغارا مثل يسوع الطفل الذي حملته مريم بين ذراعيها وأن ننزل عن عروشنا الكبيرة فنكون أطفالا أمامه.

 ويذكرنا الطفل يسوع بأطفال العالم: المعوزين والفقراء منهم والمجندين في النزاعات المسلحة، المحرومين من عطف ذويهم، المرضى والمتألمين وكذلك السعداء والمعافَين: إن قارة أوروبا تفتقر إلى أطفال نتيجة الأنانية والخوف من المستقبل. فلا حياة للأرض دون مستقبل مبني على الله الذي يشع بوجهه عليها: حيث الله هناك المستقبل!

التطلع إلى المسيح يعني النظر إلى المصلوب، فالله لم يفتدِ العالم بحد السيف بل بالصليب. وذراعا يسوع الممدودتان والمسمرتان على الصليب تتحولان إلى يدين مصليتين ومعانِقتين حبَ الله والإنسان.

وشدد البابا على أن المسيحية هي أكثر من نظام أخلاقي أو سلسلة مطالب وقوانين وتشريعات، إنها عطية صداقة تستمر في الحياة والممات، تقوي عزائمنا ومعنوياتنا إزاء تحديات زمننا الحاضر. فهذه الصداقة هي نَعَمٌ لله الذي يحبنا ويحترم حريتنا، نعم للعائلة، نعم للحياة، نعم للتضامن والمسؤولية الاجتماعية والعدل، نعم للحق ونعم لاحترام حقوق الإنسان وممتلكاته.

وختم الأب الأقدس عظته في كنيسة مزار ماريا زل سائلا مريم العذراء أن ترشد إلى يسوع كل الحجاج الوافدين إلى هذا المعبد وترافق حياتهم اليومية، فيجدوا مسرورين بمعيتها الطريق الصحيحة التي تفضي إلى النور الأزلي المغبوط.








All the contents on this site are copyrighted ©.