2007-05-13 17:16:05

قداس افتتاح المؤتمر العام 5 لأساقفة أمريكا اللاتينية والكراييب: إيمانكم بالله "المحبة" هو قوّتكم التي تنتصرون بها على العالم فهذا الإيمان جعل من أمريكا اللاتينية "قارة الرجاء" لا الأيديولوجيات السياسية أو الحركات الاجتماعية


ترأس البابا بندكتس السادس عشر عند الساعة العاشرة من صباح اليوم بتوقيت البرازيل القداس الإلهي في معبد أباريسيدا المريمي، مفتتحاً به أعمال المؤتمر العام الخامس لأساقفة أمريكا اللاتينية والكارييب. ألقى البابا أثناء الذبيحة الإلهية عظة استهلها مرحباً بجميع الحاضرين لاسيما ممثلي السلطات المدنية والعسكرية في البرازيل وحياهم بكلمات القديس بولس الرسول "عليكم النعمة والسلام من لدن الله أبينا ومن لدن الرب يسوع المسيح".

ثم قال البابا إن هذا الاحتفال الليتورجي يشكل ركيزة مؤتمر أباريسيدا لكونه يرتكز بدوره إلى الصلاة وسرَّي الإفخارستية والمحبة. فوحدها محبة المسيح التي يبعثها الروح القدس في القلوب تجعل من هذا الحدث الكنسي "أوان نعمة" بالنسبة إلى القارة الأمريكية والعالم برمته. وتابع قائلاً: يحدثنا كتاب أعمال الرسل عن مجمع أورشليم الذي عالج مسألة الوثنيين المرتدين إلى الدين المسيحي، واتخذ في أعقابه الرسل والشيوخ قراراً دونوه في رسالة سُلمت إلى موفدَين ليرسلاها إلى الجماعة المسيحية في أنطاكية.

إن هذه الحادثة الواردة في كتاب أعمال الرسل تسلط الضوء على أهمية "المناقشة الجماعية" للمشاكل والتحديات التي تعترض طريق الكنيسة. فالروح القدس يلهم "الرسل والشيوخ" الذين يساعدون الجماعة المسيحية في السير على طريق المحبة و"يرشدونها نحو الحق كله" (يوحنا 16، 13). هذا هو نمط عمل الكنيسة في المجامع الصغيرة والكبيرة. فالكنيسة تتألف من جماعة المؤمنين ـ من شعب الله ورعاته ـ والروح القدس، روح الله الآب الذي أُرسل لنا بواسطة ابنه يسوع المسيح. فالروح القدس، المعزّي، يرافق الكنيسة في مسيرتها الطويلة الممتدة بين المجيء الأول للمسيح ومجيئه الثاني. نعيش حالياً في "زمن الكنيسة" و"زمن الروح القدس" فمن خلال "الروح" يصبح يسوع "الطريق التي يسير عليها تلاميذه".

يصور لنا العهد الجديد يسوع "مرسلاً من عند الآب"، ويقول لتلاميذه "الكلمة التي تسمعونها ليست كلمتي بل كلمة الآب الذي أرسلني" (يوحنا 14، 24). لنوجه أنظارنا أيها الأخوة الأعزاء نحو المسيح لأن رسالة الكنيسة ليست إلا امتداداً لرسالة المسيح القائل "كما أرسلني الآب أرسلكم أنا أيضاً". لقد بلغت رسالة المسيح تمامها بالمحبة إذ أضرم في العالم نار محبة الله. فالمحبة تعطي الحياة، ولذا إن كنيسة اليوم مدعوة إلى نشر محبة المسيح في العالم كيما تكون لجميع البشر والشعوب الحياة و"تفيض فيهم" (يوحنا 10، 10).

أيها الأخوة الأعزاء ـ تابع البابا يقول ـ لقارة أمريكا اللاتينية كنز لا يُقدر بثمن وإرث روحي نفيس وهما "الإيمان بالله الذي هو محبة" وأظهر وجهه بيسوع المسيح. إيمانكم بالله "المحبة" هو قوّتكم التي تنتصرون بها على العالم، إنه فرحكم الذي يعجز أي كان عن انتزاعه منكم، أنه السلام الذي افتداه المسيح بدمه. فهذا الإيمان جعل من أمريكا اللاتينية "قارة الرجاء" لا الأيديولوجيات السياسية أو الحركات الاجتماعية! لقد دعاكم سلفي البابا يوحنا بولس الثاني إلى "تجديد التبشير بالإنجيل" ولم تتأخروا في تلبية هذا النداء، وأدعوكم بدوري اليوم ومع افتتاح أعمال مؤتمر أباريسيدا إلى أن تكونوا رسلاً أمناء للمسيح لتصبحوا مرسلين شجعان وفعّالين.

إن جمال أورشليم السماوية التي يتحدث عنه كتاب "الرؤيا" مستمد من مجد الله ومحبته، ومحبة الله وحدها تقرّبنا من هذه "المدينة المقدسة" وتجعل منها موطننا، فكل مؤمن مسيحي مدعو لأن يصبح حجارة حية في موطن الله الخلاب. والكنيسة التي تحييها محبة المسيح ليست إلا الصورة التاريخية لأورشليم السماوية. وسأل البابا في ختام عظته مريم العذراء أن تُلبَس الكنيسة في أمريكا اللاتينية والكراييب "قوة من العلى" (لوقا 24، 49)، كيما تسطع قداسة المسيح في هذه القارة والعالم بأسره. آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.