2007-04-09 13:09:09

اثنين القيامة: وقفة تأملية حول كلمة الحياة


فتركتا القبر مسرعتين وهما في خوف وفرح عظيم، وبادرتا إلى التلاميذ تحملان البشرى. وإذا يسوع قد جاء للقائهما فقال لهما: "السلام عليكما!" فتقدمتا وأمسكتا قدميه ساجدتين له. فقال لهما يسوع: "لا تخافا! اذهبا فقولا لإخوتي يمضوا إلى الجليل، فهناك يرونني". وبينما هما ذاهبتان جاء بعض رجال الحرس إلى المدينة، وأخبروا الأحبار بكل ما حدث. فاجتمعوا هم والشيوخ، وبعدما تشاوروا رشَوا الجنود بمال كثير وقالوا لهم: "قولوا إن تلاميذه جاؤوا ليلا فسرقوه ونحن نائمون. وإذا بلغ الخبر إلى الحاكم، أرضيناه ودفعنا الأذى عنكم". فأخذوا المال وفعلوا كما لقنوهم، فانتشرت هذه الرواية بين اليهود إلى اليوم. (متى 28/8-15)

 

التأمل: نور وظلمة

 

عندما قال الملاك لمريم المجدليّة ومريم الأخرى، أنّ الرب قام، أسرعتا بخوف وفرح نحو التلاميذ. الخوف العظيم يدل على مهابة الحدث، وهو أيضا حالة النفس المصلّية أمام سرّ الله.  والفرح العظيم يستولي على القلب، ما دامت رغبةُ القلب الأعمق لم تَمُتْ، بل هي حياة في الحيّ.  وها القائم من بين الأموات، يسوع، يلاقيهما، يعطيهما السلام.  هما تتعرفان عليه من دون صعوبة، تؤمنان فتسجدان، وتمسكان بقدميه، بقوته التي غلبت الموت والجحيم.

يدعوهما الربُّ إلى إعلان القيامة للإخوة، ويضرب لهم موعدا أكيدا.  يسوعُ نفسه، ينفي منهما الخوف لتبقى حقيقةُ الفرح، وتكتملَ السعادة.  هو يسلّمهما أكبر مهمات التاريخ، أن تعلنا قيامة سيّد التاريخ، وتشهدا له بكلّ غيرة.  هُوذا عالم النور، أَظهر سلطانَه بمَن هو النور الحق الآتي إلى العالم، والعالم به خُلق وبه خُلّص.  فمَن آمن بالنور لا بدّ له من أن يرى يسوع، أن يلتقيَ به، يسجد له ويعبده.

بالمقابل، يسعى عالم الظلمة المهزوم إلى إشاعة الكذب والافتراء.  فالحرس يروون، بتوجيه من رؤساء الكهنة، أنّ التلاميذ سرقوا يسوع ليلا، إذ كانوا هم نائمين.  كيف لحارسٍ نائم أن يرى؟  كيف لظالم ومُظلِم أن يشهد للحياة؟  هو يقبل المال ليشوّه الحقيقة، ويرفض أن يؤمن، لأنّه "يُفضّل الظلمة على النور".  ورغم محاولاتِ العدمِ اليائسة تتجلى حقيقةُ القيامة لتغيّر وجهَ العالم.  وفِعلا هذا ما اختبرناه ونختبره.  فبيسوع صار للإنسان معنى، وصار النورُ له مبعثَ حياة، وتحقيقَ سعادة في الحاضر، واستمراريّةَ نموّ حتى الامتلاء.

ولكن هل أؤمن بالنور إلى هذا الحدّ؟

هل أجرؤ على لمس قدمي القائم من بين الأموات، على التحلّي بقوّته لأنتصر على الظلام؟  أم أفضّل التقيّد بضماناتي البشرية الواهية، فأرفض الحياة قابلا الاعوجاج بدل الحقّ؟

أن أعلن إيماني بالقيامة هو أن ألتزم بالسلام، سلام القائم من الموت الذي ينفي الخوف ويعطي الفرح الحقيقي.

فإن تملّكتني الجرأة في لقاء يسوع، تفجّرتِ الظلمةُ التي فيّ فأضحت نورا، قيامةً لا مثيل لها، تنعش فيّ الحياة حتى اللانهاية.  نعم أؤمن بالنور.

المسيح قام حقا قام!








All the contents on this site are copyrighted ©.