2006-11-20 16:13:40

قداسة البابا يستقبل رئيس الجمهورية الإيطالية جورجيو نابوليتانو


استقبل قداسة البابا بندكتس السادس عشر، صباح اليوم الاثنين في الفاتيكان، رئيس الجمهورية الإيطالية جورجيو نابوليتانو في زيارة رسمية، ووجه إليه كلمة ذكّر فيها بما ورد في المجمع الفاتيكاني الثاني الذي أكد أن الجماعة السياسية والكنيسة مستقلتان لا ترتبط الواحدة بالأخرى في الحقل الخاص بكل منهما. غير أنهما تقومان، وإن بميزات مختلفة، بخدمة الدعوة الفردية والاجتماعية للناس ذاتهم. وإنهما لتقومان بهذه الخدمة لخير المجتمع وبمزيد من الفعالية بقدر ما تحاولان أن تتعاونا تعاونا صحيحا وفقا لظروف الزمان والمكان. وأشار الحبر الأعظم إلى أن الكنيسة والدولة مدعوتان ـ وفقا لرسالتهما الخاصة ـ إلى خدمة الإنسان. ففي الإنسان ـ قال البابا ـ تلتقي هاتان الجماعتان وتتعاونان لتعزيز خيره الكامل.

وذكّر الأب القدس في كلمته للرئيس الإيطالي بالبعد الديني للإنسان، الذي يتم أولا بأعمال داخلية طوعية واختيارية يتّجه بها الإنسان مباشرة نحو الله، وأشار إلى أن السلطة المدنية مدعوة لتنمية هذا البعد مذكّرا بما علّمه المجمع الفاتيكاني الثاني حول الحق في الحرية الدينية: "فيجب ألاّ يكون الإنسان مرغما على العمل ضد ضميره ولا يُمنع من التصرف وفقا له سيما في الأمور الدينية". وأضاف البابا يقول إن طبيعة الإنسان الاجتماعية نفسها تقتضي بأن يعبّر خارجيا عن أعمال الديانة الداخلية، وأن تكون له علاقات مع الآخرين فيما يختص بالأمور الدينية وان يجاهر بديانته بصورة جماعية.

وذكّر قداسته أيضًا بأن الحرية الدينية ليست حقا من حقوق الفرد وحسب، بل هي حق العائلة والجماعات الدينية والكنيسة نفسها، وأشار إلى أن الإحترام الملائم للحق في الحرية الدينية يتطلب بالتالي التزام السلطة المدنية في توفير الظروف المؤاتية لإنماء الحياة الدينية، حتى يتمكن المواطنون من ممارسة حقوقهم فعليا وتتميم واجباتهم الدينية، فينعم المجتمع نفسه بخيور العدالة والسلام الناتجة عن أمانة الناس لربهم ولمشيئته المقدسة. وأكد البابا أن هذه المبادئ التي أعلن عنها المجمع الفاتيكاني الثاني تشكل إرث مجتمعات مدنية عديدة، بينها إيطاليا.

وعاد قداسته بالذاكرة لما قاله للمشاركين في المؤتمر الوطني الكنسي الذي عُقد مؤخرا في فيرونا، حين أكد أن الكنيسة تهتم بخير الجماعة السياسية. وأشار البابا إلى أن المؤمنين العلمانيين الذين يعملون بمسؤولية ويستخدمون حق المشاركة في الحياة العامة، يلتزمون مع باقي أعضاء المجتمع في بناء نظام عادل في المجتمع، كما ويستندون في عملهم إلى القيم والمبادئ الأنتروبولوجية والأدبية المتجذّرة في طبيعة الكائن البشري.

وعندما يلتزمون بقوة الكلمة والعمل ـ أضاف البابا يقول ـ بهدف مواجهة التحديات الكبيرة والمتمثلة بالحروب والإرهاب والجوع والعطش والفقر المدقع وبعض الأوبئة الخطيرة إضافة إلى حماية الحياة البشرية في جميع مراحلها، من الحبل بها وحتى موتها الطبيعي، وفي تنمية العائلة المؤسسة على الزواج والمسؤولة الأولى عن التربية، فإنهم يقومون بذلك وفقا لقواعد التعايش الديمقراطي من اجل خير المجتمع بأسره. وأشار البابا إلى أن القسم الأكبر من القيم التي عدّدها، ينص عليها الدستور الإيطالي. وختم الأب الأقدس كلمته إلى رئيس الجمهورية الإيطالية جورجيو نابوليتانو متمنيا أن تعرف الأمة الإيطالية السير على درب النمو الصحيح وتقدّم للجماعة الدولية إسهامها القيم من خلال تعزيز هذه القيم الإنسانية والمسيحية التي تعكس تاريخها وثقافتها وإرثها المثالي القانوني والفني.

وعن هذه الزيارة، أصدرت دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي بيانا جاء فيه أن رئيس الجمهورية الإيطالية التقى بعد اجتماعه بالأب الأقدس كلا من أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكردينال تارشيزيو بيرتوني وأمين سر الدولة للعلاقات مع الدول المطران دومينيك مامبيرتي،يرافقه وزير الخارجية ماسيمو داليما. وكانت اللقاءات ودية، تم التطرق خلالها إلى العلاقات الجيدة بين الكرسي الرسولي وإيطاليا، وبين الكنيسة والدولة في البلاد. ففي احترام الحق في الحرية الدينية والسيادة الذاتية للجماعة الكنسية والمدنية إضافة إلى التعاون المتبادل، يواصل الإيطاليون الكاثوليك تقديم إسهامهم لصالح كرامة الإنسان وحماية الحياة والعائلة وخير المجتمع العام. كما سمحت اللقاءات ـ ونقلا عن بيان دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي ـ بالتطرق إلى بعض المسائل الدولية، سيما الوضع في الشرق الأوسط ومسيرة الاندماج الأوروبي والمشاكل الخطيرة التي تعاني منها القارة الأفريقية. وتم التأكيد على أن الكرسي الرسولي وإيطاليا سيواصلان التعاون من أجل تحسين عمل المؤسسات الدولية. 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.