2006-09-04 17:04:47

رسالة قداسة البابا لمناسبة الذكرى السنوية 20 للقاء الأديان في أسيزي

لا بد أولا من بناء السلام في القلب


احتفالا بالذكرى السنوية العشرين للقاء الأديان في أسيزي للصلاة من أجل السلام، والذي دعا إليه يوحنا بولس الثاني في 27 من تشرين الأول أكتوبر من عام 1986، وجه قداسة البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الاثنين رسالة إلى أسقف هذه المدينة الإيطالية المطران دومينكيو سورّينتينو، قال فيها إنّ اللقاء شكل رسالة قوية لصالح السلام وأدى إلى إتخاذ مبادرات عديدة في هذا الإتجاه، وحتى يومنا هذا، تسلط الضوء على قيمة حدس يوحنا بولس الثاني وتظهر آنيته في ضوء الأحداث نفسها التي وقعت خلال السنوات 20 الماضية، وأهمها، وبدون أدنى شك، سقوط الأنظمة المستوحاة من الشيوعية، في أوروبا الشرقية. وأشار قداسته إلى أنّ الألف الثالث بدأ بسيناريوهات إرهاب وأعمال عنف، كما وأن النزاعات المسلحة الدائرة اليوم سيما على خلفية التوترات الجيو سياسية الموجودة في مناطق عديدة، قد تعزّز الشعور بأنّ التعديدية الثقافية ليست وحدها، إنما الاختلافات الدينية نفسها، تشكل سببا لغياب الإستقرار أو تهديدًا لرؤى السلام.

ومن هذا المنظار بالذات، أضاف الأب الأقدس يقول، تتخذ مبادرة يوحنا بولس الثاني طابعًا نبويا. فدعوته قادة الأديان العالمية لشهادة سلام جماعية، وضّحت بأنّ الدين لا يمكن إلاّ أن يكون في طليعة العاملين من أجل سلام. وكما علّمنا المجمع الفاتيكاني الثاني في بيانه حول علاقة الكنيسة بالأديان غير المسيحية:"لا نستطيع أن ندعو الله أبا الجميع، إذا رفضنا أن نسلكَ أخويا تجاه بعض الناس المخلوقين على صورة الله". وعندما يبلغ المعنى الديني نضجه، يولّد في المؤمن اقتناعًا بأن الإيمان بالله، خالق الكون وأب الجميع، لا يستطيع إلا أن يعزّز علاقات الأخوّة الشاملة بين البشر.

وتابع البابا بندكتس السادس عشر يقول: إن اللقاء الذي جرى في أسيزي بدعوة من خادم الله يوحنا بولس الثاني، يسلّط الضوء على قيمة الصلاة في بناء السلام. ونحن ندرك صعوبة المسيرة باتجاه هذا الخير الأساسي. وأشار قداسته إلى أن السلام، وقبل أي شيء، يُنبى في القلب. وإلى جانب البعد "الأفقي" للعلاقات مع باقي البشر، يظهر فائق الأهمية البعدُ "العامودي" لعلاقة كل شخص بالله. وقد طلب يوحنا بولس الثاني في لقاء أسيزي عام 1986 صلاة حقيقية تُشرك الوجود بأكمله، وأراد أن يرافقها الصوم ويُعبّر عنها في الحج، علامة السير نحو اللقاء بالله. وشرح يوحنا بولس الثاني أن الصلاة تطلب أيضًا توبة القلب.

وشدد قداسته أيضًا على أهمية التربية على الصلاة، سيما بالنسبة للأجيال الجديدة. فشبان كثيرون، وفي مناطق عديدة من العالم مطبوعة بالنزاعات، تتم تربيتهم على مشاعر الكراهية والثأر، وفي إطارات أيديولوجية تنمي بذار الأحقاد القديمة وتُعدّ الأنفس لأعمال عنف مستقبلية. ولذلك، لا بد من كسر هذه الحواجز وتعزيز الحوار. وأشار البابا في رسالته إلى أن القديس فرنسيس الأسيزي قد جسّد بطريقة مثالية الطوبى التي أعلنها يسوع في الإنجيل:"طوبي لفاعلي السلام فإنهم أبناء الله يدعون". والشهادة التي قدّمها في زمنه شكّلت مرجعًا لجميع الذين وحتى يومنا هذا، يعملون لصالح السلام واحترام الطبيعة والحوار بين الأشخاص وبين الأديان والثقافات. وذكّر الحبر الأعظم في ختام رسالته بأن الذكرى السنوية العشرين لمبادرة يوحنا بولس الثاني للصلاة من أجل السلام، تتزامن والذكرى المئوية الثامنة لتوبة القديس فرنسيس، مانحا الجميع بركته الرسولية.








All the contents on this site are copyrighted ©.