2006-08-23 14:55:27

نافذتنا اليومية على أهم الأحداث العالمية الأربعاء 23 أغسطس 2006


إيران والمواجهة الكبرى. هل تبدأ الحرب السابعة بين إسرائيل وإيران؟

رد إيران على العرض الذي قدمته الولايات المتحدة باسم الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن تضمن حوافز اقتصادية وسياسية وتقنية مغرية مقابل تخليها عن مشاريعها في تخصيب اليورانيوم وما يترتب عليها من طموحات نووية. وكل الدلائل تشير إلى أن إيران ما زالت ترفض الشروط الأمريكية وتتمسك ببرنامجها النووي كاملا مهما كانت النتائج. جون بولتون أحد أبرز مهندسي الغزو الأمريكي للعراق قال إن بلاده ستتحرك بسرعة لحمل مجلس الأمن على فرض عقوبات اقتصادية على إيران إذا لم تستجب للشروط المحددة من قبل الدول الكبرى.

إيران ترى من حقها تخصيب اليورانيوم لتوليد الطاقة. ومعاهدة الحد من الانتشار النووي كفلت هذا الحق. لذلك أعلنت استخدامها أجهزة طرد مركزي ذات قدرات عالية في هذا الخصوص للتعبير عن تحديها للولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى التي تطالبها بوقف عمليات التخصيب. مصدر قوة إيران يكمن في ضعف الإدارة الأمريكية الحالية وفشل حروبها وخاصة في العراق وأفغانستان وأخيرا في لبنان وزيادة رصيدها من الكراهية في العالمين العربي والإسلامي.

تستطيع إيران أن تكبد الولايات المتحدة خسائر ضخمة مادية وبشرية كرد على أي عقوبات اقتصادية تفرض عليها. وهي تملك أوراق قوة عديدة في هذا الصدد ومنها إدراكها أنه باستطاعتها إفساد المشاريع الأمريكية في العراق وأفغانستان ولبنان. فمثلما ساعدت إيران الولايات المتحدة بطريقة غير مباشرة في الإطاحة بالنظامين الطالباني والعراقي بالصمت أو بالإيعاز للجماعات الحليفة بالتعاون مع مشاريعها هذه تستطيع أن تستخدم الجماعات نفسها للعمل ضد القوات الأمريكية في البلدين. ومن المفارقة أن واشنطن هي التي دربت هذه الجماعات وسلحتها ودمجتها في قوات الأمن والجيش مثلما حدث في العراق.

ثم أن إيران تستطيع الرد على أي عقوبات أمريكية بزعزعة استقرار منطقة الخليج حيث يوجد ثلثا احتياطي النفط في العالم كما حدث أثناء الحرب العراقية الإيرانية مع فارق بسيط أن إيران أكثر قوة واستعدادا في الوقت الراهن إذ نجحت في تطوير صناعتها العسكرية وامتلكت غواصات وصواريخ بعيدة المدى. وهذا ربما يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط الأمر الذي سيؤثر سلبا على الاقتصاد الأمريكي والغربي.

زد إلى ذلك أن إيران لم تعد تحتاج إلى ضرب واشنطن ونيويورك بالصواريخ أو إرسال فرق إرهابية للقيام بهذه المهمة فهناك 140 ألف جندي أمريكي في العراق وأقل من ثلث هذا الرقم في أفغانستان وهؤلاء سيتحولون إلى صيد سهل للحرس الثوري الإيراني والجماعات المرتبطة به في البلدين. ناهيك عن أن فرض عقوبات على إيران ربما يؤدي إلى انفجار الهدنة في لبنان وتحويل البلد إلى فوضى عارمة وهذا ما يفسر تردد الدول الأوروبية وفرنسا على وجه التحديد في إرسال عدد كبير من الجنود في إطار قوات اليونيفيل.

وإن هذه الدول الحليفة لواشنطن على اطلاع بالنوايا الأمريكية البعيدة المدى تجاه إيران ولهذا تراجعت عن حماسها في إرسال القوات. وربما هذا ما يفسر أيضا قرار شركات طيران أوروبية عديدة بتأجيل استئناف رحلاتها إلى بيروت حتى نهاية هذا الشهر موعد المهلة النهائية لإيران للرد على العروض الأممية المقدمة إليها. وكما استخدمت أمريكا الضربات الاستباقية كحجر أساسي في استراتيجيتها تجاه ما تسميه بالإرهاب والدول الداعمة له فإن إيران لجأت إلى الاستراتيجية نفسها في لبنان عندما دعمت حزب الله في حربه الأخيرة ضد إسرائيل وهي الحرب التي أدت إلى انتصار غير مسبوق وكانت بمثابة تجربة لحرب أكثر شراسة في حال حدوث مواجهة عسكرية محتملة بين إيران والولايات المتحدة.

المؤشرات الراهنة تشير إلى اتجاه المنطقة نحو المواجهات العسكرية. والأسابيع القادمة ستشهد عملية تهيئة لها سواء من خلال قرارات أممية ضد إيران توفر الغطاء القانوني أو من خلال إقامة تحالفات دولية وإقليمية على غرار ما حدث في العراق. رئيس الحكومة البريطانية والحليف الأقرب للرئيس بوش بدأ عملية التمهيد هذه قبل أسبوعين عندما تحدث عن وجود قوس التطرف المتنامي في الشرق الأوسط يضم إيران وسوريا وحزب الله وحماس وطالب بمواجهته من خلال قوس من الاعتدال يضم دولا عربية وإسلامية مثل مصر والسعودية والأردن. الرئيس بوش ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك عندما هاجم ما سماه بالفاشية الإسلامية بعد اكتشاف مؤامرة نسف الطائرات الأمريكية المنطلقة من أحد المطارات البريطانية وأكد أنه سيتصدى لها لأنها تهدد العالم.

الولايات المتحدة لا تستطيع أن تتحمل وجود قوة إقليمية نووية قرب منابع النفط واحتياطاته وإمداداته لأن هذا سيهدد هيمنتها ويضعفها على المدى البعيد في مواجهة القوى الكبرى الصاعدة وهي الصين والهند وأوروبا التي تعتمد اعتمادا كليا على النفط المستورد. المواجهة مع إيران لن تكون مثل المواجهة مع العراق لأن العراق أنهكه الحصار مثلما أنهكه تآمر الدول العربية. إيران أكثر قوة وتستطيع الصمود والمقاومة وتملك أسلحة تمكنها من الدفاع عن نفسها وإلحاق أكبر قدر من الأذى بالولايات المتحدة وحلفائها. إيران تملك ورقة الإرهاب ولها جماعات منتشرة في مختلف أنحاء العالم تنتظر إشارة البدء وكذلك أيضا صواريخ قادرة على ضرب القواعد الأمريكية في الخليج وإغلاق مضيق هرمز حيث يمر 18 مليون برميل نفط يوميا إلى الغرب.

المواجهة في لبنان كانت بين حليف إيران حزب الله وحليف أمريكا إسرائيل وانتهت بفوز الأول وخسارة الثاني. ونحن الآن بانتظار مواجهة الكبار بعد أن شاهدنا مواجهة فريقي الأشبال. ولا نعتقد أن الولايات المتحدة ستخرج فائزة. وإن خرجت فسيكون الثمن باهظا جدا لمثل هذا الفوز. أما الخاسر الأكبر فسيكون الدول العربية الحليفة لواشنطن التي شاركت أمريكا في كل حروبها ولم تكسب شيئا في المقابل. وستدفع هذه المرة ثمن هذه المشاركة من أمنها ونفطها ومالها. أما إسرائيل فقد تكتشف أن مواجهة صواريخ حزب الله كانت عبارة عن نزهة بالمقارنة مع الصواريخ الإيرانية التي ستصل إلى ما هو أبعد أبعد من حيفا فعلا.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.