2006-07-19 14:30:20

نافذتنا اليومية على أهم الأحداث العالمية الأربعاء 19 يوليو 2006


استمرار حرب الإبادة في لبنان وسط صمت عربي وجهود دولية خجولة

تستمر حرب الإبادة الإسرائيلية في لبنان ومعها الصمت العربي الرسمي. واللافت أن توازنا للرعب يتبلور مع كل يوم يطول فيه أمد الحرب. فالإسرائيليون يحذرون حزب الله من قصف تل أبيب أو المعامل البتروكيميائية في ميناء حيفا لأن الرد سيكون على شكل تدمير محطات الكهرباء في بيروت. وجديد هذه المواجهة أيضا أن الرئيس بوش بات يتحدث عن سوريا كمرجعية يرى أنه لا بد من اللجوء إليها والتفاوض معها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار الأمر الذي يشكل انقلابا في موازين القوى السياسية والدبلوماسية في المنطقة حتى ولو قال مؤخرا إنها تنوي العودة إلى لبنان.

وبانتظار وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس التي تعتزم زيارة المنطقة في الأيام القليلة القادمة لإيجاد مخرج للأزمة الحالية في لبنان سيستمر القصف وعملية تدمير البنى التحتية في لبنان أقله على حد قول البيت الأبيض. وقد لا تتوجه رايس إلى الرياض والقاهرة وعمان وإن ذهبت فللمجاملة فقط لأن زعامات هذه الدول إلى جانب رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية باتت خارج دائرة الفعل ولا تملك أي دور في مسألة الرهائن الإسرائيليين العسكريين أو طبيعة الصراع الدائر حاليا على أرض لبنان.

إن الحرب التي تشنها إسرائيل على لبنان حرب على جسور ومطارات وطرق وسيارات إسعاف. وهي حرب غير أخلاقية بكل المقاييس ولن تعطي إلا نتائج عكسية تماما سيما وأنها أجبرت ما يقارب 500 ألف مواطن في جنوب لبنان على النزوح ولكن إلى أين؟ فحزب الله لن يفرج عن الجنديين الأسيرين ومعظم اللبنانيين توحدوا خلفه. والأخطر من ذلك بالنسبة إلى إسرائيل والولايات المتحدة هو بزوغ هلال المقاومة الذي يمتد من العراق إلى لبنان. والويل إذا انتقلت بعض الجماعات المقاتلة في العراق إلى جنوب لبنان ومعها خبراتها. لقد أعادت إسرائيل لبنان إلى صورته التي كان عليها في السبعينات وبداية الثمانينات.

وإذا كانت إسرائيل هي من تبرر عدوانها بذريعة تخليص ثلاثة من جنودها تم أسرهم من قبل المقاومة الفلسطينية واللبنانية فإنها بتلك الأعمال اللاإنسانية وغير المنطقية تتجاوز في حقيقة الأمر تلك الذريعة المتمثلة في تحرير جنودها الثلاثة إلى تنفيذ أجندة خاصة بها ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني والأمة العربية والمنطقة عموما وذلك عن طريق خلط الأوراق إقليميا ودوليا. ويبلغ الأمر مداه من التناقض عندما نجد إسرائيل وهي من تشن حربا مفتوحة وتطلق العنان لآلتها العسكرية لتقتل وتدمر وترتكب المجازر بدافع تخليص ثلاثة جنود في الوقت الذي تكتظ فيه سجونها بعشرات الآلاف من المعتقلين الفلسطينيين واللبنانيين والعرب ومنهم الأطفال والشيوخ والنساء ووزراء وأعضاء مجلس تشريعي انتخبهم الشعب الفلسطيني بإرادة حرة وانتخابات ديمقراطية شهد العالم بنزاهتها.

ما من شك أن التصعيد الإسرائيلي ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني يضع المنطقة أمام تهديدات خطيرة تنذر بتقويض أسس الأمن والاستقرار فيها بل إن ذلك التصعيد يضع هذه المنطقة أمام مصير مجهول واحتمالات تنبئ بأسوأ الكوارث. ولهذا فعلى المجتمع الدولي وفي المقدمة الدول الثماني الكبرى الاضطلاع بمسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية في التدخل الحازم والعاجل لوقف العدوان وإلزام إسرائيل بالخضوع لاستحقاقات السلام العادل والانصياع للإرادة الدولية وقراراتها ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي.

زد إلى ذلك أن الوضع في المنطقة سيظل ملتهبا وغير مستقر إذ إن استمرار سياسة العدوان الإسرائيلي يبدد كل الجهود المبذولة في مجال مكافحة الإرهاب ويهيئ المناخ المشجع لتنامي ظاهرة التطرف والإرهاب في المنطقة والعالم إذا ما أدركنا تزايد مشاعر الإحباط واليأس في النفوس خاصة لدى الشباب العربي نتيجة تمادي إسرائيل في غطرستها واعتداءاتها المتكررة التي لا تجد من يردعها وكذلك غياب العدالة الدولية وطغيان سياسة الكيل بمكيالين في تطبيق قرارات الشرعية الدولية حيث أن مثل هذه الأسباب توفر الأرضية المناسبة لقوى التطرف والإرهاب لجذب أولئك  الشباب إلى صفوفها ودفعهم لارتكاب أعمال العنف التي تهدد الاستقرار والسلم الإقليمي والدولي.

والسؤال الذي لا يجب إهماله هو أن إسرائيل حتى ولو استطاعت تصفية السيد حسن نصر الله فهل يعني ذلك أن حزب الله سيندحر من جنوب لبنان؟ ألم تقم تل أبيب من قبل بتصفية أحمد ياسين الأب الروحي لحركة حماس دون أن تحقق النتائج التي كانت ترمي إليها من وراء تصفيته؟ ألم تتضاعف حماس قوة بعد تصفية ياسين بدليل وصولها إلى ما وصلت إليه من تربعها على كرسي الحكومة الفلسطينية؟ وما القول عن مساعي بعض القوى العظمى بمحاسبة حزب الله أو غيره في المنطقة؟ ولكن على ما محاسبته؟ على دفاعه عن أرضه أمام خرق لسيادة الوطن بالمقاتلات والسفن الحربية والصواريخ والمدافع لمنع الغزاة من تدمير الوطن؟

أما عن الجهود الدولية الخجولة فقد عاد منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافير سولانا ليجدد دعوته لوضع حد للنزاع بين إسرائيل وحزب الله متوجها إلى جميع الأطراف المورطة والمتفرجة كل حسب قدراته. أكد سولانا أن الاتحاد الأوروبي سيبذل كل ما في وسعه لوقف بحر الدم في لبنان. روسيا من جهتها تعارض فكرة إرسال قوة فصل دولية إلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية إذ إن هذا الأمر يقتضي موافقة الطرفين المورطين في النزاع وتؤكد ضرورة إيجاد تسوية سياسية دبلوماسية للأزمة.

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.