2006-05-17 15:48:37

البابا يُجري مقابلته العامة مع المؤمنين حول موضوع: بطرس الصياد


أجرى قداسة البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة المعتادة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان،  وجاء تعليم الأب الأقدس لهذا الأسبوع حول موضوع: بطرس الصياد. قال البابا: تأتي كتابات العهد الجديد على ذكر القديس بطرس مائة وأربعاً وخمسين مرة باللغة اليونانية "بيتروس" ويعني "الصخرة"، وهو ترجمة الاسم الآرامي "كِيْفا" الذي أعطاه يسوع لبطرس، وترد هذه الكلمة الآرامية تسع مرات في رسائل القديس بولس الرسول. ويرد في الأناجيل اسم القديس بطرس: سمعان، سمعان ابن يونا (متى 16، 17) وسمعان من بيت صيدا (يوحنا 1، 41)، وهي بلدة تقع شرق بحر الجليل والتي قدم منها أيضاً فيليبس وأندراوس أخو سمعان.

كان سمعان يهودياً مؤمناً، وضع ثقته بحضور الله في تاريخ شعبه. كان متأهلاً، وكانت حماته، التي شفاها يسوع، تُقيم في كفرناحوم في منزل أقام فيه أيضاً سمعان عندما كان في المدينة. تروي لنا الأناجيل أن بطرس كان من بين التلامذة الأربعة الأوائل الذي دعاهم يسوع (لوقا 5، 1 ـ 11). وعندما رفع يسوع عدد تلاميذه إلى اثني عشر تلميذاً ظهرت رسالته بوضوح أكبر إذ جاء إلى العالم ليجمع شعب الله "إسرائيل" لأن هذا العدد يرمز إلى أسباط إسرائيل الاثني عشر.

يظهر سمعان في الأناجيل رجلاً مندفعاً ومصمماً، لكنه في الوقت نفسه استسلم للخوف، لكنه كان نزيهاً وصادقاً. بدأت رسالة القديس بطرس يوم دعاه يسوع، فيما كان يقوم بعمله على شاطئ بحيرة جناسرت، كما يروي لنا إنجيل القديس لوقا: ازدحم الجمع على يسوع لسماع كلمة الله، وهو قائم على شاطئ بحيرة جناسرت، فرأى سفينتين راسيتين عند الشاطئ، وقد نزل منهما الصيادون يغسلون الشباك. فصعد إلى إحدى السفينتين وكانت لسمعان، فسأله أن يُبعد قليلاً عن البر. ثم جلس يعلم الجموع من السفينة. ولما فرغ من كلامه قال لسمعان: سر في العرض وأرسلوا شباككم للصيد. فأجاب سمعان: يا معلم، تعبنا طوال الليل ولم نصب شيئاً، ولكني أرسل الشباك بناء على قولك (لوقا 5، 1 – 5).

لم يكن يسوع خبيراً في شؤون الصيد ـ تابع البابا يقول ـ لكن سمعان الصياد وضع ثقته بالمعلم، وأذهله الصيد العجائبي، "فارتمى عند ركبتي يسوع وقال: يا رب تباعد عني إني رجل خاطئ" (لوقا 5، 8). غير أن يسوع دعاه إلى أن يثق به والانفتاح على مخطط يتجاوز جميع تطلعاته: "لا تخف! ستكون بعد اليوم للناس صيادا" (لوقا 5، 10). بطرس أجاب بـ"نعم" على هذه الدعوة واضعاً ثقته بيسوع فأصبح تلميذاً للرب.

وهناك لحظة هامة أخرى طبعت مسيرة القديس بطرس الروحية: عندما سأل يسوع تلاميذه "من أنا في قول الناس؟" (مرقس 8، 27). لكن يسوع لم يكتفي بالإجابة على هذا السؤال لأنه ينتظر موقفاً شخصياً من الذين تبعوه، لذا سأل تلاميذه "ومن أنا في قولكم أنتم؟" (مرقس 8، 29). فأجاب بطرس نيابة عن الآخرين قال: "أنت المسيح" (مرقس 8، 30). إن هذه الإجابة التي كشفها الآب السماوي لبطرس (متى 16، 17) حملت في داخلها بذرة إيمان الكنيسة.

لكن سمعان لم يفهم بعد عمق رسالة يسوع المسيحانية، وهذا ما أظهرته ردة فعله أمام تنبؤ يسوع بآلامه، فانفرد بيسوع وأخذ يعاتبه (مرقس 8، 32) لأنه كان رجلاً انفعالياً، لكن جواب يسوع زعزع أسس تطلعاته الزائفة فقال له "اذهب عني يا شيطان لأن أفكارك ليست أفكار الله بل أفكار البشر" (مرقس 8، 33). وهكذا عرف بطرس ما معنى أن نتبع الرب، وفهم معنى دعوة المسيح لتلاميذه "من أراد أن يتبعني فليزهد بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني لأن الذي يريد أن يخلّص حياته يفقدها وأما الذي يفقد حياته في سبيلي وسبيل البشارة فإنه يخلّصها" (مرقس 8، 34 – 35). قبل بطرس هذه الدعوة وبدأ مسيرته على خطى المعلم.

وبعد نهايته تعليمه الأسبوعي وجه الحبر الأعظم كعادته تحياته بلغات عدة إلى وفود الحجاج والمؤمنين الذين غصت بهم الساحة الفاتيكانية، وسأل للكل حماية العذراء مريم الوالدية مانحاً الجميع فيض بركاته الرسولية.








All the contents on this site are copyrighted ©.