2006-03-25 14:54:18

إنجيل الأحد 26 آذار مارس 2006 وقفة تأمل حول كلمة الحياة


وكما رفع موسى الحيَّة في البرية

فكذلك يجب أن يُرفع ابن الإنسان

لتكون به الحياة الأبدية لكلِّ من يؤمن

فإنَّ الله أحبَّ العالم

حتى إنَّه جادَ بابنه الوحيد

لكي لا يهلك كلُّ من يؤمن به

بل تكون له الحياة الأبدية

فإنَّ الله لم يُرسل ابنه إلى العالم

ليدين العالم

بل ليخلّصَ به العالم؟

من آمن به لا يُدان

ومن لم يؤمن به فقد دينَ منذ الآن

لأنَّه لم يؤمن

باسم ابن الله الوحيد.

وإنَّما الدينونة هي

أنَّ النورَ جاء إلى العالم

ففضَّل الناسُ الظلامَ على النور

لأنَّ أعمالهم كانت سيئة.

فكلُّ من يعمل السيئات يبغضُ النور

فلا يُقبلُ إلى النور لئلاَّ تُفضَح أعماله.

وأما الذي يعمل للحق

فيُقبل إلى النور

لتُظهَر أعماله وقد صُنعت في الله. يوحنا 3/14 ـ 21

 

التأمل RealAudioMP3

 

يعتقد البعض أنّ انتظار اليوم الأخير، يوم الدينونة، يشكّل أساس الحسّ الديني في الإنسان.  هكذا تضحي كل حياة المتديّن ردة فعل أمام الخوف الوجودي من الهلاك الأبدي، فيخلق حوله عالما من الشرائع انطلاقا من الأخلاق، ممّا يحدّ الحرية ويقتل الرغبة في الله. ولكن هل يعكس ذلك حقيقةَ ما يريده الخالق؟

يجيبنا الربّ يسوع من خلال كلمته اليوم، لاغيًا كلّ ترهيب أو ترغيب، مُظهرا العلاقة به كفعل مجاني، متجذّر بالنعمة الإلهية. إنه الإيمان.  إنّه، بحسب كلمة الربّ، انجذاب إلى الحقيقة التي يعلنها يسوع عن جوهر الله الذي يرغب، أشدّ الرغبة، في إشراك الإنسان في حياته المغبَّطة.  الله يحبّ الإنسان، ومحبته هذه ليست اعتبارا فوقيًّا يُترجَم بالعقاب عند المخالفة، بل هي بالأحرى خلاص، حياة.  والآب السموي يُجلي عمقَ هذه المحبة الخلابة بأن يهب "ابنه الأوحد" (يو 3/16).  فالمحبة الإلهية عطاء للذات من غير حساب. هي التزام صميم بالمحبوب، انحدار إليه في واقعه، للارتفاع به من مستوى الزمن إلى حياة الأبد أي السعادة باللقاء الدائم...  الآب يسخو علينا بابنه.  وبذلك يحقّقُ تاريخَ الخلاص، تدبيرَه في أن يفتدي يسوعُ البشريةَ جمعاء، كلَّ إنسان، فنكون خليقة جديدة، تنعمُ بعرس الحمل.  هذا سرُّ الله في حركة الحبّ التنازلية التصاعدية، من الانحناء على الإنسان وأخذ طبيعته وحمل وقر الآلام والموت على الصليب، حتى القيامة، سبب قداستنا.

أمام حقيقة الله هذه المختبَرة في واقعنا، تواجهنا دعوةٌ لأخذ موقف واضح.  فإذا كنّا منسجمين مع أعمق رغباتنا بالله، كان قرارنا الإيمان، فنثق بمن نؤمن به، حتى المستحيل، ونرتكز على الصخر من دون مساومات.  إنّه خيار النور على الظلمة.  إنّه جوابٌ مِن عُمق الحياة على عالم اليوم الداعي إلى ظلمة العقل والإرادة، إذ يؤلِّهُ الأنا في الاسترسال بعبادة الميول المباشرة.

جواب الإيمان واحد: نعم للتحدّي الصعب.  نعم للنور حتى الشهادة.  نعم لجهالة الصليب في إعلان أولوية يسوع وحبّه على الإطلاق.  نعم! بهذا أومن.  بهذا أجد كمال إنسانيّتي.








All the contents on this site are copyrighted ©.