2006-03-22 15:33:10

مقابلة قداسة البابا العامة مع المؤمنين: الرسل شهود المسيح ومرسلوه


أجرى قداسة البابا بندكتس السادس عشر عند الساعة العاشرة والنصف من صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة المعتادة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان.  وتمحور تعليم قداسته هذا الأسبوع حول موضوع "الرسل شهود المسيح ومرسلوه".  قال البابا في تعليمه: "إن رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل أفسس تقول لنا إن كنيسة المسيح بُنيت "على أساس الرسل والأنبياء وحجر الزاوية هو المسيح يسوع نفسه" (أفسس 2، 20).  وفي سفر الرؤيا، يظهر بوضوح أكبر دور الرسل، وبالتحديد الاثني عشر، في البعد الإسكاتولوجي لأورشليم السماوية، التي تظهر بمثابة "مدينة يقوم سورها على اثني عشر أساساً، على كلّ منها اسم من أسماء رسل الحمل الاثني عشر" (رؤيا 21، 14).  أما الأناجيل المقدسة فتُظهر كلها أن دعوة الرسل طبعت بداية رسالة يسوع المسيح، بعد نواله سر العماد من يد يوحنا المعمدان في نهر الأردن.

وتابع البابا يقول: يروي إنجيلا القديسين مرقس (1، 16 ـ 20) ومتى (4، 18 ـ 22) أن يسوع دعا الرسل الأولين على ضفاف بحيرة الجليل.  كان يسوع قد بدأ لتوه يبشر بملكوت السماء عندما وقع ناظراه على الشقيقين سمعان وأندراوس، والشقيقين يعقوب ويوحنا.  كانوا كلهم صيادين منهمكين بعملهم اليومي.  كانوا يلقون الشباك في البحيرة ويصلحونها.  لكن كان بانتظارهم صيد من نوع آخر.  قرروا أن يتبعوا يسوع فأصبحوا "صيادي بشر" (مرقس 1، 17؛ متى 4، 19).  أما القديس لوقا فتعمق في سرد هذه الأحداث (لوقا 5، 1 ـ 11).  فقد سلط الضوء على مسيرة الإيمان التي اجتازها الرسل الأولون، ويشير إلى أن دعوة يسوع لهم جاءت بعد أن استمعوا إلى عظته الأولى.  وشكل "الصيد العجائبي" رمزاً للرسالة التي سيوكلها الرب إلى رسله وهي أن يصبحوا "صيادي بشر". 

أما القديس يوحنا الإنجيلي فيقدم سيناريو مختلفاً لهذه الأحداث: فقد تم اللقاء بين يسوع ورسله على ضفة نهر الأردن.  وكان الرسل رجالاً ينتظرون ملكوت الله قدموا من الجليل إلى الأردن ليعيشوا اختبار معمودية يسوع على يد يوحنا المعمدان.  كان الرسل يتوقون إلى معرفة "المسيح" الذي تم الإعلان عن اقتراب مجيئه.  وعندما سمعوا يوحنا المعمدان يقول عن يسوع "هوذا حمل الله" (يوحنا 1، 36) استفاقت في قلوبهم الرغبة في لقاء المعلم شخصياً. 

فقال يسوع لاثنين من تلاميذه الأولين: "ماذا تريدان؟"  فأجاباه بسؤال آخر "رابّي (أي يا معلم) أين تقيم؟".  وأتى جواب يسوع بمثابة دعوة لهما: "هلما فانظرا" (يوحنا 1، 38 ـ 39).  بدأت "مغامرة" الرسل بلقاء بين أشخاص ينفتحون على بعضهم البعض.  وراحت تربط الرسل بالمعلم معرفة شخصية.  ورسالتهم لم تكن "الإعلان عن فكرة ما" إنما الشهادة لشخص عرفوه.  وقبل أن يُرسلوا لإعلان البشرى السارة، مكثوا مع يسوع، وأقاموا معه علاقة شخصية.  بعدها لم يكن إعلان الخبر السار إلا الشهادة لاختبار عاشوه ودعوة للآخرين للدخول في شركة مع المسيح. 

يبدو في الإنجيل أن يسوع شاء أن يتوجه حصراً إلى شعب الله المختار، إذ قال: "لم أُرسل إلا إلى الخراف الضالة من آل إسرائيل" (متى 15، 24).  كان شعب الله ينتظر تمام العهد عندما يرسل الرب "مختاره" ليجمع شمل شعبه كما يفعل راع مع قطيعه، كما جاء في سفر حزقيال: "فأخلصُ خرافي ولا تكون بعد اليوم نهباً ... وأقيم عليها راعياً آخر ليرعاها، عبدي داود، فهو يرعاها وهو يكون راعيها وأنا الرب أكون لهم إلهاً وعبدي داود يكون في وسطهم رئيساً". (حزقيال 34، 22 ـ 24).  يسوع هو الراعي الإسكاتولوجي، الذي يجمع الخراف الضالة من بيت إسرائيل ويبحث عنها لأنه يعرفها ويحبها.  ومن خلال جمع الخراف الضالة يعلَن ملكوت الله على جميع البشر: "فأجعل مجدي في الأمم، وترى جميع الأمم حكمي ويدي التي وضعتها عليها" (حزقيال 39، 21). 

ويظهر الطابع الشمولي لرسالة تلاميذ المسيح بوضوح تام بعد آلام يسوع وموته وقيامه من بين الأموات.  فقد أرسل يسوع رسله إلى "العالم كله" (مرقس 16، 15)، إلى "جميع الأمم" (متى 28، 19؛ لوقا 24، 47) وحتى أقاصي الأرض (أعمال 1، 8).

وفي ختام تعليمه الأسبوعي وبعد أن وجه تحياته بلغات عدة إلى وفود الحجاج والمؤمنين قال الحبر الأعظم: يحتفل العالم بعد غد الموافق والرابع والعشرين من آذار مارس باليوم العالمي لمكافحة داء السل.  ويشكل هذا اليوم مناسبة ملائمة لتجديد التزامنا على الصعيد العالمي بغية تأمين الموارد اللازمة لمعالجة أخوتنا المرضى، والذين غالباً ما يعيشون في أوضاع من الفقر المدقع.  وأود أن أشجع جميع مبادرات الإعانة والتضامن مع هؤلاء المتألمين، آملاً بأن توفَّر لهم ظروف معيشية كريمة.








All the contents on this site are copyrighted ©.