2006-02-05 13:20:19

صلاة التبشير الملائكي: البابا يتحدث عن اليوم من أجل الحياة


كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة من ظهر الأحد حين أطل قداسة البابا بندكتس السادس عشر من على شرفة مكتبه الخاص ليتلو صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين الذين قصدوا ساحة القديس بطرس بالفاتيكان بالآلاف من مختلف أنحاء إيطاليا والعالم كله لسماع كلمة البابا والصلاة معه. قال البابا: أيها الأخوة والأخوات الأعزاء! يحتفل اليوم في إيطاليا باليوم من أجل الحياة الذي يشكل فرصة ثمينة للصلاة والتأمل في مسألة حماية الحياة البشرية وإنمائها سيما حين تتعرض لصعاب. ساحة القديس بطرس غاصة بمؤمنين علمانيين ملتزمين في هذا القطاع والبعض منهم أعضاء في الحركة من أجل الحياة. تحيتي لهؤلاء الشبان والشابات وللكردينال رويني الذي يرافقهم. وإني أجدد تقديري لعملهم كي يقبل الجميع بمحبة عطية الحياة. وإني إذ أدعو إلى التأمل في رسالة الأساقفة الإيطاليين تحت عنوان احترام الحياة يتجه فكري إلى السعيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني الذي طالما أعار هذه المسائل اهتماما بالغا. وأذكر برسالته العامة إنجيل الحياة التي صدرت في عام 1995 والتي تشكل حجر زاوية في تعليم الكنيسة في هذا الصدد. وإذ أدخل النواحي الأدبية في إطار روحي وثقافي واسع ذكر سلفي السعيد الذكر بأن الحياة البشرية قيمة أولية وجب الإقرار بها. وإن الإنجيل يدعونا دائما إلى احترامها. وفي ضوء رسالتي العامة الأولى حول المحبة المسيحية أود التأكيد على أهمية عمل المحبة في دعم الحياة البشرية وإنمائها. ومن الأهمية بمكان في هذا الصدد إنماء تصرف عادل وسليم تجاه الآخر لأن ثقافة الحياة تستند في الواقع إلى الاهتمام بالآخرين بدون أي تمييز. إن كل حياة بشرية تستحق لا بل تقتضي الدفاع عنها وإنماءها. ونعرف خير معرفة أن هذه الحقيقة قد تتضارب مع حب اللذة المستشري في مجتمع البحبوحة بمعنى أن الحياة جديرة بالاهتمام والتقدير طالما أنها متعة لكن الاحترام يتقلص تجاهها حين تقع فريسة المرض أو العاهات. وإذا انطلقنا من محبة كل شخص بإمكاننا عندئذ أن نخدم الحياة بشكل كامل وفاعل منذ اللحظة الأولى لتكونها في أحشاء الأم وحتى نهايتها الطبيعية. لقد قبلت العذراء مريم بمحبة كلمة الحياة يسوع المسيح الذي جاء إلى العالم لتكون الحياة للبشر. فلنوكل إلى القديسة مريم الأمهات الحاملات والعائلات والعاملين في قطاع الصحة والمتطوعين الملتزمين في خدمة الحياة. ولنصل من أجل جميع المتألمين. بعدها تلا قداسة البابا والمؤمنون صلاة التبشير الملائكي. وأضاف يقول: يبدأ اليوم في أبرشية روما الأسبوع من أجل الحياة والعائلة لينتهي يوم الأحد القادم باحتفال مكرس للعائلات في معبد مريمي. فلنتحد مع العائلات في هذه المناسبة رافعين الصلوات من أجل الوالدين والبنين. هذا ثم وجه البابا تحيات بلغات عديدة ومنح الجميع بركته الرسولية.         

وكان قداسة البابا قد زار صباح الأحد رعية القديسة حنة في الفاتيكان حيث احتفل في كنيستها بالقداس الإلهي وألقى عظة استهلها بكلمات إنجيل اليوم التي تحكي عن مشاهد من حياة عائلية. يسوع يدخل أولا إلى بيت سمعان وأندراوس في كفرناحوم على ضفة بحيرة الجليل حيث يعيش ويعمل الشقيقان. وكانت حماة سمعان ملقاة بحمى فأخبروه بأمرها. فاقترب منها وأقامها آخذا بيدها وللوقت فارقتها الحمى. نعود لنجد يسوع عند المساء يشفي المرضى ومن كان به سوء. في هذا المشهد يسلط الإنجيلي مرقس الأضواء على شفاء المرضى الذي يشكل إلى جانب الكرازة العامل الرئيسي لعمل يسوع. يدعونا هذا المشهد إلى التأمل في معنى المرض من وجهة نظر لاهوتية وروحية. الله هو إله الحياة يقدم لنا البشرى السعيدة لأنه يريد شفاء الإنسان من كل مرض وسوء ولهذا أرسل ابنه يسوع. إن عملا من هذا النوع جدير بأن يُعلن على البشرية كما قال الرسول بولس "الويل لي إنْ لم أبشر". وكان بولس أول من شفاه المسيح وحول حياته ليعيش من أجل الإنجيل ويعلن على الجميع سر الخلاص بواسطة يسوع المسيح الذي صار إنسانا. مضى قداسة البابا إلى القول: أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، إنها دعوة الكنيسة ورسالتها أي الإعلان على البشر أن الله محبة. قهر الخطيئة والموت بواسطة المسيح وحرر الإنسان من عبودية الشر في كل أشكاله الجسدية والنفسية والروحية. وفي إطار البشرى السعيدة يدخل الاحتفال اليوم في إيطاليا باليوم من أجل الحياة. ولقد دعا الأساقفة الإيطاليون إلى احترام الحياة لأنها خير أسمى. إن هذه الحقيقة التي تشكل نقطة رئيسة في القانون الطبيعي تبدو متضاربة مع العقلية السائدة اليوم بمعنى أنه على الرغم من إجماع واسع على قيمة الحياة هناك عقليتان متضاربتان: الأولى ترى أن الحياة البشرية هي في يد الإنسان في ما تقر الثانية أنها في يد الله الخالق. ما من شك أن الثقافة الحديثة أفرطت في التأكيد على استقلالية الإنسان والشؤون الأرضية. لكن المجمع الفاتيكاني الثاني يقول إن الحقائق الدنيوية والحقائق الإيمانية لها مصدر واحد هو الله. ولكن إذا كان المقصود باستقلال الزمنيات أن الأشياء المخلوقة مستقلة عن الله وأن الإنسان يقدر أن يتصرف بها دون أن يعزوها إلى الله، لا يفوتن المؤمن غلط هذه الأفكار. فالخليقة تفنى دون الخالق. وختم قداسة البابا عظته بدعوة المؤمنين إلى إدراك عمق الحقائق الأرضية بمنظار روحي.               

 








All the contents on this site are copyrighted ©.