2005-12-18 13:42:31

قداسة البابا يحتفل بالقداس الإلهي في رعية القديسة مريم معزية الحزانى في روما، ويتلو صلاة التبشير الملائكي ويقول: الدخول في حوار روحي مع القديس يوسف يساعدنا على أن نعيش ملء سرّ الإيمان العظيم


زار قداسة البابا بندكتس السادس عشر عند الساعة التاسعة من صباح اليوم الأحد رعية القديسة مريم معزية الحزانى في أول زيارة يقوم بها الحبر الأعظم إلى إحدى الرعايا الرومانية منذ اعتلائه السدّة البطرسية في أبريل نيسان الماضي. واحتفل قداسته بالذبيحة الإلهية، وألقى خلالها عظة قال فيها: عندما ظهر ملاك الرب لمريم، ألقى عليها التحية قائلاً لها "افرحي"، وهذه التحية هي الترجمة الحرفية لنصّ الكتاب المقدّس الأصلي والمكتوب باللغة اليونانية. لم يلق الملاك على العذراء مريم التحية التي كانت وما تزال مستخدمة بين اليهود "شالوم أي سلام". وهذا ما يُظهر أن مخطّط الله لا يعني الشعب اليهودي وحده، وتعكس هذه التحية التي يبدأ فيها العهد الجديد شمولية "شعب الله". 

وردّد الملاك للعذراء مريم ما جاء على ألسنة الأنبياء "افرحي يا ابنة صهيون، الربّ معكِ ..." كانت مريم على اطّلاع جيد بالكتابات المقدّسة وعرفت أن الله اختارها ليقيم فيها، أي ليتجسّد في أحشائها. مع بشارة الملاك لمريم ومع كلمة "افرحي" بدأ العهد الجديد، لأن بشارة الملاك لزكريا بولادة يوحنا المعمدان لم تكن إلا مرحلة انتقالية بين العهدين القديم والجديد. والإنجيل، هو البشرى السارة التي تحمل الفرح. لأن الله قريب منا، فقد شاء أن يتجسد ويأتي بيننا. لقد أظهرت بشارة الملاك جبرائيل لمريم وجه الله الحقيقي، الله الطيّب الذي يحبّنا ويعرفنا، وهو يرافقنا، وقرّر أن يصبح إنساناً ويسكن بيننا. 

وتابع البابا يقول: ينبغي علينا ألا نحتفظ بهذا الفرح لأنفسنا، بل يجب أن نتقاسمه مع الآخرين، فمريم نفسها زارت نسيبتها أليصابات لتشاطرها فرحها. ومنذ انتقال العذراء مريم بالنفس والجسد إلى السماء، بدأت تبعث الفرح في العالم كلّه، وأصبحت "معزية الحزانى". إننا مدعوون في زمن المجيء إلى حمل الفرح للآخرين، وهذه هي أثمن هدية يمكننا تقديمها في عيد الميلاد.

ومضى قداسته إلى القول: لقد قال الملاك لمريم "لا تخافي". كان يتعين على مريم أن تتألم. فقد رافقت ابنها على درب الجلجلة، وقد سمعت في قلبها، على أقدام الصليب، صوت الملاك يردد لها "لا تخافي". فسارت بشجاعة على الدرب المؤدية إلى القيامة والعنصرة. ومريم تردد لنا اليوم هذه العبارة "لا تخافوا". ففي عالمنا المطبوع بالخوف والفقر والأمراض يجب أن نسمع صوت الله الذي يقول لكل واحد منا "لا تخف، أنا معك".

وبعد أن أنهى الملاك كلامه، أجابت مريم قائلة: "أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك". فقد وضعت نفسها بتصرّف مشيئة الله. وتدعونا مريم أن نقول "نعم" لله، حتى إذا بدا الأمر صعباً، وإذا بدت مشيئة الله كأنها حمل ثقيل، لكنها في الواقع تمنحنا إمكانية الارتقاء إلى العلى. وختم البابا عظته يقول: فلنفتح نحن أيضاً أبوابنا للربّ كما فعلت مريم العذراء، ولنسأل والدة الله القديسة أن تقود خطواتنا نحو ابنها يسوع المسيح، الحياة الحقيقية.

 

بعدها عاد الحبر الأعظم إلى الفاتيكان حيث تلا ظهراً ووفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس صلاة التبشير الملائكي. قال البابا: في آخر أيام زمن المجيء تدعونا الليتورجية إلى التأمّل بمريم العذراء والقديس يوسف اللذين عاشا فترة انتظار ولادة يسوع المسيح. وأود أن أوجّه نظري اليوم إلى القديس يوسف. فإنجيل القديس لوقا يقول عن العذراء مريم إنها كانت "مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف" (لوقا 1، 27). أما إنجيل القديس متى فيصف يوسف بالرجل البارّ (متى 1، 19)، الذي قبل مع مريم ابن الله المتجسّد. ومن هنا، قال البابا، وفي وقت نستعد فيه للاحتفال بعيد الميلاد، تنبع ضرورة الدخول في حوار روحي مع القديس يوسف، كيما يساعدنا على أن نعيش ملء سرّ الإيمان العظيم.

وتابع الحبر الأعظم كلمته يقول: إن البابا الحبيب يوحنا بولس الثاني ألقى الضوء في الإرشاد الرسولي "حارس المخلّص"، على صمت القديس يوسف. هذا الصمت المطبوع بالتأمل بسرّ الله، ووضع الذات بالكامل في تصرّف المشيئة الإلهية. ويعكس صمتُ القديس يوسف ملءَ الإيمان الذي كان يحمله في قلبه، هذا الإيمان الذي قاد جميع أفكاره وأعماله.

وقال قداسته، لنتمثّل بالقديس يوسف ونعيش هذا الصمت في عالم مطبوع غالباً بـ"الضجيج" الذي يحول دون سماع صوت الله. ولنحاول في زمن الاستعداد لعيد الميلاد أن نُعدّ أنفسنا لاستقبال يسوع وجعله جزءاً من حياتنا. وفي ختام تلاوة صلاة التبشير الملائكي وجه قداسة البابا تحياته بلغات عدّة إلى وفود الحجاج والمؤمنين الموجودين في ساحة القديس بطرس ثم منح الجميع فيض بركاته الرسولية.








All the contents on this site are copyrighted ©.