2005-11-19 15:31:03

إنجيل الأحد 20 تشرين الثاني نوفمبر. وقفة تأمل أسبوعية حول كلمة الحياة


قال يسوع:"وإذا جاءَ ابنُ الإنسانِ في مجده، تواكبُه جميعُ الملائكة، يجلسُ على عرشِ مجدهِ، وتُحشرُ لديه جميعُ الأمم فيفصلُ بعضَهم عن بعض، كما يفصلُ الرَّاعي النعاجَ عن الكباش. فيُقيمُ النعاج عن يمينه، والكباشَ عن شِماله. ثمَّ يقولُ الملكُ للذين عن يمينه:"تعالوا، يا من باركهم أبي، فرثوا الملكوت المُعدَّ لكم منذ إنشاء العالم: لأني جُعتُ فأطعمتموني، وعطِشتُ فسقيتموني، وكنتُ غريبًا فآويتموني، وعريانًا فكسوتموني، ومريضًا فعدتموني، وسجينًا فزرتموني." فيجيبهُ الأبرار:"ربَّنا متى رأيناك جائعًا فأطعمناك؟ أو عطشانًا فسقيناك؟ ومتى رأيناك غريبًا فآويناك؟ أو عريانًا فكسوناك؟ ومتى رأيناك مريضًا أو سجينًا فزرناك؟ فيجيبهم الملك:"الحقَّ أقول لكم:كلَّما صنعتم شيئًا من ذلك لواحد من إخوتي هؤلاء الصغار، فلي قد صنعتموه." ثمَّ يقول لأصحاب الشِّمال:"إليكم عنِّي، أيها الملاعين، إلى النار الأبدية المُعدَّة لإبليس وملائكته: لأنّي جعتُ فما أطعمتموني، وعطشتُ فما سقيتموني، وكنتُ غريبًا فما آويتموني، وعريانًا فما كسوتموني، ومريضًا وسجينًا فما زرتموني." فيجيبه هؤلاء أيضًا:"ربَّنا، متى رأيناك جائعًا أو عطشانًا، غريبًا أو عريانًا، مريضًا أو سجينًا، وما أسعفناك؟ فيجيبهم:"الحقَّ أقول لكم:أيَّما مرة لم تصنعوا ذلك لواحد من هؤلاء الصغار فإليَّ لم تصنعوه." فيذهبُ هؤلاء إلى العذاب الأبديِّ والأبرار إلى الحياة الأبديَّة." (متى 25/ 31 ـ 46)

 

التأمل:RealAudioMP3

تحتفل الكنيسة المقدسة، اليوم، بعيد المسيح الملك، وتوجّهنا للتأمل بصفحة إنجيلية مميّزة، هي كلام الربّ يسوع على الدينونة الأخيرة، وذلك قبل بداية مسيرته نحو الآلام.

يُظهر لنا يسوع صورته الحقيقيّة في مجيئه الثاني، فيشير إلى ذاته كابنِ البشر.  هو مَن يضع ذاته في مصاف كلّ إنسان، كابن للإنسان، رغم أنّه في حُلّة الديَّان.  وهذا امتداد طبيعي لِسِرَّي التجسّد والفداء.  كما يدعو نفسه أيضا بالراعي الصالح، "الذي يعرف خرافه وخرافه تعرفه"، فيَفْرُزُ الخرافَ عن الجِداء، يَفصِلُ الّذين يَحْمِلون قضيّتَه ورسالتَه عن الّذين لا يأبَهون بحبّه وفدائه.  لكنّه يعلنُ الحُكْمَ المبرم إذ يضع ذاتَه، فعلاً، في شخص كلّ إنسان، فيتجلّى حيًّا حقًّا في مَن نُنكِرُ عليهم صورةَ الإنسان: الجائع، والعَطِش والغريب، والعريان، والمريض، والسجين...  هي أسماء جديدة ليسوع تُظهر لنا حقيقة ذاته في سرّ الإنسان.

أمام معرفتنا لهويّة يسوع هذه المختلطة بين الملك - القاضي والإنسان - الْمُهَمَّش، نتوقّف لنرى علّنا نجدُ هُويّتَنا.  هل نحن من الّذين يفرحون بالملك ويعلنون مُلْكَهُ في واقع عالَمِهِم، إذ يقترنون بدعوى المرذولِ والضعيف والفقير؟  أَم نحن مِمَّن يكتفون بالاهتمام بذواتهم، فيقومون بالعبادة الشكليّة، في قالبٍ من دون روح، ويعتقدون أنّهم يقدّمون "قربانا مَرضِيًّا"، مع أنّهم لا يبجّلون إلا ذواتهم؟

يستحثّنا كلام يسوع لنأخذَ قرارًا، لنقومَ بِخِيارٍ، لِنبنِيَ حياةً.  من ناحية، ننجذب إلى شخصه إلى ملكوته فنكون من فقراء الربّ الّذين يَرَوْنَ الحياة بمنظار الله، ويتصرّفون في الحاضر وكأنّهم أمام راعيهم الصالح، ملتمسين وجهَه في كلّ وجه إنسانيّ.  ومن ناحية أخرى، نسعى إلى تعدّي الأنانية القتّالة لنحيا في الحياة، فنشرق مع القديسين في تجلّي الحقّ، حياةِِ الأبد تحت ظِلِّ "راعي نفوسِنا".

نحن مدعوّون إلى جعل كلمة الله هذه، واقعًا في حياتنا، فنقف، كلّ يوم، كما اليوم، أمام يسوع الملك، عائشين تذكار مجيئه الثاني، راغبين في لقائه، معبّرين في القلب والعقل عن صلاة شوقِ الكنيسة المجاهدة: "تعال أيّها الربّ يسوع".

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.