2005-10-29 14:33:04

إنجيل الأحد 30 تشرين الأوّل أكتوبر 2005 وقفة تأمل أسبوعية حول كلمة الحياة


  "وَخَطَبَ يسوع في الجموعِ وتلاميذِه قال:"إنّ الكتَبَةَ والفرّيسيِّين على كُرسيِّ موسى جالسون، فافعَلوا ما يقولونَ لكم واحفظوه. ولكن لا تفعلوا مِثلَ أفعالِهم، لأنّهم يقولونَ ولا يفعلون: يحزِمونَ أحمالاً ثقيلةً ويُلقونها على أكتافِ النّاس، بَيْدَ أنَّهم يأبَونَ تحريكَها بِطَرَفِ الإصبَع. وما من عملٍ يعملونَه إلاَّ لِيَنظُرَ النَّاسُ إليهم: يعلونَ عصائبَهم عريضة وأهدابَهم طويلة، ويُحبّون المقعَد الأوّل في المآدِب، وصدورَ المجالسِ في المجامع، وتلقِّيَ التَّحيّاتِ في السّاحات، وأن يدعوَهم الناس "رابّي". أمّا أنتم فلا تدعَوا أحداً يُسمّيكُم "رابّي"، لأنَّ لكُم معلماً واحداً وأنتُم جميعاً إخوة. ولا تدعوا أحداً أباً لَكُم في الأرض، لأنّ لكم أباً واحداً هو الآبُ السماوي. ولا تدَعوا أحداً يُسمّيِكُم مُرشِداً، لأنَّ لكم مرشداً واحداً وهو المسيح. وليَكُن أكبركُم خادماً لكم. فمن رفَعَ نفسَهُ وُضِع، ومن وضَعَ نفسَه رُفِع". (متّى: 23/1-12)

 

التأمّل:RealAudioMP3

 

   إنّ كلمات الرّب يسوع في إنجيل هذا الأحد موجّهة ليس فقط للكتبة والفرّيسيّين اليهود، إنما أيضاً لكلّ كاهن ومكرّس ومكرّسة قدّموا حياتهم لخدمة الجماعة، ولكلّ علمانيّ ملتزمٍ وسط عائلته ومجتمعه.

   في عُمق كلِّ واحد منّا ميلٌ لتعظيم ذاته وتمييزها عن الآخرين، وخصوصاً وسط الجماعات الكهنوتيّة والرهبانيّة، وهذا يُبعدنا عن مسيرة إتمام نضوجنا الإنساني التي يجب على كلّ إنسان، إكليريكياً كان أم علمانياً المرور بها. إن الأشخاص غير الناضجين يبقون كذلك وإن آمنوا، لأنّ الإيمان لا يحل قطّ مكان حركة النموّ الإنساني الطبيعيّة.

   إن تدنيس الكهنة لعهدهم المقدّس مع الله يوازي تصرفاتهم الخبيثة حيال بعضهم بعض، تصرّفات تولّدت من مشاحنات ومصادمات كلاميّة وفكريّة وإداريّة تركت وراءها الكثير من نوايا السوء التي لم تساعدنا على النضوج وبلوغ شخصيّتنا الكاملة مما دفعنا إلى تسوّل احترام الناس، والسلطة والفوقيّة في التعاطي مع إخوتنا المقرّبين منَّا.

   أوليسَ سبب فقدان السلام مع الآخرين هو فقداننا إياه نحن أيضاً. فعندما نتوقّف عن السّعي لإظهار أنفسنا للآخرين، نبلغ وداعة القلب والمسلك ونبني علاقات طيّبة مع الآخرين كائناً من كانوا. أن نبلغ سلام القلب يعني أن نُدرِكَ محبّة الله لنا، أن ندرك بنوّتنا له وغفرانه لنا. إنها مسيرة قبول ذواتنا كما هي على محدوديّتها.

   لكلّ فرد من أفراد الجماعات الكهنوتيّة والرهبانيّة، تقول آيات إنجيل هذا الأحد: إن الإنسانيّة والخدمة لا يُمكن فصلهما، وما من خدمة مقدّسة حقيقيّة بدون نضوج إنسانيّ. الإيمان لا يحلّ أبداً مكان مسيرة نموّنا في الحقّ والقوّة، ولكن من الإيمان نتغذّى لنعيش وسط محن الحياة وتجاربها. من يعيش بإيمان يسير نحو الحق، ومن يعيش حسب شرائع الدين المغلقة يعجز عن إتمام طريقه. آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.