2005-10-26 15:50:21

في مقابلة الأربعاء العامَّة مع المؤمنين، البابا يوجِّه نداء للصلاة من أجل احتياجات أمنّا الكنيسة والعالم، وبنوع خاص من أجل الشعوب المنكوبة بالزلازل والكوارث الطبيعية


   أجرى قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبل ظهر الأربعاء الجاري في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان، مقابلته العامّة المعتادة مع المؤمنين بحضور نحو خمسين ألف حاج وزائر قادمين من بلدان عديدة من العالم.

   تابع البابا تعاليمه الأسبوعيّة شارحاً بعض أناشيد ومزامير صلاة المساء في الكنيسة، وتوقّف اليوم عند شرح نشيد رسالة القدّيس بولس الرّسول إلى أهل فيليبّي الذي جاء فيه:"المسيح يسوع إذ هو في صورة الله لم يَكن يعتدُّ مساواتَهُ لله اختلاساً لكنّّهُ أخلَى ذاتَهُ آخذاً صورة عبدٍ صائراً في شبهِ البشر وموجوداً كبشرٍ في الهيئةِ. فَوضعَ نفسَهُ وصار يُطيعُ حتّى الموتِ موتِ الصّليبِ. فلذلِكَ رَفَعَهُ اللهُ ووهَبَهُ اسماً يفوقُ كُلَّ اسمٍ لِكَي تجثو باسم يسوعَ كلُّ رُكبَةٍ ممَّا في السماواتِ وعلى الأرض وتحت الأرض...".

   مرّة أخرى، قال البابا في مستهلّ تعليمه، وباتّباعنا المسيرة التي رسمتها ليتورجيّة صلوات المساء بمزاميرها وأناشيدها المتعدّدة، سَمِعنا نشيد بولس الرّسول الرائع في رسالته إلى أهل فيليبّي. إن هذا النصّ ينطوي على بعدَين أساسيَّين، الأوّل ينحو نزولاً والثاني صعوداً. في البعد الأوّل نرى يسوع من بهاء المجد الإلهي الذي هو مُلْكٌ له بالطبيعة، يختار النزول والانحدار حتّى ذِلِّ الموت على الصّليب. بهذا يَظهر يسوع أنّه إنسان كامل اختار فداءنا بمشاركتنا التامّة واقع الألم والموت الذي نعيشه كبشر.

   في البعد الثّاني، أضاف البابا، يتجلّى مجد قيامة المسيح الذي أظهر بَعد موته عظمة جبروته الإلهي. الله الآب الذي قَبِلَ فعل طاعة الابن بالتجسّد والآلام، هو يرفعه بطريقة سامية لم تقتصر وحسب على جلوسه عن يمين العزّة الإلهيّة، إنّما على منحه اسماً يفوق كلّ اسمٍ. والاسم حسب تقليد الكتاب المقدّس، يدلّ على الجوهر الحقيقي للإنسان ويُظهر واقعه وحقيقته الحميمة والعميقة. للابن الذي أذله موت الصّليب محبّة للبشر، منحه الآب شرف الاسم الذي يعلو كلّ الأسماء أي اسم الله نفسه.

   إن إعلان الإيمان والاعتراف من قِبَلِ مَن في السماوات وعلى الأرض وتحت الأرض بأن يسوع هو الرّب،  واضح في آيات هذا المزمور، أضاف البابا، فمن جهةٍ هناك اعتراف شامل بسيادته على المسكونة كلّها، ومن جهة أخرى اعتراف بألوهيتّه التي تستوجب العبادة.

   إنّ عار الصّليب وإنسانية الكلمة المتجسّدة بلغا تمامهما في قيامة يسوع من بين الأموات. إن طاعة الابن الكاملة قادت إلى رفع الآب له إلى مجد الألوهيّة سيّداً على كلّ الخلائق المفتداة بدمه الثّمين النازف على صليب الخزي والعار.

   وختم البابا تعليمه الأسبوعي بنشيد للقدّيس غريغوريوس النزيانزي الذي عاش في القرن الرابع ميلادي وكان من كبار ملافنة الكنيسة الجامعة، جاء في النّشيد:"عندما أخلى المسيح ذاته، لم يتخلّ عن أية ناحية مكوِّنة لطبيعته الإلهيّة، وعلى الرّغم من ذلك خلّصني كطبيب ينحني على الجراح الثخينة... كان من ذرية داود ولكنّه خلق آدم. حمل جسدنا وهو غريب عنه. وُلِد من أمٍّ ولكن أمّه عذراء. حُصر في الزّمن وهو اللامحدود. حارب الشيطان كإنسان وانتصر عليه كإله لا يُقهر... كان القربان والمقرِّب في الآن معاً، ضحّى بذاته وهو الله. قدّم لله دمه فطهّر العالم كلّه. رُفع على الصليب، ولكنّه عَلّق الخطيئة بمساميره. دخل جحيم الموت وأطلق أسراه بمحبّته اللامتناهية.

   أخيراً وبعد أن لخصّ قداسته تعليمه الأسبوعي بلغات عديدة، انتقل لتحيّة المؤمنين والحجاج المحتشدين في الساحة الفاتيكانيّة وخصّ بالذكر الشبيبة والمرضى والأزواج الجدد، وتحديداً المرضى الحاضرين بأعداد كبيرة في هذه المقابلة العاملة، خصوصاً فريق أطفال "مدينة الرجاء" الكبير من مدينة بادوفا الإيطاليّة. وذكّرهم بأن صليب المسيح يساعدنا على فهم المعنى الحقيقي للألم.

   ومع اقتراب نهاية شهر تشرين الأوّل أكتوبر، شهر السبحة الورديّة، ختم البابا، أدعو الجميع لتلاوة هذه الصلاة المريميّة العزيزة على قلب الشعب المسيحي. ولنصّلي من أجل احتياجات أمنّا الكنيسة والعالم، وبنوع خاص من أجل الشعوب المنكوبة بالزلازل والكوارث الطبيعيّة، ولنُكثّف دعمنا الروحي والمادي لكلّ من يعاني مصاعب الحياة وآلامها. آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.