2005-10-24 14:39:51

نظرة موضوعيّة لأعمال سينودوس الأساقفة


   بلغت الجمعيّة العامّة لسينودوس الأساقفة نهاية أعمالها يوم أمس بالقدّاس الختامي الذي رئسه البابا بندكتس السادس عشر في ساحة القدّيس بطرس ورفع خلاله إلى مجد المذابح قدّيسين خمسة طوباويّين في الكنيسة.

   لقاءات الأعمال اختُتِمَت بالنداء الأخير لشعب الله وبالتوصيات الخمسين التي رفعها الأساقفة للبابا كملخّص لجميع المداخلات التي شهدتها أعمال السينودوس من الثاني ولغاية الثاني والعشرين من الشّهر الجاري.

   بعد انتهاء السينودوس نتساءل هل دخلت أعماله أدراج الأرشيف الكنسي؟ وخصوصاً بعد الخطأ الذي ارتُكِبَ أثناء المؤتمر الصحفي إذ أكّد المشاركون فيه على أن السينودوس لم يحمِل أيّ جديد، ممّا فتح شهيّة الإعلام للانتقاد وتبسيط الأمور باتهام الكنيسة بالرفضية الدائمة.

   ولكنّ ثمار السينودوس الجديدة يُمكننا رؤيتها إن قرأنا مجدّداً عظة قداسة البابا يوم أمس الأحد في قدّاس ختام الأعمال، إذ قال:"... إنّ تفكيرَ وشهادةَ واختبار واقتراحات الأساقفة، مع الأخذ بعين الاعتبار للواقع المختلف بين بعضهم البعض، تساعدنا على رسم وجه الجماعة "الكاثوليكيّة" الساعية اليوم لعيش الوحدة في قلب التعدّديّة الثقافيّة، وعيش سرّ الإيمان المحوري: التجسّد الخلاصي وسر القربان المقدّس حضور المسيح الحَي والقائم من الموت في كنيسته حتّى منتهى الدهور".

   لقد حمل السينودوس غنىً كبيراً بالمعلومات حول حضور الإفخارستيّة في الحياة الثقافيّة والاجتماعيّة والشخصيّة والجماعيّة "للكنيسة". من خلال أعمال هذا السينودوس ندرك حدسَ البابا الراحل يوحنّا بولس الثّاني الإيماني باختتام السنة القربانيّة بهذا السينودوس وذلك من أجل جمع اختبارات الكنيسة جمعاء والتخطيط للمُستقبل.

   كما شهدت أعمال السينودوس خطوة إلى الأمام في عيش الروح المجمعيّة في الكنيسة التي تُرجمت بحضور البابا بندكتس السادس عشر الشخصي للناقشات الحرّة والصريحة والصادقة بين الأساقفة. كما شكّل السينودوس أيضاً خطوة مهمّة في سبيل الحوار المسكوني، لأنّ هذا الحوار لا يُقام فقط بتبادل الكلمات، ولكن بالتجدد المتبادل للجماعات الكنسيّة، ومن المعبّر ما قاله ممثّل رئيس أساقفة كانتربري الأنغليكاني إذ طلب من الجميع الصلاة من أجل جماعتهم الكنسيّة التي تجتاز لحظات صعبة من تاريخها.

   بالطّبع لم يحمل السينودس جديداً على الصّعيد العقائدي، بل حمل جديداً في طرق عيش الكنيسة اليوم في داخلها علاقتها مع الكنائس والجماعات المسيحيّة الأخرى. الكنيسة الكاثوليكيّة تسعى على الدوام لتجسيد الوحدة في التعدّديّة الثقافيّة واللغويّة والإنسانيّة المبنيّة على سر القربان المقدّس.

   بالطبع بَقِيَت مواضيع أخرى مؤلمة مفتوحة على النقاش، كوضع الكاثوليك المطلَّقين والمتزوّجين المحرومين من تناول القربان، بالرغم من أنّ بعض الآباء طالب بمعاملة رحومة لمن عانى وكان ضحيّة الانفصال الزّوجي... كما نصح آخرون بعدم المغالاة في وصف عالمنا بثقافة الموت تجنّباً لجرح من يعملون بإيمان عميق في خدمة الإنسان، وخصوصاً آباء وأمهات العائلات وحتى الملتزمين في المجالَين السياسي والاجتماعي. إن ما يحبه الله هو تنوع هذا العالم الفريد الذي قدّم له ابنه الوحيد لفدائه من كلّ خطاياه.

   إن كلمات أسقف أبرشية قسطنطينة في الجزائر حملت جديداً في أعمال السينودوس إذ قال:"إن طريقة عيش الإفخارستيّة لدى كنيسة خاصّة، لا ينفصل عن تاريخ الشّعب الذي قَبِل هذه العطيّة من الله. أن أكون مسيحياً لا يعني الدخول في دائرة إيمان مغلقة، بل أن أنفتح على كلّ جديد يحمله لي حضور المسيح الحَي على الدوام في سرّ القربان المقدّس.








All the contents on this site are copyrighted ©.