2005-10-09 12:32:20

رسالة قداسة البابا إلى المشاركين في مؤتمر دراسي حول اللاهوتي السويسري فون بالتازار


   يجري في جامعة اللاتيران الحبريّة في روما مؤتمر حول اللاهوتي السويسري فون بالتازار، وبالمناسبة وجّه قداسة البابا بندكتس السادس عشر رسالة إلى المشاركين في اللقاء الدراسي الذي تُحييه الجامعة بمناسبة الذكرى المئويّة الأولى على ولادة هانس فون بالتازار، اللاهوتي الشّهير الذي تعرّف إليه البابا شخصياً كما قال في رسالته وكان يتبادل معه الزيارات واللقاءات. واعتبر البابا أن تفكير هذا العبقري اللاهوتي لا يزال يحافظ حتّى اليوم على واقعيّة عميقة ويحثّ كثيرين على الغوص في أكثر أعماق سرّ الإيمان في ضوء تعاليمه الأكيدة.

   وبعد أن تحدّث قداسته على الصداقة الشخصيّة التي كانت تربطهما وبالأعمال الكثيرة التي قاما بها معاً من أجل مواجهة تحدّيات عصرنا الحديث، وكانت ثمرة تعاونهما تأسيس مجلّة "الشّركة" غداة انتهاء أعمال المجمع الفاتيكاني الثّاني والتي بقيت علامة مميّزة لعملهما الدؤوب في البحث اللاهوتي الصّحيح، انتقل البابا في رسالته مسطّراً الغنى الكبير الذي يتميّز بها لاهوت فون بالتازار.

   إنّ هذا اللاهوتي الكبير، أضاف البابا في رسالته، جعل من سرّ تجسّد الرّب يسوع أساساً ومادّة لكلّ دراساته، ورأى في الثلاثيّة الفصحيّة إحدى أكثر الأشكال التي تُعبّر عن تنازل الله ودخول في تاريخ الإنسان. ففي موت وقيامة يسوع، ظهر سر محبّة الثالوث الأقدس بكماله. وحقيقة الإيمان تجد في هذا السرّ جمالها الفائق. في مأساة الفصح عاش الله إنسانيّته بتمامها، ولكنّه أعطى في الآن معاً معنى لعمل الإنسان والتزامه كمسيحي صالح في قلب هذا العالم. لقد صوّر فون بالتازار ظهور الله في التاريخ على الشكل التالي: صار الله إنساناً ليتمكّن الإنسان من الاشتراك بحياة الله. بالمسيح ظهرت للبشرية الحقيقة الأخيرة والنهائية حول معنى الوجود البشري...

   يُمكنني أن أشهد بأنّ حياة فون بالتازار، أضاف البابا، كانت بحثاً عن الحقيقة، أي عن الحياة الحقيقيّة. لقد بحث عن بصمات حضور الله وحقيقته في كلّ مكان، في الفلسفة، والآداب، والأديان، وتمكّن من كسر الحواجز التي كانت تحبس العقل في أطر ضيّقة فاتحاً آفاق اللانهاية أمامه.

   ثمّ اعتبر البابا أن اللاهوتي فون بالتازار قد وضع أبحاثة كلّها بخدمة الكنيسة. فاللاهوت بالنسبة إليه فراغ بدون الروحانيّة. اللاهوت يتطلّب الجمع بين العلم والإيمان، بين الموضوعيّة والتقوى. اللاهوت هو عمل القدّيسين لذا فهو لاهوت الصلاة التي يستمدّ منها كلّ غناه.

   ثمّ سطّر البابا في ختام رسالته إحدى المواضيع الغالية على قلب اللاهوتي السويسري، وهو ضرورة التوبة والارتداد. إن تغيير القلب بالنسبة إليه كان نقطة جوهريّة تُمكّن العقل من التحرّر من محدوديّته التي تمنعه من الدخول إلى عمق سرّ الله، وتسمح للعين بتركيز نظرها إلى وجه المسيح. لقد فهم بالمختصر أنّ اللاهوت لا يُمكن أن ينمو بدون الصّلاة والاستسلام بتواضع العقل لمشيئة الله. أخيراً شجّع البابا المشاركين في اللقاء الدراسي على التعمّق بأعمال وتعاليم فون بالتازار وإيجاد الطرق الملائمة لتطبيقها، ثمّ منح الجميع بركته الرّسولية.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.