2005-10-09 12:27:15

البابا يتلقى بحزن عميق نبأ الهزة الأرضية التي ضربت جنوب آسيا، مسببة خسائر بشرية ومادية فادحة في باكستان، الهند وأفغانستان، ويعرب عن قربه من الجرحى والمنكوبين


ترأس صباح اليوم الأحد عميد مجمع دعاوى القديسين نيافة الكاردينال خوسي سارايفا مارتنز في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان وبتكليف من قداسة البابا بندكتس السادس عشر (ترأس) احتفال تطويب خادم الله كليمنس فون غالين.  ألقى نيافته عظة تحدّث فيها عن فضائل الطوباوي الجديد الذي كان أسقف أبرشية مونستر في ألمانيا، وقال إن الطوباوي فون غالين عاش الفضائل المسيحية ببطولة في زمن اختبرت فيه الكنيسة والأمة الألمانية صعوبات جمة، في ظل النظام النازي.  فقد وقف أسقف مونستر بشجاعة في وجه الأديولوجيات التي تحتقر الإنسانية، وفي وجه "آلة الموت" التي شاءتها السلطات النازية.

وُلد كليمنس فون غالين ـ تابع نيافته يقول ـ في السادس عشر من آذار مارس من عام 1878 في منطقة أولدنبرغ بالقرب من مونستر.  ترعرع في بيئة ريفية وفي كنف عائلة ملتزمة في الحياة الكنيسة والاجتماعية.  سيم كاهناً في عام 1904.  وشكّل انتقاله إلى برلين مرحلة مقررة من حياته حيث اضطر لثلاث وعشرين سنة إلى مواجهة الأوضاع الاجتماعية والسياسية الصعبة الناتجة عن الحرب العالمية الأولى ومخلّفاتها.  وبعد عودته إلى مونستر، عُين في عام 1933 أسقفاً على هذه الأبرشية.

كان الأسقف كليمنس فون غالين في طليعة المسؤولين الكنسيين الذين وقفوا في وجه النظام النازي ونددوا بظلمه واستبداده، ولم يتردد في انتقاد النظام علناً وبلا خوف، وشجب انتهاكات حقوق الإنسان.  مما لا شكّ فيه ـ مضى الكاردينال مارتنز إلى القول ـ أن شخصية كليمنس فون غالين القوية تستمد جذورها من الفضائل المسيحية، وكانت العائلة التي ترعرع في كنفها والأوضاع الاجتماعية والسياسية آنذاك قد ساعدته على تكوين شخصيته.  وُلد ونما في عائلة زرعت في نفسه الشعور بالمسؤولية حيال أبناء الكنيسة والمجتمع. 

هذا ووجد الطوباوي كليمنس فون غالين في الرب الموجود في سرّ القربان، القوة والغذاء القادرين وحدَهما على تلبية احتياجات الإنسان والاستجابة لتطلعاته.  كانت حياة الطوباوي الجديد مرتكزة إلى الإيمان الراسخ والحي والذي يتمثّل في أعمال المحبة حيال الجميع، سيما المتألمين.

ومنذ بداية نشاطه الراعوي في مونستير شعر الأسقف فون غالين بمخاطر الإيديولوجية النازية واحتقارها للكائن البشري، وفي خضم الحرب العالمية الثانية، وبالتحديد في عام 1941 انتقد الطوباوي الجديد بشدة هذا النظام في ثلاث عظات ألقاها خلال شهري يوليو وأغسطس، وشجب فيها إقفال الأديرة واعتقال رجال الدين.  وشجب أيضاً إرسال الأشخاص إلى مخيمات الاعتقال والموت وقتل الكائنات البشرية.  وكانت كلمات فون غالين تنبع من حسّه بالمسؤولية ووعيه حيال ما هو خطأ وما هو صواب.  ويدعونا اليوم هذا الطوباوي الجديد إلى الاقتداء بمثله في عالم لا يخل من المشاكل والصعوبات.

وختم الكاردينال مارتنز عظته متوجّها إلى المؤمنين والحجاج حاثاً إياهم على النظر إلى حياة الطوباوي كليمنس فون غالين الذي تعرف على الله ووضع فيه رجاءه.  لقد تحملّ الصعاب وكان مستعداً ليبذل حياته من أجل خدمة الآخرين، وكان يشعر بمسؤوليته حيال الله.  هذا وهنّأ عميد مجمع دعاوى القديسين أبناء أبرشية مونستير بمناسبة الذكرى السنوية الألف والمائتين على تأسيسها، وسأل أسقفها السابق أي الطوباوي الجديد كليمنس فون غالين أن يساعدها على الحفاظ على إرثها الغني، لتحمل ثماراً وافرة لرجال ونساء زمننا.

       وبعد احتفال التطويب توجّه قداسة البابا بندكتس السادس عشر إلى البازيليك الفاتيكانية، قرابة الساعة الحادية عشرة صباحاً، لتكريم ذخائر الطوباوي الجديد، ووجه الحبر الأعظم تحية إلى المؤمنين قال فيها: انضم إليكم بفرح كبير في تكريم الطوباوي الجديد كليمنس فون غالين الذي كان أسقفاً سخياً وكاهناً تدفعه الغيرة الرسولية.  لقد منحه الرب شجاعة بطولية ليدافع عن حقوق الله والكنيسة والإنسان، والتي كان ينتهكها النظام النازي بشكل خطير وانتظامي ... فلنسأل شفاعة الطوباوي الجديد، ولنطلب إليه أن يبارك الكنيسة والمجتمع الإنساني في ألمانيا، أوروبا والعالم كله.

 

كلمة قداسة البابا قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

بعد احتفال التطويب تلا الحبر الأعظم كعادته ظهر كلّ أحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس.  قال البابا: تم صباح اليوم في بازيليك القديس بطرس احتفال تطويب خادم الله كليمنس فون غالين، أسقف أبرشية مونستر والكاردينال الذي عُرف بمعارضته الشديدة للنظام النازي، وشجب ـ باسم الله ـ الأيديولوجية النازية الملحدة ... دافع عن حرية الكنيسة وحقوق الإنسان التي كانت تُنتهك بصورة خطيرة ... دافع عن اليهود والضعفاء الذين كان يعتبرهم النظام بمثابة "نفايات" يجب التخلّص منها.  ما تزال حية في الأذهان العظات الثلاث التي ألقاها الطوباوي الجديد في عام 1941.  في شباط فبراير من عام 1946 اعتمر القبعة الكردينالية من يد السعيد الذكر البابا بيوس الثاني عشر، وتوفاه الله بعد شهر تقريباً.  رحل الطوباوي فون غالين عندما كان محاطاً بعدد كبير من المؤمنين، رأوا فيه مثالاً للشجاعة المسيحية.  والرسالة التي يوجهها الطوباوي الجديد إلى أبناء زمننا هي أن نشهد للإيمان في الحياة العلنية دفاعاً عن الإنسان والعدالة والحقيقة.

وتابع البابا يقول: كما تعلمون تُعقد حالياً في الفاتيكان أعمال سينودوس الأساقفة للتعمّق في موضوع الإفخارستية في حياة كنيسة اليوم ورسالتها.  ثم طلب قداسته إلى المؤمنين متابعة الصلاة من أجل السينودوس، كيما يأتي بثماره المرجوة.  ثم ذكّر البابا بما قاله الحبر الأعظم الراحل السعيد الذكر يوحنا بولس الثاني عن الإفخارستية: "اللقاء مع المسيح، من خلال سرّ الإفخارستية يوقظ لدى الكنيسة وفي قلب كلّ مسيحي الحاجة الملحة إلى الشهادة والتبشير".  فمن واجب كلّ مؤمن يشارك في الذبيحة الإلهية ـ قال البابا ـ أن يحمل البشرى السارة إلى الجميع ليحيا بها المجتمع.

وفي ختام تلاوة صلاة التبشير الملائكي، وقبل أن يوجّه تحياته المعتادة بلغات عدة إلى وفود الحجاج والمؤمنين، قال قداسته: "لقد تلقيت بحزن عميق نبأ الهزة الأرضية التي ضربت يوم أمس جنوب آسيا، مسببة خسائر بشرية ومادية فادحة في باكستان، الهند وأفغانستان.  إني أوكل إلى رحمة الله اللامتناهية أرواح الضحايا، وأعرب عن قربي من الجرحى والمنكوبين.  آمل أن تلبي الجماعة الدولية احتياجات سكان المناطق المنكوبة بسرعة وسخاء، وأسأل الله أن يمنح الشجاعة والقوة لجميع المشاركين في عمليات الإغاثة وإعادة التعمير.








All the contents on this site are copyrighted ©.