2005-09-28 16:03:23

صلاة قداسة البابا خلال مقابلة الأربعاء العامَّة مع المؤمنين: يا ربّ، امنح الوئام والسَّلام جميع سكَّان الأرض


   أجرى قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبل ظهر الأربعاء الجاري مقابلته العامّة المُعتادة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، وشارك فيها نحو ثلاثين ألف حاجٍ وزائر من بينهم أكثر من مائتَي كاهن وطالب من معاهد روما البابويّة.

   ركّز البابا تعليمه الأسبوعي حول شرح مضمون المزمور المائة والرابع والثلاثين الذي تُردّده الكنيسة في صلوات المساء مسبّحة عظائم الرّب هاتفة:"هللويا. سبّحوا اسمَ الرّبِ. سبّحوا يا عبيد الرّبِ الواقفينَ في بيتِ الرّبِ في ديارِ بيتِ إلهِنا. سبّحوا الرّبَّ فإنَّ الرّبَّ صالح. أشيدوا لاسمه فإنّه لذيذٌ... لقد عَلِمْتُ أنَّ الرّبَّ عظيمٌ وأنَّ سيّدنا فوقَ جميع الآلهةِ. كلُّ ما شاءَ الرَّبُّ صنَعهُ في السماواتِ والأرضِ في البحار وجميع الغِمار...".

   تَمثُلُ أمامنا اليوم، قال البابا في مستهلّ تعليمه، آيات القسم الأوّل من المزمور المائة والرابع والثلاثين، وهو نشيد ذا طابع طقسي يرتكز إلى نصوص كتابية أخرى، والليتورجيّة بنت آياته مستمدّة من إرث الكتاب المقدّس الغنيّ صلوات تُشدّد المؤمنين في مسيرتهم نحو هيكل الله.

   يفتتح صاحب المزامير القسم الأوّل، أضاف البابا، بدعوة المؤمنين الحارّة من أجل أن يُسبّحوا الله. نداء موجّه لعبيد الرّبِ الواقفين في بيتِ الرّبِ. إذاً نحن نعيش في قلب العبادة لله في الهيكل، المكان المفضّل للصلاة الجماعيّة، ففيه نختبر حضور الرّبِ إلهنا. إنّه إله لذيذ وطيّب، إله الاختيار والعهد.

   وبعد الدعوة لتسبيح الرّبِ ينبعث صوت منفرد معلناً فعل الإيمان الذي بدأ بعبارة:"لقد عَلِمتُ". إعلان الإيمان هذا يُشكّل جوهر النشيد بكامله، ويُظهر عظمة الرّب المتجلية بأعماله الخارقة.

   إن القدرة الإلهيّة، أضاف البابا في تعليمه الأسبوعي، تظهر بطريقة مستمرّة في العالم بأسره "في السماواتِ والأرضِ، في البحار وجميع الغِمار. هو من يُنشئ السُّحُبَ ويُحدِثُ البروقَ للمطرِ ويُبرِزُ الريح من خزائنِه.

   وجهٌ آخر لأعمال الرّب العظيمة يتجلّى أيضاً في إعلان الإيمان هذا. إنّه تدخّل الله العجيب في التاريخ، حيث أظهر الخالق وجهه كفادٍ لشعبه وسيّد على العالمين. يستعيد الشعب المختار بالذاكرة أحداث الخروج العظيم من أرض العبوديّة. فهو يتذكّر بنوع خاص ضربات الله للمصريّين من أجل قهر فرعون الظالم وجميع عبيده، بعدها تنساب آيات المزمور بتسابيح الشكر لله على ما حقّقه الشعب من انتصارات بعد مسيرة الخروج الطويلة في الصحراء، بفضل تدخّل الله المباشر الذي ضرب أمماً كثيرة وقتل ملوكاً مُتجبّرين وأعطى أرضهم ميراثاً للشّعب المختار.

   المحبّة الألهيّة، أضاف البابا، صارت ملموسة في تاريخ الإنسان بكلّ أحداثه القاسية والمجيدة. وصلاة الجماعة تُبقي مواهب الرّب وعطاياه ماثلة على الدوام أمام أعين المؤمنين، وبنوع خاص في الاحتفال الفصحي الذي هو أساس كل الاحتفالات لأنّه الرّمز الأسمى للحريّة والخلاص.

   وختم البابا تعليمه الأسبوعي ملخّصاً روح المزمور المائة والرابع والثلاثين بكلمات القسم الأخير من رسالة البابا القدّيس أكليمنضوس الروماني إلى أهل كورنتس، الذي اعتبر أن وجه الله الفادي المتجلّي في المزمور قد بلغ إلينا بوجه المسيح فكتَب يقول:"يا ربّ، أنرنا بوجهِكَ واغمرنا بالخير والسّلام، احمِنا بذراعكَ القديرة وبدّد بيدِكَ السامية خطايانا، خلّصنا من مُبغضينا ظلماً، وامنحنا الوئام والسّلام نحن وجميع سكان الأرض، كما منحته لآبائنا عندما سألوك بقداسة الإيمان والحقّ... أنتَ وحدَكَ يا ربّ القادر على إتمام العظائم من أجلنا، فالشكر لكَ بواسطة عظيم أحبارنا وحامي نفوسنا يسوع المسيح، الذي له المجد إلى دهر الدهور".

   بعد الانتهاء من تعليمه الأسبوعي، همّ البابا بتلخيصه بلغات عديدة من ثمّ انتقل لتحيّة المؤمنين الحاضرين في الساحة الفاتيكانيّة وخصّ بالذكر المشاركين في مؤتمر دولي تجري أعماله في مدينة لوكّا الإيطالية وعنوانه:"علامات الروح في القرن العشرين. قراءة مُتجّددة للتاريخ في ضوء روايات الشهود". إن القرن المنصرم، قال البابا، مليء بصفحاته التعيسة، ولكنّه مزدان أيضاً بشهادات رائعة للوعي الروحي والمواهبي في كلّ مضامير الحياة الإنسانيّة... ثمّ حيّ البابا كهنة وطلاّب المعاهد البابوية في روما وحثّهم على الاستفادة من وقتهم في المدينة الخالدة بحكمة من أجل تخزين العلم والمعرفة والعودة إلى بلدانهم مؤهّلين روحياً ولاهوتياً لمواجهة الأعمال الرّسولية التي تنتظرهم.

   وفي الختام دعا البابا الشبيبة والمرضى والأزواج الجدد للبقاء أمناء لمُثل الإنجيل وتحقيقها في حياتهم اليوميّة مختبرين فرح حضور المسيح في حياتهم.








All the contents on this site are copyrighted ©.