2005-08-24 15:24:37

البابا يُقيّم الأيام العالميّة للشّبيبة في مقابلته العامّة مع المؤمنين


   أجرى قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبل ظهر الأربعاء الجاري في قاعة بولس السّادس في الفاتيكان، مقابلته العامّة المُعتادة مع المؤمنين قيّم خلالها زيارته إلى كولونيا بألمانيا بمناسبة إحياء الأيام العالميّة للشّبيبة.

   وكما كان يفعل سلفي السّعيد الذكر البابا يوحنّا بولس الثاني بعد كلّ زيارة حجٍّ خارج الأراضي الإيطاليّة، قال البابا، أريد أن أفعل أنا أيضاً وأستعيد بالذكرى الاختبار الذي عشته بكولونيا بمناسبة اليوم العالمي للشّبيبة. وقد شاءت العناية الإلهيّة أن تكون زيارتي الراعويّة الأولى خارج إيطاليا إلى بلدي الأم وبمناسبة لقاء شبيبة العالم بعد مرور عشرين عاماً على تأسيس الأيام العالميّة للشّبيبة التي أرادها بحَدْسِه النبوي سلفي الذي لا يُنسى.

   وكرّر البابا شكره لجميع من تعبوا في تحضير وتنظيم الزيارة في كلّ مراحلها، من سلطات دينيّة ومدنيّة، واستعرض مسيرة وصوله إلى كولونيا واستقباله الحار من قبل الشبيبة السائرة نحو المسيح. والمعبّر في هذا العيد، قال البابا، أنّ كلّ ذلك يحدث ونحن نتّجه نحو نهاية السّنة القربانيّة التي أرادها يوحنّا بولس الثّاني ودعا خلالها الجميع للسّير وراء ملوك المجوس بحثاً عن ملك الملوك يسوع المسيح في رحلة توبة وارتداد إلى الله للتعرّف إليه ولقائه وعبادته من ثمّ العودة إلى أوطاننا ممتلئين بعزائه ونور فرحه.

   واعتبر البابا في كلمته أن الشبيبة في كولونيا شعرت بدفع الروح القدس لتكون شاهدة للمسيح الحاضر حقًّا بيننا في سرّ القربان الأقدس حتى منتهى الدهور. وتذكّر البابا لحظات الفرح العارمة التي تقاسمها مع الشبيبة، وبنوع خاص أمسية السّبت وذبيحة الأحد الماضيَين وقد انضمّ إليهما عبر شاشات التلفزة والراديو ملايين الشباب في كلّ ناحية من الأرض. وخصّ البابا بالذكر أيضاً لقاءه مع الطلاّب الإكليريكيّين المدعوين إلى الكهنوت خصوصاً وأن الأيام العالميّة للشّبيبة طوال سنواتها العشرين قد أثمرت وأينعت كهنة ورهباناً صالحين سمعوا نداء الروح القدس لهم ولبوا دعوة المسيح.

   وفي إطار الاحتفالات بالأيام العالمية للشّبيبة، أضاف البابا، يدخل اللقاء المسكوني مع ممثّلي الكنائس والجماعات الكنسيّة. إنّ دور ألمانيا في الحوار المسكوني مهمّ جداً سواء من ناحية الانقسام المحزن أو من ناحية استعادة مسيرة المصالحة بين المسيحيّين. وتمنّى البابا أن يُسهم الحوار في بلوغ الوحدة. ولقاء الشبيبة العالمي يُشكّل بهذا الصدد مختبراً مسكونياً هامًّا.

   وعن زيارته الكنيس اليهودي في كولونيا حيث تقطن أقدم جماعة يهوديّة ألمانيّة، قال البابا:"تذكّرت مع الإخوة اليهود المحرقة الرهيبة والسنوات الستّين للتحرّر من مخيّمات التعذيب النازيّة. وهذا العام تصادف الذكرى الأربعين للإعلان المجمعي "في عصرنا" الذي افتتح فصلاً جديداً في الحوار والتضامن الروحي بين اليهود والمسيحيّين، وبنى احتراماً كبيراً للتقاليد الدينيّة الأخرى التي يحتل الإسلام موقعاً مميّزاً بينها، فالمسلمون يعبدون الله الواحد ويعترفون بأبوّة إبراهيم، ولهذه الأسباب أردتُ مقابلة ممثّلي بعض الجماعات المُسلمة وعبّرت لهم عمّا يخالجني من أمل وقلق جراء هذه المرحلة التاريخيّة التي نعيشها، مُتأمّلاً استئصال التعصّب والعنف والتعاون معاً في الدفاع الدائم عن كرامة الإنسان وحماية حقوقه الأساسيّة.

   من قلب أوروبا القديمة التي عرفت في القرن الفائت صراعات مرعبة وأنظمة لا إنسانيّة، أضاف البابا في ختام تعليمه الأسبوعي، وجّه الشباب رسالتهم لأناس زماننا، وهي رسالة رجاء لا يخيب لأنّه مبني على كلمة الله التي صارت جسداً بيسوع المسيح الذي مات وقام لخلاصنا. في كولونيا التقى شباب وشابّات العالم العمّانوئيل في سرّ القربان وفهِموا بطريقة أفضل أن الكنيسة هي عائلة كُبرى يجمع من خلالها الله كلّ قارّة وثقافة وعرق. وحث البابا الشبيبة على أن تُفجّر في داخلها الخير الذي ينتصر على الشرّ ويُعطي حياة لكل التحوّلات الضروريّة من أجل تغيير العالم. فلنُصلّي في الختام، أضاف البابا، من أجل أن يحمل شبيبة كولونيا في داخلهم نور المسيح الذي هو حقّ ومحبّة وينشروه في كلّ مكان فنشهد هكذا ربيع رجاء يُزهر في ألمانيا وأوروبا والعالم بأسره.

   بعد الانتهاء من تعليمه حيّ البابا بلغات عديدة الوفود الحاضرة وتوجّه بتفكيره بنوع خاص نحو المناطق الأوروبيّة المنكوبة جراء الكوارث الطبيعيّة من فيضانات وحرائق في الأيام الأخيرة الماضية، خلّفت وراءها ضحايا وأضرار فادحة وبقي الكثير من العائلات دون مأوى... وأعرب البابا عن قربه وتضامنه مع الناجين من هذه الكوارث الطبيعيّة.

   ولم ينس البابا في الختام توجيه تحياته للشبيبة والمرضى والأزواج الجدد سائلاً الله أن يرشدهم للنظر بثقة إلى المسيح النور الذي يساعدهم على تجاوز تجارب الحياة وصعوباتها.








All the contents on this site are copyrighted ©.