2005-07-25 09:46:08

إنجيل الأحد 24 تموز يوليو... وقفة تأمل أسبوعيَّة حول كلمة الحياة


قال يسوع:"مَثلُ ملكوت السماوات كمثلِ كنزٍ دفينٍ في حقل وجدَهُ رجلٌ فخبأه. ثمَّ مضى فرحًا فباع جميع ما يملكُ واشترى ذلك الحقل. ومثَلُ ملكوت السماوات كمثلِ تاجرٍ كان يطلبُ اللؤلؤ الكريم، فوجدَ لؤلؤة ثمينة، فمضى وباع جميع ما يملك واشتراها. ومثل ملكوت السماوات كمثلِ شبكةٍ أُلقيت في البحر فجمعت من كلِّ جنس. فلمَّا امتلأت أخرجها الصيادون إلى الشاطئ وقعدوا فجمعوا الطِّيب في سلال والخبيثَ طرحوا. وكذلك يكون في انقضاء الدهر: يأتي الملائكة فيُخرجون الأشرارَ من بين الأخيار، ويقذفون بهم في أتّون النار. فهناك البكاء وصريف الأسنان. أَفهِمتم هذا كلَّه؟ قالوا له:"نعم". فقال لهم:"ولذلك كلُّ كاتب يتتلمذُ لملكوتِ السماوات يُشبه ربَّ بيتٍ يُخرجُ من كنزهِ كلَّ جديد وقديم." (متى 13: 44 ـ 52)

 

التأمل:RealAudioMP3

   في زمن العطلة هذا الذي يسافر فيه كثيرون من مكان لآخر من أجل رؤية العالم والتمويه عن المتاعب والالتزامات اليوميّة، تبرز أسباب أساسيّة تدفع الإنسان من محيطه ومن بينها رغبته بالبحث عن شيء جديد، عن عنصر تجدّد يطبع تحوّلاً ما في حياته، ومن بين هذه الأماكن يسعى كثيرون إلى أديار بعيدة تغمرها طبيعة خلاّبة يجد فيها الإنسان موئلاً للصّمت والتأمّل بحثاً عن شيء ثمين يُعطي معنى للحياة.

   وإنجيل هذا الأحد يُكلّمنا عن حدث يُبدّل الحياة، وهو اكتشاف كنزٍ دفين أو لؤلؤة نادرة، يستحوذ على تفكير الإنسان وأحاسيسه. في الحالة الأولى يجد المرء كنزاً لم يكن يُفتّش عليه ولا كان يدري بوجوده، فيما الحالة الثانية تحكي عن اللؤلوة الثّمينة التي طالما فتَّش عنها التاجر فوجدها... في كلتا الحالتَين تصرّف الاثنان بطريقة حكيمة إذ ذهبا وباعا كل ما لدَيهما ليحوذا على الأثمن والأغلى.

   أثمن كنز في الحياة هو تمام معنى وجودنا، ومكان هذا الكنز واحد ولسنا بحاجة للبحث عنه بعيداً في غياهب العالم ومكنوناته، إنّه بالقرب منّا، يعيش معنا وفي داخلنا، نجده كلّ يوم ولا نعرف قيمته، وهذا الكنز هو عائلتنا، عملنا، علاقاتنا الإنسانيّة، هنا تكمن أهميّة اكتمال معنى وجودي كإنسان. وعلى ما يقول القدّيس أغوسطينوس:"بحثت عنك مطوّلاً أيّها الجمال الخفي، وجدتُكَ متأخرّاً؛ كنتُ أبحث عنك خارج نفسه بينما كُنتَ في داخلي!".

   هذا الكنز، هذه اللؤلؤة الثّمينة، هو يسوع المسيح نفسه، الجمال الخفي الذي تحدّث عنه القدّيس أغوسطينوس: إنّه القائل لنا:"اذهب وبع كل ما لدَيك واتبَعني". وهنا تنقلب الأدوار، فبدل أن يمتلك المرء الكنز الذي يكتشفه، فإن الكنز هو من يمتلك المرء ويُبدّل حياته. فعسانا نلتقي كنزنا الأوحد يسوع المسيح القاطن فينا... فإن أردنا السّفر لاكتشاف كنزنا، فلنسافر داخل قلوبنا هناك نجده مشعاً بالمحبّة والعطاء والتضحية السّخية. آمين.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.