2005-07-06 16:14:11

في مقابلة الأربعاء العامّة قداسة البابا يقول إنّ الله محبّة والمحبّة صارت بالمسيح واقعنا الأخلاقي


   أجرى قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبل ظهر الأربعاء الجاري في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان، مقابلته العامّة المُعتادة مع المؤمنين المحتشدين في الساحة وجميع من تابعوه مباشرة عبر الإذاعة والتلفزيون. تابع البابا تعاليمه الأسبوعيّة حول صلوات المساء  مُركّزاً على أحد أناشيد رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس يقول:"مباركٌ اللهُ أبو ربِّنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحيّة في السماويَّات في المسيح، كما اختارَنا فيهِ من قَبْلِ إنشاء العالم لنكونَ قدّيسينَ وبغيرِ عيبٍ أمامَهُ... والذي لنا فيه الفداء بدمه مغفرةُ الزلاّتِ على حَسَبِ غِنى نِعمتهِ التي أفاضها علينا في كل حكمة وفطنة...".

   إنّ هذا النّشيد، استهلّ البابا تعليمه يقول، هو صلاة التبريك المرفوعة لله الآب، وتسطّر في سياقها مختلف مراحل مخطّط الخلاص الذي تمّ بعمل يسوع المسيح. ومحور البركة التي يرفعها النّشيد هو عبارة "سرُّ مشيئة الله"، وهنا تكمن عظمة مخطّط الله الآب الذي حفظه لنا منذ الأزل وحقَّقَه مع تمام الأزمنة بابنه يسوع المسيح.

   مراحل المخطّط الخلاصي تنساب على وقع وإلهامات الروح القدس. فالله الآب الذي اختارنا بابنه يسوع من قَبْلِ إنشاء العالم لنكون قدّيسين وبغير غيب أمامه، فيُقيمنا أبناء الله ويفتدينا من خطايانا ويمنحنا الميراث الأبدي "بعد أن آمنّا وخُتمنا بروح المَوعد القدُّوس".

   وأضاف البابا في تعليمه يقول:"كثيرة هي أحداث الخلاص التي تتوالى في آيات نشيد رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس، وهي تشمل أقانيم الثّالوث الأقدس فتنطلق من الآب الذي هو البادع الأسمى لمخطّط الخلاص الذي يُحدق بنظره نحو الابن الذي يُحقّق هذا المخطّط في قلب التاريخ؛ ليأتي الثالوث الأقدس فيطبع "بوسمه" الأبدي كلّ عمل الخلاص".

   ثمّ توقّف البابا في تعليمه عند مرحلتَين أساسيّتَين في النّشيد، وهما القداسة والبنوّة.

   العمل الإلهي الأول الذي تحقّق بواسطة المسيح هو اختيار المؤمنين بمبادرة حرّة ومجانيّة من الله، وذلك "من قَبْلِ إنشاءِ العالَم"... إنّها دعوة إلى القداسة مغمورة بالنّعمة الإلهيّة التي تُشرك الإنسان في نقاوة الألوهة وفي جوهرها الذي هو "المحبّة". الله محبّة، والمحبّة صارت بالمسيح واقعنا الأخلاقي العميق، لذا انتقلنا من إنساننا الضعيف إلى آفاق الله المقدّسة والحيّة.

   المرحلة الثانية هي "اختيارنا المسبق" من قَبْلِ إنشاء العالم كأبناء لله، وهذا الاختيار السّامي يعني مشاركتنا الأخوّة مع المسيح، "بكرِ كلّ الخلائق والأوّل بين إخوة كثيرين" الذي جعلنا بسبب حميميّة علاقته بأبيه السماوي، ننادي الله "أبّا" أيُّها الآب بمحبّة وعفوية تامَّين. إنّنا أمام عطية هائلة تحقّقت بمشيئة الله ونعمته تعبيراً عن المحبّة التي تخلِّص. ومع القدّيس أمبروسيوس نصرخ متضرّعين:"غنيّ أنت بمراحمِك يا إلهنا من افتدَيت الجميع وحوّلتنا يا بادِعَ البرايا من أبناء جسد الهلاك والموت إلى أبناء السّلام والمحبّة".

   وبعد انتهائه من شرح معاني نشيد رسالة بولس إلى أهل أفسس، لخصّ البابا تعليمه بلغات عديدة من ثمّ وجّه تحياته إلى جميع الوفود الحاضرة في الساحة الفاتيكانيّة والقادمة من مناطق مختلفة من إيطاليا والعالم، وخصّ بالذكر المشاركين في مسيرة المشاعل من أجل السّلام بمناسبة عيد القديس بندكتس، أب الرهبان في الغرب والتي تُنظّمها رئاسة أبرشية نورشيا ـ سبوليتو الإيطاليّة. وقد انطلقت مسيرة المشاعل هذا العام من مدينة موسكو حيث استقبلتها بعثة خاصّة تمثّل بطريرك موسكو وسائر روسيا للروم الأرثوذكس أليكسَي الثاني، ثمّ توقّفت في ألمانيا، لتصل اليوم في وقفة رمزيّة أمام أضرحة الرُّسل الأطهار في روما لتواصل سيرها إلى نورشيا كعلامة حيّة وشهادة للقيم المسيحيّة في القارّة الأوروبيّة.

   وفي الختام حثّ البابا الشبيبة والمرضى والأزواج الجدد على الاستفادة من زمن الصّيف لعيش اختبارات إنسانيّة ودينيّة مميّزة. وتمنّى على المرضى بأن يشعروا في هذه الفترة بقرب أحبائهم منهم، وعلى الأزواج الجدد النموّ في المحبّة المتبادلة والمستنيرة بالفرح الإلهي.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.