2005-06-24 16:09:25

قداسة البابا بندكتس السادس عشر يقوم بزيارة رسميَّة إلى رئيس الجمهوريَّة الإيطاليَّة


   قام قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبل ظهر اليوم بزيارة رسميّة إلى القصر الجمهوري الإيطالي للقاء الرئيس كارلو أتزيليو تشامبي وردّ الزيارة التي قام بها هذا الأخير في الثالث من شهر أيّار مايو الماضي لتقديم التهاني بانتخاب البابا الجديد على رأس الكنيسة الكاثوليكيّة.

    رافقت الزيارة الحبريّة مراسم رسمية رفيعة إذ توقّف الحبر الأعظم قُبَيل وصوله إلى القصر الجمهوري في ساحة البندقيّة وسط المدينة الخالدة، لتقبّل الإكرام الذي أقامته له مدينة روما بشخص رئيس بلديّتها فالتر فيلتروني، ليُتابع بعهدها في موكب لخيالة الحرس الجمهوري باتجاه القصر حيث كان في استقباله الرئيس تشامبي وعقليته وكبار المسؤولين في الدولية الإيطاليّة يتقدّمهم رئيس الحكومة سيلفيو برلوسكوني ووزير الخارجيّة جان فرانكو فيني والداخلية جوزيبّي بيزانو. رافق البابا في الزيارة الكردينال أنجلو سودانو أمين سرّ الدولة، وأصحاب السيادة المطارنة ليوناردو ساندري نائب أمين سرّ الدولة، وجوفانّي لايولو، أمين سرّ الدولة للعلاقات مع الدول...

   بعد كلمة الترحيب التي ألقاها الرئيس تشامبي لضيفه الكبير، توجّه البابا بندكتس السادس عشر بكلمة استهلّها بتوجيه الشّكر للرئيس وللشعب الإيطالي لروح الضيافة التي غمروه فيها منذ بداية حبريّته كأسقف لروما وراع للكنيسة الجامعة. وأكّد البابا لسكان روما وسائر الأمّة الإيطاليّة على التزامه بالعمل ما في وسعه لصالح الخير الديني والمدني. واعتبر البابا أنّ إعلان بشارة الإنجيل بالتعاون مع الأساقفة الإيطاليّين يصبّ لصالح خدمة ونمو الشعب الإيطالي بالإيمان والحياة المسيحيّة، وبالمضي قدماً على دروب المصالحة والسّلام.

   المسيح هو مخلّص الإنسان بكليّته، أضاف البابا، بروحه وجسده، بمصيره الروحي الخالد وبحياته الزمنيّة الأرضيّة. لذا عندما يتمّ قبول رسالته تُصبح الجماعة المدنيّة أكثر مسؤوليّة وتنبُّهاً لمتطلّبات الخير العالم والتضامن مع الفقراء المتروكين والمهمّشين. وعدّد البابا الأعمال الخيريّة التي حقّقتها الكنيسة عبر تاريخ هذه الأمّة وهي مصمّمة على مواصلتها دون طلب امتيازات سلطويّة أو اجتماعيّة أو اقتصاديّة...

   وعن العلاقة بين الكنيسة والدولة الإيطاليّة قال البابا إنّها علاقة مؤسّسة على المبدأ الذي أعلنه المجمع الفاتيكاني الثّاني ويُحدّد "أنّ الجماعة السياسيّة والكنيسة مستقلّتان وغير مرتبطتَين الواحدة بالأخرى في مجال عملهما. كلاهما وإن بعناوين مختلفة، يخدمان الإنسان المدعو لتحقيق ذاته في المجتمع. إنّه مبدأ تتضمّنه معاهدة اللاتيران ويعترف بمشروعيّة علمنة الدولة التي تنظّم إدارة الشؤون الزمنية بقوانين خاصّة بها، دون التخلّي عن الثواب الأدبيّة التي تجد أسسها الأخيرة في الديانة... البعد الزّمني لا يتعارض ومصير الإنسان وخلاصه...

   وأكّد البابا في كلمته على رغبة الكنيسة بتقوية روح التعاون في مجال الخدمة الروحية والأخلاقية في إيطاليا والابتعاد عن جميع محاولات قطع هذه الربط أو إضعافها. إنّ الثقافة الإيطاليّة هي ثقافة مُشبعة بالقيم المسيحيّة على ما تعكسه الأعمال الخالدة التي صنعها الإبداع الإيطالي في مجالَي الفكر والفن... وحثّ البابا الشعب الإيطالي على عدم التنكّر لهذا الإرث المسيحي بل لحمايته بغيرة كبيرة تعطي ثمارً تليق بماضيه الزّاهر...

   ولم يخف البابا ما يثير قلقه منذ اعتلائه السدّة البطرسيّة، وهي حماية العائلة المبنية على الزواج بين الرّجل والمرأة والمعترف به في الدستور الإيطالي، والدّفاع عن حياة الإنسان منذ اللحظة الأولى للحبل به وحتّى موته الطبيعي، وأخيراً مسألة التربية ومتابعة المدرسة، التي تشكّل أساساً ضرورياً لتربية الأجيال الطالعة... إنّ الكنيسة أضاف البابا، ترى في العائلة قيمة مهمّة جداً يجب الدفاع عنها من كلّ الهجمات الهادفة لتقويضها وإزالتها... أمّا المدرسة فترتبط بالعائلة كامتداد طبيعي لإتمام الواجب التربوي، لذا ومع احترام الكنيسة لقوانين الدولة المرعيّة الإجراء، فهي تحثّ على توفير الاحترام الملموس لحقوق الأهل في اختيار الطرق التربوية التي يريدونها دون تحمّل أعباء إضافيّة لتحقيق ذلك...

   وفي ختام كلمته لرئيس الجمهوريّة الإيطاليّة تمنّى قداسة البابا بندكتس السادس عشر أن تستمر إيطاليا بالسّير قدماً على طريق التطوّر والنمو والرّخاء الروحي والمادي... بروح التضامن والتوافق بين مختلف فئات المجتمع وفي حوار منفتح وثقة متبادلة للحفاظ على الخير العالم وعلى كرامة كلّ مواطن... وبعد أن شكر الرئيس تشامبي وزوجته وجميع المسؤولين الإيطاليّين، سأل البابا العذراء مريم أن تُغدق نعمها الوالدية على كلّ الشعب الإيطالي، وطلب من الله أن يُسبغ بركاته الفيّاضة على الجميع.








All the contents on this site are copyrighted ©.