2005-06-11 16:01:12

إنجيل الأحد 12 حزيران 2005: وقفة تأملية حول كلمة الحياة


       ورأى يسوع الجموع فأخذته الشفقة عليهم، لأنهم كانوا تعبين رازحين، كغنم لا راعي لها.  فقال لتلاميذه: "الحصاد كثير ولكنّ العملة قليل.  فاسألوا ربّ الحصاد أن يُرسل عملة إلى حصاده". (متى 9، 36 – 38)

       ودعا تلاميذه الاثني عشر، فأولاهم سلطاناً يطردون به الأرواح النجسة ويشفون الناس من كلّ مرض وعلّة.  وهذه أسماء الرسل الاثني عشر: أولهم سمعان الذي يقال له صخر، وأندراوس أخوة، فيعقوب بن زبدى ويوحنا أخوه، ففيلبوس وبرتلماوس، فتومى ومتى العشّار، فيعقوب بن حلفى وتدّاوس، فسمعان الغيور ويهوذا الإسخريوطي ذاك الذي أسلمه.  هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قال: "لا تسلكوا طريقاً إلى الوثنيين ولا مدينة للسامريين، بل اذهبوا نحو الخراف الضالّة من آل إسرائيل، وأعلنوا في الطريق: قد اقترب ملكوت السماوات.  اشفوا المرضى، وأقيموا الموتى، وأبرئوا البرص واطردوا الشياطين".  RealAudioMP3

(متى 10، 1 – 8)

 

التأمل

 

توحي لنا آيات إنجيل هذا الأحد بأنَّ إلهنا ليس فقط إلهًا متساميًا مكتفيًا ببهاء مجده، فهو وإنْ لم يكن محتاجًا لأحد شاء أنْ يحلَّ بيننا ليبحث فينا عن الإنسان المريض والضعيف والخاطئ.

إله ينزل إلى شقاء أرضنا ويتَّحد معنا ويشاركنا كل هنيهات تاريخنا البشري. آيات إنجيل هذا الأحد تُعيد إلى أذهاننا العهد المقدَّس الذي قطعه الله لشعبه في مسيرة الصحراء والتحرر من العبوديَّة. هذا هو الإله المتجسِّد يسوع المسيح يسير من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة، يبشِّر بمجامع الناس بإنجيل الملكوت شافيًا المرضى.

"ورأى يسوع الجموع فأخذته الشفقة عليهم": آية تعكس حنان إله فاض بإنسانية حنونة حملته لزيارة الناس حيث يعيشون ويصلّون، يسوع يعرف كيف يفتِّش عنا مهما ابتعدنا عنه ويعرف كيف يجدنا ليقاسمنا آلامنا. لقد دعا المسيح رسله بأسمائهم واحدًا واحدًا، هذه الدعوة تنطبق على كلِّ واحد منا. إنَّها دعوة إلى الحريَّة. نحن أحرار في اختياره بإيمان أو عدم الإيمان به، لكلِّ واحد منا ميزاته ويسوع يدعونا إلى السير وراءه محافظين على ميزاتنا، وإن اختلفنا الواحد على الآخر، فلكل منا موقفه في ملكوت يسوع، وإنْ لا يشبه بعضنا البعض الآخر. جسد المسيح واحد وأعضاؤه مختلفة.

"الحصاد والفعلة قليلون": آية رائعة تحمل دعوة للصلاة من اجل ازدياد الدعوات الكهنوتية والرهبانية والإرساليَّة. دعوة تجمل معنًى أشمل. كلّنا مدعوون للعمل في حقل الرب حسبما أتاه من مواهب ومقدِّرات، كلٌّ حسب دعوته، الكاهن والراهب والعلماني أيضًا، ودعوة المسيح لنا للإنطلاق في عمل البشارة حملناها بوسم العماد المقدَّس لنشهد بها قولاً وعملاً بأنَّ يسوع هو حقًا ابنُ الله وهو حقًا مات وقام من بين الأموات لأجل خلاصنا.

على الرغم من صعوبة حمل البشارة اليوم إلى مجتمعنا المعاصر الذي تغمره النسبية وكأنَّ الإيمان المسيحي أصبح عقيدة كسواه من المعتقدات السياسية الغوغائيَّة. "لا" إيماننا المسيحي هو طريق الخلاص لأنَّه ما من أحد يمكنه التغلّب على منطق العالم الزائف إنْ لم يكن مؤمنًا بيسوع المسيح، الطريق والحق والحياة.

بالله عليكم لا نستحي به لئلا يستحي بنا هو في السماء. لا يمكن لأحد أنْ يبقى غير مبال تجاه الحديث عن الله وإنْ أعمى الإلحاد قلبه، فالحديث عن يسوع كمنْ يلقي البذار في الأرض مهما كانت قاحلة،الله وحده كفيل بإراوئها لتُنبتَ الزرع الطيب. أيها المرسل، لا تخاف، قُل كلمتَك وامشي. آمين.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.