2005-06-04 16:14:09

إنجيل الأحد 5 حزيران 2005: وقفة تأمل حول كلمة الحياة


   "ومضى يسوع من هناك، فرأى رجُلاً جالساً في بيت الجباية اسمُهُ متّى. فقال له:"اتبَعني!" فقام وتَبِعَه. وبينما هو في البيت على الطعام، جاءَ كثيرٌ من العشَّارينَ والخاطئين، فجالسوا يسوعَ وتلاميذَه. فلمّا رأى الفرِّيسيّون ذلك، قالوا لتلاميذه:"لماذا يأكُلُ معلّمُكُم معَ العشّارين والخاطئين؟" فسَمِعَ يسوع كلامَهم فقال:"ليس الأصحّاءُ بمُحتاجينَ إلى طبيب بَلِ المرضى. فهلاَّ علمتُم معنى هذه الآية:"إنّما أُريد الرّحمة لا الذّبيحة". "وما جئتُ لأدعُوَ الأبرارَ بل الخاطئين". (متّى:9،9-13).

 

التأمّل: RealAudioMP3

 

   ونتساءل بعد سماع آيات إنجيل هذا الأحد: تراه يسوع مع من يُحب الجلوس اليوم إلى الطعّام؟ سؤال يتركنا حيارى، ولكن إنجيل اليوم يمنحنا الجواب.

   "كثير من العشّارين والخاطئين، جالسوا يسوع وتلاميذه" ومعهم أيضاً الإنجيلي متّى الذي ضمّ نفسه إلى القافلة عينها. متّى، كما نعلم جميعاً، كان جابي ضرائب لحساب الرومان الوثنيّين والمكروهين؛ كان متّى في عيون أبناء شعبه من الخطأة العلنيّين. ومعه جلس يسوع للطعام. إذاً مع من يجلس يسوع هذا الأحد للطعام؟ مع من نجده إن أردنا البحث عنه لتحيته؟

   نعم مع هؤلاء الخاطئين! يسوع يرفض تأثير المنطق البشري على تصرّفاته، ولا يخاف أقاويل الناس وأحكامها المسبقة، يقبل الجميع على مائدته وبدون أيّ تمييز. بل يُفضّل من هو بعيد وخاطئ، ومن لا يستحقّ شرف الدّعوة. ولِمَن يشعر بنفسه مستقيماً ويسمو درجة عن الخاطئين، يقول يسوع:"ما جئتُ لأدعُوَ الأبرارَ بل الخاطئين". فالمرضى من يستحقّون الطبيب وليس الأصحّاء، من هنا نفهم عبارته القائلة لنا:"أريد الرّحمة وليسَ الذّبيحة". يسوع لا يستسيغ ذبائح الظاهر ومن يُكرّمه فقط بشفتَيه وقلبه بعيد عنه. معرفة الله ورؤية وجهه القدّوس الرّحيم والأمين، هي وحدها تقودنا إلى روح التقوى الحقيقيّة وتسمح لنا أن نتعلّم بأنّنا إن وضعنا في ميزان جهته الأولى مليئة بتضحيات عدالتنا الإنسانيّة، وجهته الثانية مليئة بالرحمة والطيبة حيال من تخاله عدالتنا غير مستحقّ لها، لمال الميزان بكل ثقله نحو الرحمة والطبية. الراعي الصالح يترك التسعة والتسعين خروفاً بحثاً عن الخروف الضال.

   يبدو لنا للحظة أنّه من الأفضل أن نكون خطأة وليس أبرارا، ليدعونا المسيح إلى مائدته، ولكن دعوة يسوع لنا هي التوبة والعودة إليه والتحرّر من أحكامنا المسبقة على الأشخاص، من لساننا السّليط الذي بإدانته الآخرين يُديننا نحن أيضاً.

 وختاماً تقول لنا آيات إنجيل هذا الأحد:"إن المحبّة والرّحمة هما كمال النّاموس، وخلاص النفوس أسمى الشرائع". آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.