2005-06-01 15:58:31

في مقابلة الأربعاء العامَّة مع المؤمنين قداسة البابا يقول إنَّ المؤمن المسيحي عليه التحلّي بخُلُق المسيح أي التواضع وتقدمة الذات بسخاء وتجرّد


   أجرى قداسة البابا بندكتس السادس عشر صباح الأربعاء مقابلته العامّة المعتادة مع المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان بحضور آلاف الحجّاج والمؤمنين القادمين من مختلف مدن إيطاليا وبلدان عديدة من العالم.

   واصل البابا تعليمه الأسبوعي حول صلوات المساء في ليتورجيّة الأحد، والتي تقترح علينا النشيد المسيحاني المستوحى من رسالة القدّيس بولس إلى أهل فيليبّي وجاء فيه:"مع أنّه في صورة الله لم يَعُدَّ مساواتَه لله غنيمةً بل تجرَّدَ من ذاتِه مُتَّخذاً صورة العبد وصارَ على مثالِ البَشَر وظَهَرَ بمَظَهرِ الإنسان فوضع نفسَه وأطاعَ حتّى المَوت، الموت على الصّليب. لذلك رَفَعَه الله ووَهَبَ له الاسمَ الذي يفوقُ جميع الأسماء كيما تجثُوَ لاسمِ يسوع كُلُّ رُكبَةٍ في السّماء وفي الأرض ...".

يُسطّر لنا هذا النّشيد، قال البابا، كيف تجرّد المسيح من ذاته آخذاً صورة العبد مع أنّه في صورة الله. المسيح التجسّد الذي أطاع حتّى الموت المخزي على الصّليب، هو مثال المسيحي الحقيقي... المؤمن المسيحي عليه التحلّي بِخُلُق المسيح، أي التواضع وتقدمة الذات بسخاء وتجرّد.

   يسوع المسيح، مع أنّه صورة الله ومساوٍ له في الجوهر، لم يستفد من ألوهيّته ليبسط سلطانه وعظمته وسيطرته على الناس، فهو لم يستخدم سلطانه كوسيلة لتحقيق النّصر، بل تجرّد وأخلى ذاته وانغمس بدون أي تحفّظ في مأساة وضعف الحالة الإنسانيّة. توارت صورة الإله وراء صورة الإنسان، وراء حالتنا المطبوعة بالألم والفقر ومحدوديّة الموت.

   انحدار يسوع إلينا لا يعني اتخاذه طبعنا البشري بطريقة بسيطة وظاهريّة، بل هو حضور إلهي واقعي وحقيقي دخل في اختبار بشري صحيح. إنّه حقًّا "إلهنا معنا" (العمّانوئيل) الذي لم يرضَ بالنظر إلينا من علياء عرشه السماوي، بل أراد الانغماس شخصياً بتاريخ الإنسان فصار جسداً وظهر بمظهر الإنسان مقيّداً نفسه بالزّمان والمكان.

إنّ هذا التقاسم الجذري لحالتنا الإنسانيّة، ما عدى الخطيئة، قاد يسوع إلى حدود نهايتنا وسقوطنا، أي الموت. وهذا الانقياد لا يعني انسياقاً أعمى لقدرية زائلة، إنما طاعة لمخطّط الخلاص الذي رسمه الله الآب. بآلامه وموته يشهد المسيح على طاعته غير المشروطة لإرادة الآب "إذ تعلّم الطاعة، وهو الابن، بما لَقِيَ منَ الألم".

   بعد الانتهاء من تلخيص تعليمه الأسبوعي بلغات عديدة، توّجه البابا بتحياته إلى جميع الحاضرين وخصّ منهم الشبيبة والمرضى والأزواج الجدد وقال:"نبدأ اليوم شهر حزيران يونيو، المُكرّس لقلب يسوع الأقدس. فلتوقّف مراراً عديدة للتأمّل بهذا السرّ الإلهي العميق. تعلّموا أعزائي الشباب في مدرسة يسوع أن تتحمّلوا بجديّة أكبر المسؤوليّات التي تنتظركم. وأنتم أعزائي المرضى، فتّشوا في هذا الينوع الذي ينضب بمراحمه عن الجرأة والصبر لإتمام مشيئة الله. وأنتم أعزائي الأزواج الجدد، ابقوا أمناء لمحبّة الله واشهدوا لها بحبّكم الزوجي". بعدها منح البابا الجميع بركته الرّسولية.


 








All the contents on this site are copyrighted ©.