2005-05-29 13:57:28

قداسة البابا يترأس القداس الإلهي في مدينة باري مختتمًا أعمال المؤتمر القرباني الإيطالي "بدون الأحد لا يمكننا أن نعيش"


احتفل قداسة البابا بندكتس السادس عشر عند الساعة العاشرة من صباح اليوم الأحد بالقدَّاس الإلهي في ساحة ماريسابيلا بمدينة باري، مختتمًا أعمال المؤتمر القرباني الإيطالي تحت عنوان:"بدون الأحد لا يمكننا أن نعيش". في أوَّل زيارة داخل الأراضي الإيطاليَّة، واحتفالاً بعيد جسد الربِّ ودمه، ينضمُّ الأب الأقدس إلى الكنيسة الإيطاليَّة للإحتفال بعطيَّة الإفخارستيا "ينبوع الحياة المسيحيَّة وذروتها."

وكان قداسته غادر الفاتيكان بالمروحيَّة في تمام الساعة السابعة والدقيقة الخامسة والأربعين صباحًا، وكان في استقباله لدى وصوله باري رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكردينال كاميلو رويني، الموفد البابوي لهذا المؤتمر القرباني الوطني إضافة إلى شخصيَّات إيطاليَّة في طليعتها السفير البابوي لدى إيطاليا المطران جوزيبي بالبوني أكوا.

ومن ثمَّ انتقل البابا بالسيارة إلى ساحة ماريسابيللا حيث احتفل بالقدَّاس الإلهي بحضور حشود غفيرة من المؤمنين وألقى عظة قال فيها:"إلتقينا اليوم لرفع التسبيح لله، وأردْتُ الإنضمام إليكم للإحتفال بعيد جسد المسيح ودمه وشكْر المسيح في سرِّ محبَّته، ولتقوية روابط الشركة التي تربطني بالكنيسة في إيطاليا وبرعاتها. وقد شاء سلفي السعيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني المشاركة اليوم في هذا اللقاء الكنسي الهام. نشعر بأنَّه قريب منَّا، ومعنا، يمجِّد المسيح، الراعي الصالح الذي يستطيع أن يتأمَّله مباشرة."

وهذا المؤتمر الإفخارستي، أضاف البابا يقول، هدف إلى تقديم الأحد "كفصح أسبوعي" وهو تعبير لهويَّة الجماعة المسيحيَّة ومركز حياتها ورسالتها. أمَّا الموضوع المختار "بدون الأحد، لا يمكننا أن نعيش" فيقودنا إلى عام 304 حين منع الإمبراطور الروماني المسيحيين، فارضًا عقوبة الموت، من اللقاء يوم الأحد للإحتفال بالإفخارستيا. وفي "أبيتيني" البلدة الصغيرة في تونس اليوم، تمَّ حينها توقيف 49 مسيحيًا يوم الأحد، اجتمعوا في منزل أوتافيو فيليشي للإحتفال بالإفخارستيا، متحدِّين أوامر الإمبراطور. وبعدها، قيدوا إلى قرطاجة ليستجوبهم الوالي الروماني أنولينو، فأسألهم: لماذا عارضتم أوامر الإمبراطور؟ فقالوا: "بدون الإجتماع يوم الأحد للإحتفال بالإفخارستيا لا يمكننا أن نعيش." وبعد أعمال تعذيب شرسة، تمَّ قتلهم.

وأشار قداسته إلى أنَّه على مسيحيي القرن الحادي والعشرين أيضًا التأمل بشهداء أبيتيني. فمن الناحية الروحيَّة، إنَّ العالم الذي نعيش فيه مطبوع غالبًا بالإستهلاكية الجشعة واللامبالاة الدينيَّة والعلمنة المغلقة على السموّ، وقد يستطيع أن يقود إلى صحراء مخيفة شاسعة. وفي إنجيل اليوم يقول لنا الربُّ يسوع وفي إشارة إلى الإفخارستيا: "هوذا الخبزُ الذي نزَل من السماء، غيرُ الذي أكلَهُ آباؤكم ثمَّ ماتوا. من يأكلْ هذا الخبزَ يحيَ إلى الأبد." ونحتاج إلى هذا الخبز لمواجهة متاعب السَّفر ومشقاته.

والأحد، يوم الربّ، يشكِّل المناسبة الملائمة لإنتهال القوَّة منه، فهو سيِّد الحياة. والإحتفال بالقداس يوم الأحد هو حاجة للمسيحي، يستطيع أن يجد فيه القوَّة اللازمة لمتابعة مسيرته. والمسيح لا يتركنا وحدنا في هذه المسيرة. فهو معنا ويقول لنا في إنجيل اليوم:" من أكلَ جسدي وشربَ دمي أقام فيَّ وأقمتُ فيه."

وفي الإفخارستيا، أضاف قداسة البابا يقول في عظته: المسيح حاضر حقيقة معنا. والمسيح الذي نلتقيه في سرِّ الإفخارستيا هو نفسه هنا في باري وفي روما، في أوروبا، وأمريكا وافريقيا وآسيا وأوقيانيا. هو المسيح الواحد نفسه الحاضر في الخبز الإفخارستي في كلِّ مكان من الأرض. ويقول لنا القديس بولس في رسالته إلى أهل قورنتس:"فنحن جسدٌ واحد لأنَّه ليس هناك إلاَّ خبزٌ واحد، ونحن على كثرتنا جسدٌ واحد لأنَّنا نشتركُ في هذا الخبز الواحد." وأشار قداسته إلى أهميَّة أن نتعلَّم عبرة الغفران، ونبتعد عن الضغينة ونفتح القلب على الإصغاء للآخر وتفهّمه وقبول اعتذاراته.

الإفخارستيا، هي سرُّ الوحدة قال البابا، ولكنَّ المسيحيين وللأسف، منقسمون خاصَّة في سرِّ الوحدة. علينا، متقويين بالإفخارستيا، أن نشعر بالتوق إلى الوحدة الكاملة التي تمنَّاها المسيح في العشاء الأخير. وهنا في باري، المدينة التي تحتفظ برفات القديس نقولا،أرض التلاقي والحوار مع إخوتنا المسيحيين في الشرق، أريدُ أن أجدِّدَ رغبتي بالإلتزام وبكلِّ قوَّتي من أجل إعادة بناء الوحدة الكاملة والمنظورة لجميع تلاميذ المسيح. أطلب من الجميع أن يسلكوا طريق الحوار المسكوني الروحي الذي وفي الصلاة تفتح الباب للروح القدس القادر وحدَه على إنشاء الوحدة.

وفي ختام عظته دعا البابا بندكتس السادس عشر إلى ضرورة إعادة اكتشاف فرح الأحد المسيحي وهبة المشاركة في الإفخارستيا. ورفع قداسته الصلاة كيما يُدرك المسيحيون مجدَّدًا أهميَّة يوم الأحد وينتهلوا من المشاركة في الإفخارستيا الإندفاع اللازم من أجل التزام جديد في إعلان المسيح "سلامنا" إلى العالم.

 

وبعد الإحتفال بالقدَّاس الإلهي، وجَّه قداسة البابا كلمة قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي قال فيها:"إنَّ قلوبنا مفعمة بالشكران للربِّ ولجميع من عمل لإنجاز هذا الحدث الكنسي الهام والمميَّز لاسَّيما وأنَّه يدخل في إطار سنة الإفخارستيا." وفي مدرسة مريم" امرأة الإفخارستيا" كما أحبَّ دومًا أن يسميها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني فلنقبل في ذواتنا حضور يسوع الحي لنحمله إلى الجميع. ولنتعلَّم العيش دومًا في شركة مع المسيح المصلوب والقائم من الموت، تساعدنا في ذلك أمّنا السماويَّة.

 

 

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.