2005-05-26 16:14:50

الكنيسة تحتفل هذا الخميس بعيد جسد الربِّ ودمه


   يُصادفُ هذا الخميس عيد جسد الرّب ودمه. وتحتفل به بعض الكنائس في موعده فيما نقلته كنائس أخرى إلى يوم الأحد القادم نظراً لأوضاعها الخاصّة. يُشكّل هذا العيد دعوة موجّهة لكلّ الجماعة المسيحيّة كي تعيش سرّ الإفخارستية بإيمان أكبر وإكرام أفضل ثمّ حثًّا لاكتشافٍ متجدّدٍ ودائم لعطاء ثمين جدّا هو عطاء الإفخارستية قوّة الضعفاء وعون المرضى وبلسم يشفي الجراح وزاد لمن يغادر هذا العالم.

   الإفخارستيّة تعلّم كلّ مسيحيٍّ وتحضّرهُ وتوحي إليه أعماله وتضع فيه ديناميّة داخليّة قوامها الشركة مع الله ومقاسمةُ الأخوة. هذه المقاسمة لا تعني مقاسمة ماديّة فحسب بل أيضاً مقاسمة في الخيور الروحية، خيورِ الإيمان وفرح المعتقد وكلمة الله في أجواء النبأ السّعيد ومناخه. وما الإفخارستيّة سوى مصدر رسالة وعودة كي يتقاسم المسيحيّون الحداثة الجذريّة الكائنة في حياة الله ويكسِروا الخبزَ مع الأخ المحتاج. الإفخارستيّة بذاتها لا تُنتج ثقافة بل تُدخل في شخصيّة كلّ إنسان وكل ثقافة نواحٍ أصيلة وتؤدّي دائماً إلى حمل ثمار جديدة.

   إنّها تولّد تحريراً من كلّ عبوديّة تُخضع الإنسانيّة إذ تُقدّم المخلّص الذي يُحرّرنا من خطايانا وتُدخلنا إلى الحياة الإلهيّة، فتصبح هكذا الثقافة المغذاة من السرّ الإفخارستي قادرة على أن تسلّط نظرة جديدة على كلّ ألم تعاني منه البشريّة. وما ثمرة الثقافة المُشبعة من السرّ الإفخارستي سوى سلام قادر على أن يقدّم يومياً جمال العالم لأنّ في كلّ الأشياء يسطع انعكاس مجد الله الذي يُبيّنُ لنا صورة الله الغير المنظورة. إذاً الإفخارستيّة هي تجلٍّ خفي لجمال لا يوصف يعجز أيّ شيء في هذا العالم مهما عظم وسما أن يعبّر عنه.

 

   الاحتفال بعيد جسد الرّب ودمه متأصّل جدّا في العبادة الشعبيّة وقد أقرّه على مستوى الكنيسة الجامعة البابا أوربانوس الرابع عام 1264 واحتفل به علناً وشخصياً للمرّة الأولى ـ وبجلالٍ كبيرـ في صيف العام عينه في مدينة أورفييتو وكانت مركز البابويّة آنذاك. وإلى هذه الفترة يعود تاريخ أعجوبة مدينة بولسينا في إقليم لا تسيو الإيطالي حيث شاهد كاهن يُدعى بييترو دا براغا، كان يشكّ بحضور المسيح الحقيقي في القربان المقدّس، شاهد دماً يتساقط من القربانة المقدّسة. وما أن علم البابا أوربانوس بهذا الحدث حتّى كلّف أسقف أورفييتو بأن يحمل إليه (صَمْدة) القدّاس المضرّجة بالدّم الإلهي وتوجّه شخصياً مع موكبه البابوي ليستقبلها.

   أمّا في روما، فقد بدأ الاحتفال بهذا العيد في القرن الرابع عشر أيّام البابا نيكولا الخامس مع طواف بالقربان المقدّس من بازيليك القديس يوحنّا اللاتيران وحتّى بازيليك القديسة مريم الكُبرى. ودام هذا الزياح السنوي برئاسة الأحبار الأعظمين ثلاثة قرون، وتحديداً حتّى عام 1870، تاريخ احتلال روما وتوحيد إيطاليا. وبعد أن طواه النسيان طوال هذه الفترة، عاد السّعيد الذكر البابا يوحنّا بولس الثاني ليستأنفه عام 1979.

   يجدر بنا أن نذكّر مستمعينا الكرام بأنّ قدّاسة البابا بندكتس السادس عشر سيرأس بهذه المناسبة في تمام الساعة السابعة من مساء اليوم الاحتفال بالقداس الإلهي من على رتاج بازيليك القديس يوحنّا اللاتيران يليه الزياح بالقربان المقدّس حتى بازيليك القديسة مريم الكبرى عبر شارع ميرولانا بروما. وتنقل إذاعة الفاتيكان مباشرة وقائع هذا الاحتفال مع تعليق باللغة الإيطاليّة على موجاتها المعهودة.








All the contents on this site are copyrighted ©.