2005-05-15 12:25:03

قداسة البابا يحتفل بالذبيحة الإلهية في البازيليك الفاتيكانية ويمنح السيامة الكهنوتية واحداً وعشرين شماساً من أبرشية روما


ترأس قداسة البابا بندكتس السادس عشر في تمام الساعة التاسعة والنصف من صباح هذا الأحد، يوم عيد العنصرة، الذبيحة الإلهية في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان، ومنح خلالها السيامة الكهنوتية واحداً وعشرين شماساً من أبرشيته، روما.  استهل الحبر الأعظم عظته يقول: يروي لنا كتاب أعمال الرسل كيف حلّ الروح القدس على تلاميذ المسيح، مبصرة بذلك الكنيسة النور.  إن الله تجلى أمام شعبه بصورة الريح والنار مذ أن أعطى لشعبه المختار في صحراء سيناء الوصايا العشر.  وبدأت بذلك عملية تحرير شعب الله من العبودية في مصر، لذا لم تشكّل الوصايا العشر تقييداً للحرية أو إلغاءً لها، بل على العكس أصبحت أساساً للحرية الحقيقية.

وتابع قداسته يقول: إن حلول الريح والنار على تلاميذ المسيح المجتمعين في العلية، يشكل امتداداً لما حصل في صحراء سيناء، فقد تجلّت بهذا الشكل موهبة الروح القدس.  ويروي لنا كتاب أعمال الرسل: إنه كان في أورشليم أناس أتقياء أتوا من كلّ أمة تحت السماء ... اجتمع الناس وقد أخذتهم الحيرة لأن كلاً منهم كان يسمعهم يتكلمون بلغته".  إن الروح القدس، قال البابا، كسر الحواجز بين الشعوب وأعاد الوحدة إلى الناس.  الكنيسة كانت منذ البدء كاثوليكية، أي جامعة، وكما يقول القديس بولس الرسول: "إنا قبلنا المعمودية جميعاً في روح واحد لنكون جسداً واحداً، أيهوداً كنا أم يونانيين، عبيداً أم أحراراً، وإنّا ارتوينا من روح واحد".  فالكنيسة مدعوة إلى إزالة الحواجز بين الشعوب والطبقات والأعراق.  وينبغي أن نطلب دوماً من الروح القدس أن يمنحنا هبة تفهّم الآخر وقبوله، كيما يُصبح شعب الله مؤلّفاً من جميع الشعوب.

ومضى الحبر الأعظم إلى القول: يروي لنا الإنجيل المقدس كيف أن الربّ يسوح، القائم من الموت، جاء وقام وسط التلاميذ والأبواب مغلقة، وألقى عليهم التحية مرتَين قائلاً "السلام عليكم"!  أما نحن فإننا نغلق دوماً أبوابنا، ولا نريد أن يزعجنا الآخرون وأن يزعجنا الله.  إننا مدعوون إلى أن نطلب من الله أن يحلّ بيننا، متخطياً أبوابنا المغلقة، وأن يحمل لنا تحيته "السلام عليكم"، هذه التحية التي أقامها الربّ كجسر يسمح لنا بالعبور من الأرض إلى السماء، أي إليه هو.  لكن فيما نعبر هذا الجسر، جسر سلام المسيح، ينبغي أن نمد يدنا إلى أخوتنا المحتاجين إلينا.  ومن خلال انحنائنا تجاه الآخر، يُمكننا فقط أن نبلغ سموّ المسيح، لأن الله محبة وهذا الانحناء ليس إلا امتداداً نحو الله، وصعوداً نحو السماء.

هناك حدثان هامان يميزان العنصرة، أولاً طلب المسيح إلى تلاميذه أن يتابعوا رسالته، قائلاً لهم: "كما أرسلني الآب أرسلُكم"، ثم عندما منحهم الروح القدس قائلاً: "خذوا الروح القدس، من غفرتم له خطاياه تُغفر له، ومن أمسكتم عليه الغفران يُمسك عليه".  لقد أعطى المسيح التلاميذ الروح القدس، روحه.  المسيح قادر على منح الغفران والسلطة لمغفرة الخطايا لأنه تألّم نتيجة خطايا البشر، وانتصر على هذه الخطايا بنار محبته.

بعدها توجّه قداسة البابا إلى الكهنة الجدد قائلاً لهم: أيها الأخوة الأعزاء، رسالة العنصرة موجّهة مباشرة إليكم.  إن المسيح يقول إلى كلّ واحد منكم: "السلام عليكَ".  وعندما يقول المسيح هذه الكلمات يُعطيكم نفسه، لأن المسيح سلامنا.  ففي تحية المسيح هذه نجد دعوة إلى سر الإيمان العظيم، سر الإفخارستيا، الذي يمنحنا من خلاله الرب نفسه باستمرار، أي السلام الحقيقي.  والمسيح يوكل إليكم سر الإفخارستيا، إذ يُمكنكم أن تقولوا باسمه: "هذا هو جسدي، هذا هو دمي".  ساعدوا جميع البشر على الانطلاق من هذا السر العظيم، وعلى حمل سلام المسيح إلى العالم. 

ويقول لكم المسيح أيضاً ما قاله لتلاميذه: "كما أرسلني الآب أرسلكم".  فمن خلال السيامة الكهنوتية تصبحون جزءاً من الرسالة التي أوكلها المسيح إلى رسله.  وجميعنا ملتزمون بأن نطيع كلمة المسيح، كلمة من يعطينا الحرية الحقيقية.  ومنح المسيح أيضاً رسله السلطة لمغفرة الخطايا، فمن خلال الغفران فقط يُمكن أن يتجدد العالم، ويُمكن أن تتخطى الإنسانية الشر.  وفي ختام عظته أوكل قداسة البابا الكهنة الجدد إلى حماية العذراء أم الله وقال لهم: دعوا حبّها الوالدي يجددكم دوماً، وتعلموا منها أن تحبوا المسيح، وليبارك الله مسيرتكم الكهنوتية.

 

كلمة قداسة البابا قبل تلاوة صلاة "افرحي يا ملكة السماء"

 

بعد نهاية الاحتفال بالذبيحة الإلهية، تلا الحبر الأعظم والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس صلاة افرحي يا ملكة السماء.  قال البابا: "خلال الاحتفال بالذبيحة الإلهية في بازيليك القديس بطرس، كان لي فرح أن أمنح السيامة الكهنوتية واحداً وعشرين شماساً من أبرشية روما.  ويعكس هذا الحدث نمو جماعة المؤمنين التي تستمد حياتها الروحية من الخدمة التي يقدمها الكهنة.  وأود أن أجدد تحيتي إلى الكهنة الجدد، وأصلي كيما يرافق الروح القدس دوماً الرسالة المدعوين إلى إتمامها.  فلنشكر الله على هبته هذه، ولنصلي كيما تتفتّح براعم دعوات كهنوتية عديدة في روما والعالم كله. 

وتابع قداسته مسطراً أهمية الرباط الوثيق بين الكنيسة والروح القدس، وقال: من دون الروح القدس تصبح الكنيسة كأي منظّمة بشرية.  والروح يعمل في كنيسته بواسطة أياد بشرية، فقد منح المسيح كنيسته هبة روحه القدوس، وبناها على رسله المجتمعين حول القديس بطرس.  ثم سأل قداسته الله أن تبقى الشركة الكنسية دوماً منفتحة على أعمال الروح القدس، كيما تبقى الكنيسة وسط البشر أداة فاعلة لعمل الله.  وختم البابا قائلا: إن الروح القدس الذي حلّ على مريم العذراء في الناصرة، لتصير والدة الكلمة المتجسّد، حلّ في العنصرة على الكنيسة المولودة حديثاً، والمجتمعة حول العذراء مريم في العلية.  فلنسأل والدة الله القديسة أن تتضرع لنا إلى الله كيما يفيض روحه على كنيسة زماننا الحاضر.  هذا ثم وجّه الحبر الأعظم تحياته إلى وفود الحجاج والمؤمنين ومنح الجميع بركاته الرسولية.

 

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.