2005-04-24 14:45:13

بندكتس السادس عشر يبدأ أولى خطوات حبريّته مردّداً مع يوحنّا بولس الثاني:"شرّعوا الأبواب للمسيح، لا تخافوا"


   قدّاس بداية حبريّة البابا بندكتس السادس عشر كان مهيباً، عكس أهميّة الحدث الجلل الذي تابعه عبر شاشات التلفزة وأثير المحطّات الإذاعية نحو مليار نسمة في مختلف أنحاء العالم، فيما غصّ رتاج بازيليك القدّيس بطرس بأكثر من أربعين رئيس دولة وحكومة وفاق عدد البعثات الرّسمية المشاركة المائة والثلاثين بعثة، فيما اكتست ساحة القديس بطرس والشوارع المجاورة بحشود المؤمنين والحجاج الذين بلغ عددهم نحو نصف مليون نسمة، أرادوا جميعاً مشاركة البابا الجديد هذه المناسبة الفرحة ليقولوا له أنت بطرس، أنتَ نائب المسيح على الأرض، ويتمنوا له طول العمر في إدارته الحكيمة للكنيسة ولقطيع شعب الله في عالم تسحقه ديكتاتوريّة العقائد النسبيّة وتغزوه الخطيئة.

   قدّاس مهيب تسلّم خلاله الحبر الأعظم الجديد بندكتس السادس عشر درع التثبيت المقدّس وخاتم الصيّاد الذي يرمز إلى السلطان الذي أعطاه المسيح لبطرس وكلّفه فيه رعاية قطيع الرّب.

   قدّاس مهيب غمرته الأناشيد الغريغورية الرائعة فخيّمت أجواء الصلاة والإصغاء إلى قراءات الكتاب المقدّس التي تلتها عظة الحبر الأعظم، عظة شكّلت، إذا صحّ التعبير، برنامج عمل حبريّته فجذبت كلماتها قلوب وعقول الجميع لبساطة تعابيرها وعمق معانيها. قال البابا في عظته:

   "ردّدنا لثلاث مرات في الأيام القليلة الماضية طلبة جميع القدّيسين: أثناء مأتم البابا يوحنّا بولس الثّاني، وبمناسبة دخول الكرادلة إلى الكونكلاف، واليوم نردّدها أيضاً مرفقين بها الدعاء "كي ما يُعين الله خليفة بطرس الجديد". شكّل نشيد الصلاة هذا تعزية كبيرة لي. فعندما شعرنا بالوحدة مع غياب يوحنّا بولس الثّاني، البابا الذي بقي راعياً وقائداً لنا طوال ست وعشرين سنة على طرقات زماننا الحاضر. لقد عبر عتبة الحياة الثانية ودخل في سرّ الله. وخطوته هذه لم يُتمّها وحيداً. فمن يؤمن لا يشعر أبداً بالوحدة لا في الحياة ولا في الموت. في تلك اللّحظات طلبنا شفاعة قديسي سائر العصور ـ أصدقاءه وإخوته بالإيمان، مدركين أنّهم رافقوه على طريق الأبد ليبلغ مجد الله. ونحن متيقّنون أنّه يسكن اليوم في بيته وبين أحبائه.

   ومجدّداً، أضاف البابا، عُدنا وتعزّينا بدخول الكرادلة إلى الكونكلاف لانتخاب من اختاره الله. كيف تمكّنوا من معرفة اسمه؟ وكيف استطاع مائة وخمسة عشرة أسقفاً قادمين من مختلف الثقافات والبلدان، إيجاد من يرغب الله إسناد مهمّة الحل والرّبط إليه؟ ومرّة أخرى أدركنا أننا لسنا لوحدنا بل محاطين بهداية أصدقاء الله. والآن وفي هذه اللّحظة أنا الخادم الضعيف لله عليّ تحمّل هذه المهمّة العظيمة التي تتخطّى كلّ قدرة بشريّة. كيف يُمكنني القيام بذلك؟ كيف سأتمكّن من إتمامه؟ كلّكم أصدقائي الأعزّاء، صلّيتم منذ قليل طالبين شفاعة جميع القديسين ممّا أثار بي الشعور بأنّني لستُ وحيداً. ولن أحمل لوحدي ما أعجز عن حمله في الواقع. إنّ أجواق قدّيسي الله تحميني وتعضدني... كلّنا جماعة القديسين، نحن المعمّدون باسم الآب والابن والروح القدس، نحن من نعيش بعطية جسد ودم المسيح الذي يريد من خلاله أن يجعلنا شبيهين به. نعم، أضاف البابا، الكنيسة حيّة، وهذا ما بيّنه اختبار هذه الأيام الرائع. فتحديداً في أيام مرض وموت البابا الحزينة، ظهر بنوع جلي أمام عيوننا أنّ الكنيسة حيّة، وهي شابّة. إنها تحمل في داخلها مستقبل العالم، لذا فهي تُبيّن لكلّ واحد منّا سبيل المستقبل. الكنيسة حيّة ونحن نراها: نحن نختبر الفرح الذي وعد به المسيح القائم من الموت خاصّته. الكنيسة حيّة لأنّ المسيح حيّ فيها، فهو حقّا قام من بين الأموات. ففي الألم الذي طبع محيّا البابا الراحل في الأيام الفصحيّة، تأملنا سرّ ألم المسيح ولمسنا معاً جراحه المقدّسة. ولكن طوال تلك الأيام تمكنّا أيضاً من أن نلمس بالعمق القائم من الموت. لقد منحنا نعمة اختبار الفرح الذي وعدنا به بعد فترة وجيزة من الظلمة.

   الكنيسة حيّة، أضاف البابا بندكتس السادس عشر في قداس بداية حبريّته ـ بهذه العبارة أحيّيكم جميعاً بفرح عظيم أنتم المجتمعون هنا، أصحاب النيافة الإخوة الكرادلة والأساقفة والكهنة الأعزّاء، والشمامسة والعاملين الراعائيّين ومعلّمي الدّين. أحيّيكم أيها الرهبان والراهبات، شهود تجلّي حضور الله. أحيّيكم أيها المؤمنون العلمانيّون المنغمسون في بناء ملكوت الله الرّحب في العالم كلّه وفي كلّ تعابير الحياة. كما وتغمر كلماتي العاطفة في توجيه التحيّة إلى جميع من ولدوا مجّدداً بسرّ العماد ولكنّهم ليسوا في شركة تامّة معنا؛ وإلى الإخوة في الشعب اليهودي الذي يربطنا فيه إرث روحي مشترك تمتد جذوره إلى وعود الله الأبديّة. كما يتوجّه تفكيري إلى جميع أناس زماننا، مؤمنين وغير مؤمنين.

   أصدقائي الأعزّاء! أضاف البابا في عظته، في هذه اللحظة لست بحاجة لتقديم برنامج عمل لحبريّتي. فبعض الملامح التي أعتبرها من واجباتي كنت قد أشرت إليها في الرسالة التي وجّهتها يوم الأربعاء الماضي العشرين من الشهر الجاري؛ ولن تغيب المناسبات القادمة لإظهار ذلك. إنّ برنامج حبريّتي الحقيقي هو أن لا أصنع مشيئتَي. أن لا أتبع أفكاري، بل أن أضع نفسي في حالة إصغاء مع كلّ الكنيسة، لكلمة ولإرادة الله مستسلماً لمشيئته، التي تقود الكنيسة في هذه اللحظات التاريخيّة. فبدل أن أعرض برنامجي أريد بكلّ بساطة شرح الرّمزَين الّلذَين يمثّلان تسلّمني السدّة البطرسيّة؛ فكلاهما يعكسان ما سمعناه اليوم في القراءات المقدّسة.

   الرّمز الأوّل، هو درع التثبيت؛ قماشة من الصوف الخالص توضع على كتفَي. فهذا الرّمز القديم جدّا الذي حمله أساقفة روما منذ القرن الرابع، يمكن اعتباره كصورة لنير المسيح الطيّب، الذي على أسقف هذه المدينة، خادم خدّام الله، أن يحمله على كتفَيه. نير الله هو إرادته التي نقبلها! وهذه الإرادة ليست ثقلاً خارجياً يسحقنا وينزع حريّتنا. معرفة إرادة الله، ومعرفة دروب الحياة، كانت فرحة الشعب المختار وميزته العظيمة. وهذه هي فرحتنا أيضاً: إرادة الله لا تُلغينا، بل تُنقّينا ـ حتّى بطريقة مؤلمة أحياناً ـ وتقودنا إلى ذواتنا. وبهذه الطريقة لا نخدم الله فقط بل خلاص العالم وكلّ التاريخ. إنّ رمز درع التثبيت في الحقيقة هو أكثر حسيّة: صوف الحمل يمثّل الخروف الضال أو المريض والضعيف، الذي يحمله الراعي على كتفَيه ويقوده إلى مياه الحياة. فمثال الخروف الضال الذي يبحث عنه الراعي في القفر، شكّل لآباء الكنيسة صورة سرّ المسيح والكنيسة. البشريّة ـ نحن جميعاً ـ الخروف الضال، الذي ضيّع الطريق في القفر. وابن الله لن يسمح بذلك؛ فهو لا يُمكنه التخلّي عن البشريّة في هذه الحالة المأسويّة. انتصب على قدَمَيه وتخلّى عن مجد السماء بحثاً عن الخروف الضال حتى بلوغ الصّليب، فيحمله على كتفَيه، ويحمل بشريّتنا ويحملنا نحن أيضاً ـ فهو الراعي الصالح الذي يقدّم ذاته من أجل الخراف. ودرع التثبيت يعني قبل كلّ شيء أن المسيح يحملنا جميعنا، ويدعونا في الآن معاً إلى أن نحمل بعضنا بعضاً. فهكذا يصبح درع التثبيت رمز رسالة الرّاعي الذي تحدّثت عنه القراءة الثانية والإنجيل. إنّ اضطراب المسيح المقدّس يجب أن يحرّك الراعي: فهو لا يمكنه أن يكون غير مبال لكثير من الأِشخاص الذين يعيشون في القفر. وهناك العديد من أشكال القفر والصحراء. هناك صحراء الفقر، وصحراء الجوع والعطش، وصحراء الوحدة والعزلة والحب المُهدّم. هناك صحراء ظلمة البعد عن الله، وفراغ النفوس التي فقدت حسّ الكرامة وسبيل الإنسان. القفار الخارجيّة تتكاثر في العالم، لأنّ قفار الداخل باتت رحبة للغاية. لذا فإن كنوز الأرض ليست في خدمة بناء جنّة الله، حيث يستطيع الجميع العيش، ولكن أُخضِعت لسلطان الاستغلال والدماء. فالكنيسة كلّها وجميع رعاتها، عليهم على مثال يسوع، أن يجدّوا السير في قيادة الناس إلى خارج هذه القفار، نحو الحياة والصداقة مع ابن الله، ونحن من يمنحنا الحياة، الحياة كاملة. ورمز الخاتم يحمل بعداً آخر. في الشرق القديم كان الملوك ينصّبون أنفسهم رعاة على شعوبهم.  وكانت صورة لسلطانهم تحمل بعداً مؤلماً: فالشعوب كانوا بالنّسبة لملوكهم كخراف يمكن أن يتصرّف بها الراعي كما يشاء. بينما راعي الناس أجمعين، الله الذي، صار هو نفسه حملاً، ووقف إلى جانب الحملان، إلى جانب من ديسوا وقُتِلوا، وهكذا ظهر كراع حقيقي:"أنا الراعي الصالح...أبذل ذاتي عن الخراف"، قال يسوع عن نفسه (يو:14،10). الحب يفتدي لا السلطان! هذه هي علامة الله: هو نفسه محبّة. كم من المرّات نرغب بأن يظهر الله أكثر تجبّراً وقوّة، وأن يضرب بقسوة ويقهر الشرّ ويخلق عالماً أفضل. جميع إيديولوجيّات السلطة تبرّر نفسها بهذا المنطق، تُبرّر تدمير من يقف بوجه تطوّر وتحرّر البشريّة. نحن نتألّم لصبر الله. وجميعنا نحتاج لصبره وأناته. الله، الذي صار حملاً، يقول لنا إنّ خلاص العالم يأتي من المصلوب وليس من الصالبين. افتُديَ العالم بصبر الله ودُمّر بفقدان صبر البشر.

   إنّ إحدى ميزات الراعي الأساسيّة، أضاف البابا في عظته، هي أن يحب البشر الذين ألقوا على عاتقه كما يحب المسيح الذي يقوم بخدمته. "إرع خرافي"، يقول المسيح لبطرس، ولي أنا أيضاً في هذه اللحظة. الرعاية تعني المحبّة، والمحبّة تعني أن نكون مستعدين للألم. أن نحب، يعني: أن نوفّر الخير الحقيقي للخراف، قوت حقيقة الله وكلمته وغذاء حضوره الذي يمنحنا إياه في سرّ القربان المقدّس. أصدقائي الأعزاء ـ أستطيع القول في هذا الوقت فقط: صلّوا من أجلي، لأتعلّم أن أحب الرّب أكثر فأكثر. صلّوا من أجلي لأتعلّم أن أحب قطيعه أكثر فأكثر، أنتم الكنيسة المقدّسة، كلّ واحد منكم شخصياً وجميعكم. صلّوا من أجلي كي لا أهرب خوفاً من الذئاب. فلنُصلّي الواحد من أجل الآخر لكي ما يحملنا الله فنتعلّم منه أن يحمل بعضنا بعضاً.

   الرّمز الثاني، أضاف البابا، هو خاتم الصّياد. إنّ دعوة بطرس ليكون راعياً، التي سمعناها في الإنجيل، تأتي بعد قصّة الصّيد العجيب: بعد ليلة رمى فيها التلاميذ الشباك بلا جدوى، رأوا الرّب القائم من الموت على شاطئ البحيرة يأمرهم ليعودوا للصيد مرّة أخرى، فامتلأت الشباك وعجزوا عن إخراجها: مائة وثلاثة وخمسون سمكة كبيرة:"وبالرغم من كثرتها لم تتمزّق الشباك. إن هذه الرواية الإنجيلية في ختام مسيرة يسوع الأرضيّة مع تلاميذه مشابهة لرواية تمّت في بداية مسيرته: فحينها لم يتمكّن التلاميذ من اصطياد شيء طوال اللّيل؛ حينها أيضاً دعا يسوع سمعان لينتزح إلى العمق مرّة أخرى. وسمعان، الذي لم يكن يدعى بعد بطرس، أجاب بهذه العبارة الرائعة: من أجل كلمتك يا ربّ، أُلقي الشباك! فأسلمه يسوع المهمّة قائلاً:"لا تخف! من الآن فصاعداً سأجعلك صيّاد بشر". (لوقا:1،5-11). واليوم أيضاً تدعى الكنيسة وجميع خلفاء الرّسل للانتزاح إلى العمق في بحر التاريخ وإلقاء الشباك ليجذبوا الناس إلى الإنجيل، إلى الله، إلى المسيح إلى الحياة الحقيقيّة. كما كرّس آباء الكنيسة أيضاً تعليقاً مميزاً حول هذه المهمّة. فهم يقولون: إن انتزاع السمك المخلوق في المياه قاتل. فهو يُحرَم من الحياة خدمة لغذاء الإنسان. ولكن رسالة صيّاد البشر هي عكس ذلك. فنحن البشر نعيش غائصين في مياه ملّحها الألم والموت؛ في بحر ظلام بلا نور. إن شبكة الإنجيل تخرجنا من مياه الموت وتحملنا إلى نور الله الساطع، في الحياة الحقيقيّة. هكذا ـ وضمن مهمّة صياد البشر على خطى المسيح، يجب أن ننتشل الناس من البحر المالح بالعدم ونحملهم إلى برّ الحياة، إلى نور الله. نعم إنّ علّة وجودنا هي إظهار الله للناس. فحيث نرى الله هناك تبدأ الحياة. فقط عندما نلتقي الله الحي بالمسيح ندرك معنى الحياة. نحن لسنا نتاج الصدفة ونظرية التطوّر. كلّ واحد منا مستقبله في فكر الله. كلّ واحد أراده الله، كلّ واحد محبوب، كلّ واحد ضروري. ما من شيء أجمل من أن يبلغنا ويفاجئنا الإنجيل، والمسيح. ما من شيء أجمل من أن نتعرّف إليه وأن ننقل إلى الآخرين صداقتنا معه. إنّ مهمّة الراعي، وصياد البشر تظهر أحياناً متُعِبة. ولكنها في النهاية جميلة وعظيمة لأنّها خدمة للفرح، لفرح الله الذي يهمّ إلى دخول العالم.

   وأودّ هنا أيضاً أن أكشف شيئاً جديداً: سواء في صورة الراعي أو الصيّاد تظهر بطريقة واضحة جدّا الدعوة إلى الوحدة. "ولي خراف أخرى ليست من هذه الحظيرة فتلك أيضاً لا بدّ لي أن أقودها. ستسمع صوتي فيكون هناك رعيّة واحدة وراع واحد" (يو:16،10)، قال يسوع في ختام رواية الراعي الصالح. ورواية المائة والثلاثة والخمسون سمكة كبيرة تنتهي بهذا الإدراك:"ولم تتمزّق الشبكة مع هذا العدد الكبير" (يو:11،21). آه يا إلهي الحبيب، إنها الآن ممزّقة! علينا أن نقولها بألم. ولكن لا، لا يجب أن يغلبنا الحزن! فلنفرح بوعدك الذي لا يُخيّب، ونصنع ما بوسعنا للسير في سبيل الوحدة التي وعدتنا بها. نصلي كمتسوّلين إلى الله على هذه النيّة: نعم يا رب اذكر وعدكَ لنا، واجعلنا أن نكون راعي واحد وقطيع واحد! لا يسمح بأن تتمزّق شباكك وساعدنا لنكون خدّام الوحدة!

   في هذه اللحظات، أضاف البابا في ختام عظته، أعود بالذاكرة لتاريخ الثاني والعشرين من تشرين الأوّل أكتوبر من عام 1978، عندما بدأ البابا يوحنّا بولس الثاني حبريّته هنا في ساحة القديس بطرس. لا تزال تتردّد أيضاً، وبطريقة مستمرّة، كلماته في أذنَي:"لا تخافوا، افتحوا الأبواب، لا بل شرّعوها للمسيح!" كان البابا يتحدّث إلى الأقوياء، وعظماء الأرض، الذين كانوا يخافون من أن يقتصّ المسيح شيئاً من سلطانهم إن سمحوا له بالدخول ومنحوا حريّة الإيمان. نعم، بالطبع كان سيقتصّ شيئا منهم وهو: سيطرة الفساد، تحريف القانون؛ والاعتباطيّة. ولكن لم يكن ليأخذ شيئاً مما يعود لحريّة الإنسان ولكرامته ولبناء مجتمع مستقيم. كما كان يتحدّث البابا آنذاك إلى كل الناس، وبنوع خاص للشبيبة. أفلَسنا نحن بشكل من الأشكال خائفين إن تركنا المسيح يسكن كليّا فينا، إن انفتحنا بكليّتنا إليه ـ خائفين من أن يقتص شيئاً من حياتنا؟ ربما لسنا خائفين من التخلي عن شيء كبير وفريد يجعل من حياتنا جميلة؟ ألا نقع بعدها بخطر السقوط في الغمّ وفقدان الحريّة؟ ولكن مرّة أخرى يريد أن يقول لنا البابا: لا! من يُدخل المسيح لذاته لن يفقد شيئاً مما يجعل الحياة حرّة، جميلة وعظيمة. لا! بهذه الصداقة مع المسيح تُشرّع أبواب الحياة. بهذه الصداقة فقط تتفجّر طاقات الإنسان الكبيرة. بهذه الصداقة فقط نختبر طعم الجمال والحريّة. اليوم أنا أيضاً، وباندفاع واقتناع كبيرَين، وانطلاقاً من خبرة حياة شخصيّة طويلة، أقول لكم أعزائي الشباب: لا تخافوا من المسيح! فهو لا يأخذ شيئاً بل يمنح كلّ شيء. من يقدّم له شيئاً ينال أضعاف ما قدّم. نعم افتحوا، شرّعوا الأبواب للمسيح ـ تجدون الحياة الحقيقيّة. آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.