2005-04-18 16:17:27

كابللة السيكستين تفتح أبوابها للكونكلاف ودخان أسود بعد أوَّل تصويت

مجمع الكرادلة يحتفل بالذبيحة الإلهية على نيّة انتخاب الحبر الأعظم الجديد


   ترأس عميد مجمع الكرادلة جوزف راتزينغر عند الساعة العاشرة من قبل ظهر الاثنَين الجاري في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان، الذبيحة الإلهيّة على نيّة انتخاب الحبر الأعظم الجديد، عاونه فيها الكرادلة المائة والخمسة عشرة الذين يحقّ لهم الدخول عصر اليوم إلى الكونكلاف لانتخاب البابا القادم، بالإضافة إلى عدد كبير من الأساقفة والكهنة وآلاف المؤمنين الذين شاؤوا مشاركة الكنيسة هذه اللحظات الهامّة في تاريخها.

   استهلّ الكردينال راتزينغر القداس بصلاة طلب فيها من الله أن يمنح الكاثوليك حبراً أعظماً مشهوداً له بالقداسة وبالتكريس الكلّي لخدمة شعب الله.

   بعد تلاوة القراءات والإنجيل المقدّس وجّه الكردينال راتزينغر عظة كرّس قسماً منها للدفاع عن عقيدة الكنيسة القويمة وأدان بشدّة "ديكتاتوريّة النسبيّة". وقال نيافته:"أن يكون عند المرء إيمان واضح حسب ما تعلّمه  الكنيسة، يُصنّفه عالم اليوم في خانة الأصوليّة، فيما النسبيّة، أي السير حسب ما تمليه رياح العقائد المغلوطة يمنة ويسرة، تظهر وكأنّها تصرّفاً حكيماً على مستوى متطلّبات زماننا الحاضر". إن مقياسنا الوحيد كمؤمنين، أضاف الكردينال راتزينغر، هو ابن الله، الإنسان الحقيقي، هو وحده مقياس الإنسانيّة. فالإيمان الناضج ليس اتباع آخر موضة عصرية، إنما هو الصداقة العميقة المتجذّرة بالمسيح.

   ثمّ تحدّث نيافته عن الرحمة الإلهية التي اعتبرها البابا الراحل يوحنّا بولس الثاني بأنّها تضع حدّا للشّر. ويسوع المسيح هو من يجسّد الرحمة الإلهيّة، فلقاء يسوع يعني لقاء الرحمة الإلهيّة. رحمة الله ليست نعمة تباع في الأسواق الرّخيصة، وليست تهميشاً للشرّ، فيسوع عندما صار رحمة الله حمل في نفسه وجسده كلّ أثقال الخطيئة والشرّ الهدّام. لقد أحرق وبدّل الشرّ بآلامه، بنار حبّه المتألّم. إن انتقام الله ورحمته التقيا بموت وقيامة الرّب يسوع من بين الأموات. إنتقام الله تحوّل ألماً لأجلنا، فبقدر ما تمسّنا رحمته بقدر ما نتمكّن من الولوج متّحدين بآلامه فنصير مستعدّين على إتمام "ما نقص من آلام المسيح في أجسادنا".

   على المسيحي المؤمن أن يصنع الحقيقة بالمحبّة. ففي المسيح تجتمع الحقيقة والمحبّة... المحبّة بدون حقيقة عمياء، والحقيقة بدون محبّة صنج يطن.

   وبعد أن تحدّث عن معنى الصداقة مع المسيح، انتقل الكردينال راتزينغر في ختام عظته للحديث عن الثمار الروحيّة الواجب على كلّ مسيحي أن يحملها إتماماً لوصية المسيح، مدفوعاً بهمّ التبشير بكلمة الإنجيل حتّى أقاصي الأرض. وختم نيافته متسائلاً:"ماذا يبقى للإنسان؟ المال! كلاّ؛ الممتلكات، الكتب، بالطبع لا... كلّ شيء سيزول عاجلاً أم آجلاً، ولكن نفس الإنسان وحدها تبقى لأنّ الله خلقها للخلود. لذا إن الثمار الوحيدة التي تبقى لنا هي ما زرعناه في نفوس الناس من محبّة وعلم وفرح بالرّب يسوع المسيح. فلنسأل الله أن يساعدنا على حمل ثمار تبقى، لتتحوّل أرضنا من وادٍ للدموع إلى جنّة الله... ولنسأله أيضاً بعد عطيته العظيمة للكنيسة بيوحنّا بولس الثاني أن يمنحها راعياً جديداً على حسب قلبه الأبوي، راعياً يقودنا إلى معرفة المسيح وإلى محبّته وفرحه الحقيقي.

   هذا وتبدأ أعمال الكوكلاف عند الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم إذ ينطلق الكرادلة بزياح احتفالي من قاعة التبريكات في الفاتيكان إلى كابللة السيكستين حيث من المترقب أن يقوموا بعملية اقتراع سريّة واحدة لانتخاب البابا الجديد، في الوقت الذي ينظر فيه الجميع إلى مدخنة الكنيسة لمشاهدة لون  الدخان الذي سيتصاعد منها إن كان أسودا أم أبيضا.








All the contents on this site are copyrighted ©.