2005-04-08 14:44:15

أعين العالم متجهة نحو ساحة القديس بطرس بالفاتيكان 


أعين العالم متجهة نحو ساحة القديس بطرس بالفاتيكان 

تهطل الأمطار في شمال إيطاليا وجنوبها باستثناء وسطها أي روما مما سمح  للحجاج والمؤمنين والسياح بمتابعة وقائع تشييع جثمان الراحل العظيم البابا يوحنا بولس الثاني. ربما شاء القدر أن يحصل هذا تكريما لهذا الرجل الذي استطاع ببساطته وموهبته استقطاب قلوب الجميع. صمت سوريالي خيم على روما الجاثية لتكريم البابا فويتيوا يقطعه من حين إلى آخر ضجيج المروحيات في سماء المدينة. قال طلال وهو شاب مسلم من الكويت قصد ساحة القديس بطرس منذ الفجر مع زوجته وطفلته الصغيرة: شئت المجيء لتكريم رجل كرس حياته من أجل السلام. ويبدو أن قضية السلام والوئام بين الشعوب كانت دافعا حمل الكثيرين على وداع البابا. قال سفير إسرائيل لدى الفاتيكان إنه سيوجه نداء إلى مجمع الكرادلة كي ينتخبوا حبرا أعظم يواصل مسيرة المصالحة والتقارب بين المسيحيين واليهود التي بدأها يوحنا بولس الثاني.

 

في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا أقيمت صلوات بشكل متزامن مع جنازة البابا. الكاثوليك في الصين تخطوا الحدود التي تفصل الكنيسة السرية عن شقيقتها الرسمية فأقاموا احتفالات دينية لراحة نفس البابا سيما في مدينة "باودينغ"، أكبر تجمع كاثوليكي في شمال الصين، حيث شددت السلطات المركزية مراقبتها على النشاطات الدينية غداة وفاة البابا. وفي كاتدرائية بكين، أكبر مركز للكنيسة الرسمية، صلى المؤمنون بصمت وبكوا. مع ذلك يبدو أن الإعلام الصيني تلقى توجيهات بتقليص حجم الاحتفالات بجنازة البابا في ما حذف المسؤولون من على الإنترنت الموقع المتعلق بمشاركة الصين في تشييع جثمان البابا فويتيوا كما منعوا بث وقائع الجنازة مما يأتي دليلا على احتجاج بكين على مشاركة رئيس تاي وان في الجنازة.

 

وفي شوارع مكسيكو سيتي أضاء المؤمنون الشموع وحملوا رايات الفاتيكان وأقاموا احتفالات دينية وطوافا انطلق من مقر السفارة البابوية ليصل إلى بازيليك العذراء سلطانة غوادالوبي وهي الطريق التي سار عليها يوحنا بولس الثاني خلال آخر زيارة له إلى المكسيك عام 2002 وكانت الخامسة من نوعها إلى هذا البلد. تجمعات في الفيليبين وسط العاصمة مانيلا تزامنا مع جنازة البابا في ما احتفل رئيس أساقفة المدينة المطران روزاليس بقداس إلهي على راحة نفس البابا. ورفع المؤمنون لافتات ضخمة كتب عليها "يوحنا بولس الثاني، وداعا. شكرا على ما تركته لنا: ثقافة الحياة".

 

الفضائيات العربية شأن الجزيرة والعربية وغيرها نقلت بشكل متقطع وقائع الجنازة من ساحة القديس بطرس مع تعليقات صحفية. القناة المصرية الرسمية بثت تعليقات لبطريرك الأقباط الكاثوليك إسطفانوس الثاني تلاها تصريح للبابا شنودا الثالث. الصحفي الكوبي المستقل رويز هيرنانديز تمكن من داخل السجن الموجود فيه منذ عام 2003 من بعث رسالة إلى الفاتيكان يعزي فيها بوفاة البابا يوحنا بولس الثاني. هيرنانديز من أتباع الكنيسة الإنجيلية، معتقل سياسي، طالما عمل من أجل حرية التعبير والرأي في كوبا وكان مناصرا لمواقف البابا يوحنا بولس الثاني من أجل السلام في العالم كله.

 

رافق المؤمنون الأفارقة وقائع جنازة البابا مباشرة على شاشات التلفزة من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى كوت ديفوار مرورا بالبوروندي وأفريقيا الوسطى. كما أقيمت صلوات في الكنائس والساحات والرعايا. يحصل هذا في الوقت الذي دعا فيه فريق من الحجاج في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان إلى إعلان قداسة البابا يوحنا بولس الثاني. قناة المنار الفضائية التابعة لحزب الله اللبناني بثت مباشرة وقائع جنازة البابا كما فعلت الفضائيات الأخرى والتلفزيون الرسمي في لبنان. مدير القناة علي الحج صرح لوكالة الأنباء الألمانية أن قناة المنار تتوجه إلى جميع الفرق الدينية. وقال: كان علينا أن نبث وقائع الجنازة تكريما ليوحنا بولس الثاني رجل السلام. قال أساقفة كوريا الجنوبية إن البابا يوحنا بولس الثاني كان أبا للجميع كرس حياته لقيادة الإنسانية نحو الحقيقة والمحبة والاحترام المتبادل. دافع طوال ربع قرن عن حقيقة الإيمان وكرامة الإنسان. 

 

تأثر في اليابان على الرغم من المسافة الجغرافية والفروق الثقافية والدينية أمام مشاهد تشييع جثمان البابا فويتيوا. القناة الرسمية بثت وقائع الجنازة وقال المعلق إن الراحل كان رجل سلام استمال إليه احترام الجميع. وأضاف أن رؤية عشرات القادة السياسيين والملوك في العالم أمام نعش البابا يجعلنا نشعر بأسف بالغ لكون الحكومة اليابانية أرسلت وفدا خجولا لحضور الجنازة إذ أوفدت وزير الخارجية السابق. مع ذلك جرى احتفال ديني مهيب في كاتدرائية طوكيو الكاثوليكية رئسه رئيس أساقفة المدنية تاكيو أوكادا وحضره ولي العرش الياباني الأمير ناروهيتو تمثيلا للإمبراطور أكيهيتو تكريما لشخصية البابا الراحل.

 

أمام الشاشات العملاقة في ساحة القديس بطرس ثلاثة هنود من جماعة السيخ. أكبرهم سنا قدم من الهند للمشاركة في تشييع جثمان البابا في ما الآخران يعيشان ويعملان في إيطاليا. قال الأول: شئت المجيء للتعبير عن تضامني مع البابا الراحل الذي شرَّع روحُه المسكوني الأبواب على الجميع. لقد شاء البابا يوحنا بولس الثاني أن يعم السلام العالم كله. وربما بدأ يتحقق حلمه. ففي نهاية الجنازة صافح الرئيس الإسرائيلي كاتساف، ولأول مرة، نظيره السوري بشار الأسد وتوقف هنيهات قليلة مع الرئيس الإيراني محمد خاتمي.  

 

                 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.