2005-03-19 16:07:22

إنجيل أحد الشعانين ... وقفة تأمل حول كلمة الحياة


ولمَّا كان الغد، عرف الجمع الذين جاؤوا إلى العيد أنَّ يسوع قادم إلى أورشليم، فحملوا سعف النَّخل وخرجوا لإستقباله وهم يهتفون:"هوشعنا! تبارك الآتي باسم الربِّ ملك إسرائيل!" فرأى يسوع جحشًا، فركبه كما جاء في الآية:"لا تخافي يا بنت صهيون، هوذا ملكك آت، راكبًا على جحش ابن أتان." فلم يفهم تلاميذه أوَّل الأمر معنى هذه الأشياء، ولكنَّهم تذكَّروا بعدما مُجِّد يسوع، أنَّها فيه كتبت، وأنَّها هي نفسها لأجله صُنعت. وكان الجمع الذي صاحبه حين دعا عازر من القبر وأقامه من بين الأموات، يشهد له بذلك. وما خرجت الجماعات لإستقباله إلاَّ وقد عرفت أنَّه أتى بتلك الآية. فقال الفريسيون بعضهم لبعض:"أرأيتم كيف أنَّكم لم تستفيدوا شيئًا؟" هوذا العالم قد تبعه." وكان بعض اليونانيين من جملة الذين صعدوا إلى أورشليم ليحجّوا مدَّة العيد. فعمدوا إلى فيليبس، وكان من بيت صيدا من الجليل، فقالوا له ملتمسين:"سيدي نريد أن نرى يسوع." فذهب فيليبس فأخبر إندراوس وذهب إندراوس وفيليبس فأخبرا يسوع.

 

التأمل: RealAudioMP3

ودخل يسوع أورشليم راكبًا على جحش ابن أتان، دخلها وضيعًا هو الملك الذي نزلت للقائه الجموع وهتفت له أصوات الرضَّع وحجارة المدينة القديمة وهو يدخلها تحت سعف النخل وأغصان الزيتون. "هوشعنا لإبن داوج، مبارك الآتي باسم الرب"، الآتي ليخلِّص البشر من عبوديَّة الذل والخطيئة. وهكذا هتفت له شعوب أورشليم، وهي نفسها، ويا للمفارقة، من صرخت أمام بيلاطس البنطي ساعة محاكمة يسوع، ساعة محاكمة التاريخ،"أصلبه، إصلبه، إنَّ دمه علينا وعلى أولادنا."

دخل يسوع أورشليم ملكًا منتصرًا، وسُحق فيها كحبَّة الحنطة، ساقه كبرياء اليهود كحمل وضيع إلى الذَّبح ولم يفتح فاه مدافعًا. وعلى بيلاطس الذي سأله "أأنت ملك اليهود" أجاب يسوع:"إنَّ مملكتي ليست من هذا العالم." وعلى سؤاله "أأنت ابن الله"، أجاب:أنت قلت." فانقلب مسار المحاكمة إذ بات يسوع هو من يحاكم بيلاطس الذي همَّ بغسل يديه من دمه البار. أوقف يسوع بيلاطس أمام محكمة ضميره، فهو يعرف أنَّ الرجل الأعزل الماثل أمامه، برئي لا عيب فيه، ولكنَّ تصلّب قلوب الفريسيين ورؤساء الكهنة زرع الخوف في داخله، الخوف على كرسيه، الخوف على إمبراطورية روما وعظمتها، من هذا الملك الأعزل الذي تاجه إكليل الشوك وصولجانه المسامير. خسر بيلاطس معركته بالسيف والصليب وكسب يسوع معركته بالصمت والألم. "فمن أخذ بالسيف،بالسيف يؤخذ،" ومن عانق الصليب، به ينتصر. الحياة البشريَّة، إخوتي الأحباء، هي عطية غنية بقيمتها حتَّى وإن طُبعت بالألم والمحدودية. إنَّها عطية يجب قبولها ومحبّتها. مجانًا أخذت ومجانًا توضع في خدمة الآخرين. فمن أراد خلاص نفسه عليه أن يكفر بذاته مكرسًا إياها لخدمة الآخرين، على مثال معلّمنا الأوحد يسوع المسيح، آمين.

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.