2005-03-14 17:13:46

مداخلة المستشار في بعثة الكرسي الرسولي الدائمة لدى مكاتب الأمم المتحدة في جنيف أمام اللجنة التنفيذية للمفوضية الأممية العليا لشؤون اللاجئين


عُقد من الثامن ولغاية العاشر من الشهر الجاري في جنيف اللقاء الثاني والثلاثون للجنة التنفيذية للمفوضية الأممية العليا لشؤون اللاجئين.  ومن بين المشاركين في اللقاء سيادة المطران فورتوناتوس نواشوكو المستشار في بعثة الكرسي الرسولي الدائمة لدى مكاتب الأمم المتحدة في جنيف، والذي ألقى مداخلة سلّط في مستهلّها الضوء على أوضاع اللاجئين في القارة الأفريقية.  وقال إن الأوضاع المأساوية التي يعيش فيها ملايين الأشخاص، الذين اقتُلِعوا من قراهم وبلادهم بالقوة، تدعو المجتمع الدولي إلى اتّخاذ قرارات عملية تحدّ من آلام هؤلاء الأشخاص ومعاناتهم وتضمن حقوقهم الأساسية. 

وتابع سيادته يقول: لقد شهد العالم مؤشرات إيجابية خلال العام الماضي، عندما نُفذت برامج أتاحت المجال أمام عودة آلاف اللاجئين إلى بلداتهم وقراهم.  لكنّ هذه البرامج تفتقر اليوم إلى الاعتمادات المادية اللازمة لتمويلها، ناهيك عن استمرار أعمال العنف والنزاعات المسلّحة في دول ومناطق عدة، سيما في إقليم دارفور السوداني، حيث الأزمة الإنسانية تحمل على القلق الشديد. 

فالهجمات المنتظمة على المدنيين في دارفور وإحراق قرىً بأكملها وتدمير البنى التحتية، والقضاء على المواشي والمحاصيل الزراعية، ممارسات تدفع المزيد من المدنيين على النزوح عن أراضيهم.  إن انتهاكات حقوق الإنسان تحصل بصورة شبه يومية في الإقليم السوداني، وتستهدف أعمال العنف هذه النساء بنوع خاص، واللواتي يتعرّضن باستمرار إلى الاغتصاب الجنسي وشتى أشكال العنف. 

وذكّر المطران نواشوكو بتقارير منظمة الأمم المتحدة الواردة من دارفور والتي تتحدّث عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية.  وقال سيادته إن سكان دارفور الذين يحالفهم الحظ يتمكّنون من عبور الحدود مع جمهورية التشاد المجاورة، حيث يتمتعون ببعض الحماية والأمن.  وإنْ عجز هؤلاء المدنيون عن اللجوء إلى التشاد يصبحون مهجّرين داخل بلادهم، ولا أحد قادر على ضمان أمنهم وسلامتهم.  فعدد المراقبين العسكريين التابعين للاتحاد الأفريقي في دارفور غير كاف لاحتواء أعمال العنف في الإقليم السوداني، ناهيك عن افتقار البعثة الأفريقية إلى الدعم اللوجستي اللازم للقيام بمهمتها، والسلطات السودانية عاجزة هي أيضاً عن حماية المواطنين السودانيين والدفاع عن حقوقهم.

وتابع المستشار في بعثة الكرسي الرسولي الدائمة لدى مكاتب الأمم المتحدة في جنيف مداخلته قائلاً: إن مسؤولية الحد من تفاقم هذه الأزمة الإنسانية الخطيرة تقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره.  والسؤال الذي يُطرح الآن هو التالي: ما هي المؤسسة المسؤولة عن الدفاع عن المهجّرين؟  يتعين على الأسرة الدولية إيجاد السبل الفاعلة لحماية هؤلاء الأشخاص، والكرسي الرسولي يشجّع قيام نظام عالمي يتحمّل مسؤولياته حيال المهجّرين، وهو يعي أن حماية هؤلاء المدنيين وضمان احترام حقوقهم الإنسانية، يتطلبان تخصيص موارد بشرية ومادية أكبر، ويتطلبان ـ قبل كلّ شيء ـ إرادة سياسية مسؤولة، للتدخل ورفع يد المعتدين عن المدنيين العزّل.  والمماطلة في السعي إلى الحدّ من هذه الانتهاكات تسبب تهجير المزيد من الأشخاص، وتهدّد بالقضاء على الاتّفاقات السلمية التي تم التوصل إليها بعد عناء وجهد كبيرين. 

إن الطريق الواجب اتّباعها، ختم المطران نواشوكو مداخلته، تكمن في الحدّ من تدفّق الأسلحة إلى مناطق النزاع، ومحاكمة الأفراد المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتخفيف من آلام المهجرين واللاجئين، لإعطاء بصيص أمل جديد لأفريقيا واللاجئين في مختلف أنحاء العالم.

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.