2005-02-26 15:54:57

إنجيل الأحد 26 شباط 2005


   "... ترك يسوع اليهوديّة ورجع إلى الجليل. وكان لا بدّ له من المرور على السّامرة. فوصل إلى مدينة سامريّة تدعى سيخارة، بالقرب من الأرض التي جعلها يعقوب لابنه يوسف، وفيها بئر يعقوب. وكان يسوع قد تعب من المسير، فقعد على حافّة البئر. وكانت الساعة نحو السادسة. فجاءت امرأة من السّامرة تستقي، فقال لها يسوع:"اسقني"... قالت له السامريّة:"أنت يهوديّ وأنا سامريّة فكيف تستسقيني؟" (لأنّ اليهود لا يخالطون السامريّين).

   فأجابها يسوع:"لو كنت تعرفين عطاء الله، ومن هو الذي يقول لك اسقيني، لسألته أنتِ، فأعطاك ماء حيّا". قالت له:"سيّدي، ليس لديك ما تستقي به، والبئر عميقة، فمن أين لك بالماء الحيّ؟ هل أنت أعظم من أبينا يعقوب الذي أعطانا هذه البئر، وشرب منها هو وبنوه وماشيته؟" فأجابها يسوع:"من يشرب من هذا الماء، فلا بدّ له أن يظمأ وأمّا الذي يشرب من الماء الذي أعطيه إيّاه، فلن يظمأ أبداً. فالماء الذي أعطيه إيّاه يصير فيه عينَ ماء يتفجّر حياةً أبديّة...

 

التأمّل: RealAudioMP3

 

   نتلمّس في أيامنا هذه، نموّا للمشاعر الدينيّة لدى النّاس، ولكن حسب طريقتهم. فهناك مؤمنون بوجود بالملائكة أكثر منهم بوجود الله، وهناك باحثون عن السحر والعرّافين والعجائب الخارقة أكثر ممّن يبحثون عن الله، ممّا يتسبّب فعلياً بإفراغ كنائسنا من المؤمنين.

   "الإيمان بدون انتماء"، هذا ما يحمله لنا العالم المعاصر، آلهة حسب مقاييسنا ومشاعرنا وأحوالنا الشخصيّة، نسألها العون والتنوير.

   أمام هذا السوق المليء بالروحانيّات المتنوّعة المعروضة للبيع والمتاجرة، يستوقفنا إنجيل هذا الأحد بآياته التعليميّة. نُلاحظ في هذا الإنجيل أنّ يسوع هو من يطلب إلى المرأة القيام بعمل بسيط: وهو أن تسقيه من مياه البئر، ولكنّه فتح المجال لها في الآن الواحدة بأن تسأله هي أيضاً أن يسقيها من ماء الحياة وأن تتعرّف عليه بطريقة أفضل. تفاجأت المرأة في البداية لكون يهوديّ يخاطب سامريّة، تفاجأت كيف يمكن للمؤمن أن يعبد الله ليس فقط على جبل صهيون باليهوديّة أو على جبل كورازيم في السامرة، إنما في كلّ النواحي. تفاجأت كيف أن يسوع يدعوها هي المرأة المحتقرة لكونها سامريّة ومتعدّدة الأزواج، لأن تشارك في الحياة الحقيقيّة وتدخل في علاقة محبّة مع الله خالقها. تفاجأت ثم فهمت في النهاية أنّ يسوع يطلب منها أن تقبل في داخلها روح الرّب ببساطة من يشرب الماء عندما يظمأ إليه.

   نعم لم تبحث المرأة السامريّة عن يسوع إنما وجدته أمامها وأصغت إليه وهو يقول لها:"لو كنت تعرفين عطاء الله، ومن هو الذي يقول لك اسقيني، لسألته أنت، فأعطاك ماء حيًّا". فأجابت قائلة:"اسقني" من هذا الماء. نعم إنّ روح الله لا يطلب وساطة ولا استعداداً ولا تبريراً، إنّما يُقبل كما هو، وقبوله يقفل الطريق أمام النسبيّة الدينيّة والروحيّة. الروح القدس هو كالماء الحيّ في الصلاة، تولد في البداية ضعيفة محدودة بتكرارها ثمّ تنمو فينا مع نمو الإيمان، فتنبعث في داخلنا قوّة حياة جديدة يصلّي الروح فيها وتسقط حدود الزّمن في الصلاة لتتحوّل حياتنا كلّها أنشودة صلاة للرّب.








All the contents on this site are copyrighted ©.