2005-01-29 16:15:04

كلمة قداسة البابا إلى أعضاء محكمة الروتا الرومانيّة بمناسبة افتتاح السنة القضائيّة


   استقبل قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني قبل ظهر اليوم في الفاتيكان أعضاء محكمة الروتا الرومانيّة يتقدّمهم عميدها المونسينيور أنطوني ستانكييفيتش، وذلك بمناسبة افتتاح السنة القضائيّة.

   وجّه البابا كلمة إلى قضاة وموظّفي محكمة الروتا ركّز فيها على البعد الأخلاقي لنشاط العاملين في الحقل القضائي لدى المحاكم الكنسيّة، وبنوع خاص فيما يتعلّق بواجب احترام الحقائق التي تعلّمها الكنيسة بشأن الزواج.

   فهذه المسألة الأخلاقيّة، أضاف البابا طرحت بجديّة في مختلف أشكال الدعاوى القضائيّة. فالمصالح الشخصيّة والجماعيّة يُمكنها جرّ المتقاضين للجوء إلى مختلف أشكال الكذب والاحتيال، وحتّى الرشوة بهدف انتزاع حكم ملائم. والمحاكمات الكنسيّة غير معصومة هي أيضاً من هذه المخاطر، قال البابا، خصوصاً فيما يتعلّق بالبحث عن معرفة حقيقة وجود أو عدم وجود الزواج...

   وبالإضافة إلى هذه المخاطر يُضاف خطر آخر ينتشر باسم الضرورات الراعويّة وتعلو فيه بعض الأصوات مطالبة بإبطال الزيجات الفاشلة بكاملها. ولبلوغ الغاية يقترحون اللجوء إلى الحيلة والمحافظة الشكليّة على جوهر الدعوة القضائيّة خافين عدم وجود حكم قضائي حقيقي. وبهذه الطريقة يتمّ السعي لفرض موجبات مبطلة للزواج مقرونة بالأدلّة المخالفة لأبسط مبادئ وقواعد تعليم الكنيسة.

   ووصف البابا هذه الأحكام بالخطيرة قانونياً وأدبياً ولا تساهم في حلّ المشاكل الزوجيّة لأنها لا تعتمد الحقيقة سبيلاً لها.

   وشدّد البابا في كلمته على ضرورة ترابط سير المحاكمة بالبحث الموضوعي عن الحقيقة، إذ تقع المسؤولية أولاً على عاتق الأساقفة الذين أقامهم الحق الإلهي قضاة على المؤمنين المُسندين إلى عنايتهم الراعويّة. فعليهم واجب اختيار الأكفاء للعمل في المحاكم الأبرشية أو المحاكم الإقليميّة بين الأبرشيّات. كما ولا يمكنهم اعتبار عمل المحاكم مسألة تقنيّة يهتمّ بها فقط القضاة الذين ينوبون عنهم.

   القاضي المستقيم يتميّز بحبّه للحقيقة وباقتناعه بوجودها، أضاف البابا، لذا يسعى بلهفة حقيقيّة لبلوغها بالرغم من المصاعب التي تعترضها... عليه الصمود أمام الخوف من إعلان الحقيقة محاباة للوجوه. فالحقيقة التي هي المسيح بذاته، تحرّرنا من كلّ أشكال المساومات والكذب.

   إن القاضي الذي تصرّف بعدالة لا تقيّده مشاعر الرأفة الكاذبة حيال الأشخاص، لأنّه يدرك جيّداً أنّ الأحكام المغلوطة لا تشكلّ أبداً حلولاً راعويّة، وأن الله شاهد على ما يصنع في الأبديّة.

   ثمّ حذّر البابا في كلمته إلى أعضاء محكمة الروتا الرومانيّة من محاولات الفصل بين القوانين القضائيّة وعقيدة الكنيسة وكأنّهما ينتميان إلى دائرتَين مختلفتَين: الأولى لها قوتها القانونيّة الملزمة، والثانية لها قيمتها التوجيهيّة البحتة.  فعقيدة الكنيسة بدورها لها روابطها القانونيّة والأدبيّة دون الحاجة لتحويلها إلى قانون مُلزم.

   وبعد أن حذّر البابا من التسرّع في بلوغ الأحكام القضائيّة النهائيّة ودعوته للتعمّق بها خدمة للحقيقة، ختم شاكراً أعضاء محكمة الروتا من قضاة ومحامين وموظّفين على الخدمة التي يؤدونها للكنيسة، وطالباً من الله مجازاتهم على أتعابهم اليوميّة التي يُتمّونها باستقامة ضمير ودعم لكل محبّي العدل. ثم تمنى أن تسطع حقيقة العدالة أكثر فأكثر في الكنيسة وفي حياة أفرادها، ومنح الجميع بركته الرّسولية.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.