2005-01-15 16:57:57

إنجيل الأحد 9 كانون الثاني يناير 2005


وقفة تأمل حول كلمة الحياة

 

   "ثمّ ظهر يسوع فجاء من الجليل إلى الأردنّ، قاصداً يوحنّا ليعتمد على يده. فجعلَ يوحنّا يُمانعه فيقول:"أنا أحتاج إلى الاعتماد على يدكَ، فكيفَ تجيءُ أنتَ إليّ؟" فأجابه يسوع:"دعني الآن وما أفعل، فهكذا يحسن بنا أن نُتمّ كلّ برّ". فكفّ عن ممانعته. واعتمد يسوع وخرج لوقته من الماء، فإذا السماوات قد انفتحَت فرأى روحَ الله يهبطُ كأنّه حمامة وينزل عليه. وإذا صوت من السّماء يقول:"هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت". (متّى:3/13-17).

 

التأمّل: RealAudioMP3

 

   يسوع يبدأ حياته العلنيّة قاصداً يوحنّا ليعتمد من يده. سار كما سارت أمّه مريم لثلاثين سنة خلت، بعد قبولها الحبل الإلهي لزيارة نسيبتها أليصابات الحبلى بيوحنّا. عطيّتان تلتقيان في مصير واحد.

   يوحنّا عطيّة الله غير المنظورة للعاقر أليصابات، ارتَكَض في حشا أمّه فرحاً لتحيّة مريم. يوحنّا الذي ذهب إلى الصحراء ليعدّ طريق الرّب.

   ويسوع العطيّة الإلهيّة للعذراء مريم، يذهب إلى يوحنّا ويقف بتواضع منتظراً دوره للاعتماد من يده. فكما يشهد يوحنّا ليسوع كذلك يشهد يسوع أيضاً ليوحنّا كصديق أمين له.

   ومرّة أخرى بعد لقاء يسوع ويوحنّا، تظهر عظمة الله بكامل بهائها: وهي ظهور الله الحقيقي كثالوث أقدس: الابن الذي يدخل المياه ويخرج منها علامة لنزوله إلى الجحيم وقيامته من بين الأموات؛ الروح القدس الذي يحلّ بشبه حمامة على الابن؛ والآب الذي يُقدّم الابن للعالم قائلاً:"هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت". هذا الظهور الحقيقي والكامل لله فصَلَ مصير الرّجلَين. يسوع ينطلق إلى الصحراء لبدء رسالته التبشيريّة، ويوحنّا يموت أمانة لدعوته بعد إعداده الطريق أمام المخلّص.

   وكما كان يسوع ليوحنّا ويوحنّا ليسوع، كذلك نحن محتاجون إلى الصداقة والمثال الصالح والاندفاع بحماسة الواحد نحو الآخر حفاظاً على أمانتنا لله. لقاء يسوع بيوحنّا المعمدان يُعلّمنا أنّ ما من أحد يمكنه الخلاص لوحده. فكما كان يسوع بحاجة ليوحنّا كذلك كلّ واحد منّا بحاجة للآخر ليُتمّ خلاصه.

   نحن مدعوّون لنكون على مثال يوحنّا صوتاً صارخاً في بريّة العالم باسم يسوع المسيح مُتحرّرين من أثقالنا الماديّة لنشهد لمحبّة المسيح. عظمة يوحنّا تجلّت باكتفائه بما هو ضروري وعاش حياته كلّها منتظراً يسوع على ضفاف نهر الأردن، لذا لا يجب علينا الكلل من الانتظار، انتظار الساعة التي يأتي بها يسوع إلينا ليدخل في عمق حياتنا وفي عائلاتنا ليحوّلها ويقدّسها كما تحوّلَت مياه المعموديّة الإنسانيّة على يد يوحنّا إلى قوّة إلهيّة صيّرت البشر جميعاً بيسوع المسيح أبناء لله.

   نحن كلّنا شوق للقائك أيّها الرّب يسوع، يا غذاء أرواحنا. أنتَ وحدكَ الحنون القادر على فهمنا. ساعدنا وبدّد ظلال الشكوك عن عقولنا لنثبتَ في محبّتك ورجائكَ إلى أبد الآبدين. آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.