2004-12-04 15:48:48

إنجيل الأحد 5 كانون الأوّل 2004


وقفة تأمّل حول كلمة الحياة

 

   "في ذلك الزّمان، ظهر يوحنّا المعمدان يعظ في بريّة اليهوديّة فيقول:"توبوا، قد اقترب ملكوت السماوات". وإيّاه عنى النّبي أشعيا بقوله:

"صوت صارخ في البريّة:

أعدّوا طريق الرّب

واجعلوا سبله قويمة".

   وكان يوحنّا هذا يلبس ثوباً من وبر الإبل، وعلى وسطه زنّار من جلد... وكانت تخرج إليه أورشليم وجميع اليهوديّة وناحية الأردن بأسرها، فيعتمدون على يده في نهر الأردنّ معترفين بخطاياهم... وكان يقول لهم: أنا أُعمّدكم في الماء من أجل التوبة، وأمّا الذي يأتي بعدي فهو أقوى منّي، وإنّي لست أهلاً لأن أحمل نعلَيه. وهو يُعمّدكم في الروح القدس والنّار، ويأخذ المذرى بيده ويُنقّي بيدره فيجمع قمحه في الأهراء، وأمّا التبن فيُحرقه بنار لا تُطفأ". (متّى 3: 1-12)

 

التأمل: RealAudioMP3

 

   إنجيل الأحد الثاني من زمن المجيء، زمن ميلاد الرّب يسوع بالجسد، يتحدّث عن القفر، عن الصّحراء التي تحمل رموزاً عديدة في الكتاب المقدّس إذ اختارها الأنبياء مسكناً لهم، فهي المكان الخالي الخاوي من حضور الله وروحه القدّوس وبالرّغم من ذلك قضى الشّعب المختار معظم مسيرته نحو أرض الميعاد في الصّحراء، وصل إليها مع موسى حاملاً خطاياه، ومنها انطلق في حياة جديدة بعد عبوديّة طويلة، وفيها راح يبني مُلك إسرائيل. وانطلاق يوحنّا المعمدان في الصّحراء، وهو دعوة للانطلاق مجدّداً لبناء عهد جديد مع الله بالتوبة والاغتسال بماء المعموديّة المُطهّرة.

   أعلن النّبي موسى على الشّعب أنّ الله حرّره من عبوديّة المصريّين. ويوحنّا المعمدان يُعلن على الشّعب التائب في صحراء خطيئته أنّ الله صار إنساناً ليُخلّصنا من عبوديّة الشيطان.

   زمن صحراء العهد القديم الطويل ولّى وأتت ساعة حلول زمن العهد الجديد، زمن الإنجيل الذي يدعو البشر للقاء الله والاتحاد الكامل به.

   لقد ظهر يوحنّا المعمدان رسولاً يُطبّق آخر فصول العهد القديم، بمعموديّة الماء والتوبة، ولكنّ الخلاص يأتي من يسوع المسيح، الذي هو أعظم منه ويطبع شعب العهد الجديد بوصمة الروح القدس والنار.

   رمز المياه له معنى عميق في الكتاب المُقدّس، فهي تُظهّر الجسد من أوساخ الخطيئة وتُفسح المجال أمام المرء للإقرار بكلّ نقائصه للقاء ربّه. إنّ ولادتنا الطبيعيّة هي خروج من مياه رحم الأم إلى حياة الدنيا، وعمادنا هو خروج من المياه التي تُمثّل رحم الخطيئة والظلمة، والعودة إلى حياة جديدة. "إنّ لم يولَد الإنسان مُجدّداً من الماء والروح فلا يقد أن يدخل ملكوت السماوات"، قال يسوع لنيقوديموس. والولادة الجديدة لا تعني هنا عودة إلى بطن الأمّ، إنّما قبول برسالة يسوع المسيح التي تُغيّر الحياة من جذورها وتمنح الخلاص الأبدي.








All the contents on this site are copyrighted ©.