2004-10-27 16:04:40

في مقابلة الأربعاء العامة قداسة البابا يقول إنَّه يرافق الشعب العراقي يوميًّا بالصلاة


أجرى قداسة البابا يوحنا بولس الثاني صباحَ اليوم مقابلته العامة في ساحةِ القديس بطرس بالفاتيكان ووجَّهَ أثناءها نداءً خصَّهُ بالسكانِ العراقيين وقالَ أرافقُ يوميًا في الصلاة الشَّعب العراقي الحبيب العازم على إعادة بنيانِ مؤسَّساتِ بلده. وإني أشجِّعُ في الآنِ الواحد المسيحيين على أنْ يواصلوا بسخاءٍ في توفيرِ إسهامهم الخاص والأساسي من أجل مصالحةِ القلوب. وأُعبِّرُ أخيرًا عن المشاركةِ الودودة في ألم عائلات الضحايا وآلام الرهائن وجميع الأبرياء المصابين بهمجيَّة الإرهاب العمياء.

وكانَ قداسته قد تابع في تعليم مقابلته شرح المزمور الحكمي الثامن والأربعين فتحدَّثَ عن القسم الثاني منه والمؤلف من الآية الرابعة عشرة وحتَّى الحادية والعشرين، والذي يندِّدُ كالقسم الأول بوهمٍ يولِّده وثن الثروة، التجربة المتواصلة للبشريَّة التي تتمسَّك بالمال معتبرةً إياه وكأنَّهُ أُعطي قوةً لا تُقهر وتتوهم بأنَّهُ يستطيع أن يشتري الموت ويبعده عنها.

وأشار البابا بهذا الصدد إلى أنَّ الموت يفاجئ بمقدرته على هدم كل وهمٍ وإزالة كل عائق، ومذلا كل ثقة بالنفس، ويسيِّر الأغنياء والفقراء، المسلَّطين وعبادَهم، الجهلة والحكماء نحو الحياة الآخِرة. كما أشار إلى أنَّ الصورة التي يرسمها صاحب المزامير فعالة جدًا إذ يقدِّمُ فيها الموت كراعٍ يقودُ بيدِ قوتهِ قطيع الخلائق القابلة للفساد. وهكذا يقترح المزمور الثامن والأربعون علينا تأملاً بالموت واقعيًا وصارمًا لا سيما وأنَّ الموت هو هدفٌ للحياة البشريَّة.

وأضافَ قداسته يقول:إننا نحاول أحيانا وبطرق متعددة أن نتجاهلَ هذا الواقع مبعدين عن ذواتنا فكرة أفقنا غير أنَّ هذا التعب غير ضروري ونافع. إنَّ التأمل بالموت يبدو بالفعل خيرًا لأنَّهُ يُطبق النظرة النسبيَّة على حقائق ثانوية جعلناها حقائق مطلقة كالغنى والنجاح والسلطة. لهذا يحذِّر حكيم العهد القديم ابن سيراخ قائلا "في جميع أعمالك أذكر أواخرَك فلن تخطأ إلى الأبد."  المزمور الثامن والأربعون يقدِّم بهذا الصدد تحولا مقرِّرًا: إذا كان المال لا ينجح في افتدائنا من الموت هناك بالتالي من يستطيع أن يفتدينا من هذا الأفق المظلم والمأساوي. "إنَّ الله وحده يفتدي نفسي من يدِ الجحيم"، يقول المزمور. وينفتح هكذا للصِّديق أفقُ رجاءٍ وعدم موت. على السؤال الذي يبدأ به المزمور :"لماذا أخاف في أيام السوء" نجدُ الجواب "لا تخشى إذا استغنى إنسان ونما مجدُ بيته."

ثم سطَّر الحبر الأعظم أنَّ البار والفقير والمهمل في التاريخ حين يبلغون حدود الحياة وهم من دون ثروة وليس لهم ما يدفعونه فدية لإيقاف الموت وللتخلص من عناقه الجليدي، يلقون المفاجأة الكبرى: إنَّ الله يدفع الفدية عنهم وينجِّي المؤمن به من يد الموت، لأنَّه الوحيد الذي يستطيع أن ينتصر على الموت.

وأضاف لهذا يدعو صاحب المزامير إلى عدم الخوف وعدم النظر إلى الغني المتعجرف أكثر فأكثر في مجده بحسد، لأنَّهُ سيُعرى حين يبلغه الموت من كل شيئ، ولا يستطيع بالتالي أن يحمل معه لا ذهبًا أو فضَّة، ولا نجاحًا أو مجدًا في حين لا يهملُ الربُّ خادَمه ويهديه "ويعرِّفه سبل الحياة ويملؤه فرحًا بحضوره." ونستطيع هكذا أن نكرر في نهاية تأملنا هذا حول المزمور الحكمي الثامن والأربعين كلمات يسوع الذي يرسمُ لنا صورة الكنز الحقيقي الذي يتحدَّى الموت: "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيثُ يفسدُ السوس والآكلة وينقبُ السارقون ويسرقون، لكن اكنزوا لكم كنوزًا في السماء حيثُ لا يفسد سوس ولا آكلةٌ ولا ينقبُ السارقون ولا يسرقون لأنَّهُ حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك." وفي ختام مقابلته العامَّة وجَّه قداسته للحاضرين تحياته المعتادة ومنحهم بركته الرسولية.

 

 

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.