2004-10-25 15:54:05

ملخّص عقيدة الكنيسة الاجتماعيّة


   تمّ قبل ظهر يوم الاثنَين الجاري في قاعة يوحنّا بولس الثاني في دار الصحافة الفاتيكانيّة، تقديم "مُلخّص عقيدة الكنيسة الاجتماعيّة"، وذلك في مؤتمر صحفي رئسه نيافة الكردينال ريناتو مارتينو، رئيس المجلس البابوي "عدالة وسلام"، وشارك فيه عدد من معاونيه.

   قدّم الكردينال مارتينو مداخلة لخّص فيها مضمون هذا المُستند الفاتيكاني الجديد، الذي يُلبّي تساؤلات واهتمامات أبناء الكنيسة الكاثوليكيّة حول عقيدتها الاجتماعيّة، ويُشكّل وسيلة ملائمة وكاملة تُلخّص تعاليم الكنيسة في هذا المضمار من المجمع الفاتيكاني الثاني المسكوني لغاية أيامنا الحاضرة.

   يقع المُستند في ثلاثمائة وعشرين صفحة، وتتطرّق فصوله الأساسيَّة إلى شؤون العائلة، والعمل، والحياة الاقتصاديّة والسياسيّة، والعلاقات الدوليّة، وحماية البيئة، وتعزيز السلام، وأخيراً العمل الراعوي. يُنظّم المُستند الجديد في عمل واحد تعاليم الكنيسة الاجتماعيّة التي صدرت في السنوات السالفة، وخصوصاً حول عالم العمل والاقتصاد، والعولمة، وواقع العائلة الاجتماعي، ودور المجتمع المدني في تعزيز العمل، وخلق نظام اقتصادي صحيح، وإنعاش النظام الديموقراطي بطريقة صحيحة.

   وحمّل الكردينال مارتينو، رئيس المجلس البابوي "عدالة وسلام"، في مداخلته أثناء تقديم المُستند، ما يُسمّى "بالعلمنة غير المتسامحة"، المسؤوليّة بمحاولة تحجيم الكنيسة وإيثاقها في بوتقة صغيرة صمن جدران الكنائس. فادّعاءات هذا التيار العلماني الشّرس وغير المتسامح، تنهال بلا هوادة باتهام الكنيسة بأنّها تتدخّل في السياسة كُلّما علا صوتها للدفاع عن حقوق أضعف الضعفاء من القوانين الجائرة التي تُصدرها بعض الحكومات والدول.

   وسطّر نيافة الكردينال مارتينو اهتمام الكنيسة الأساسي بالمسائل الاجتماعية واعتبارها كرامة الإنسان وحقوقه الأساسيّة هدفاً وليس وسيلة للتعايش المدني والاجتماعي والسياسي. الغاية تُبرّر الوسيلة عندما تُسيطر النسبية الأخلاقية والانتهازية الأنانيّة على الحياة الاقتصاديّة والسياسيّة والوطنيّة والدوليّة.

   وذكّر نيافته بما أكّد عليه البابا يوحنّا بولس الثاني مؤخراً حول مسؤوليّة الكاثوليك في السياسة وضرورة الالتزام الصحيح بها لأنّ المقاطعة واللامبالاة حيال كلّ ما يتعلّق بالحياة الاجتماعيّة والسياسيّة يُخلِّفان تأثيراً سلبياً ومؤذياً على سير الحياة الديموقراطيّة، ويُعزّزان النّزعة الفرديّة والأنانيّة.

   ومن بين المواضيع التي يتطرّق إليها ملخّص عقيدة الكنيسة الاجتماعيّة، ظاهرة الإرهاب، إذ يعتبر "الإرهاب باسم الله" تدنيساً وتجديفاً على اسمه القدّوس. فالإرهاب يجعل من الله وسيلة على غرار الإنسان لتحقيق أهدافه المجرمة. فإطلاق "لقب شهداء" على من يموتون نتيجة عمليات إرهابيّة قاموا بها، هو تشويه لمبدأ الاستشهاد الذي هو شهادة لمن يموت بسبب رفضه التخلّي عن الله ومحبّته وليس القتل باسم الله.

   ويُدين المُستند بشدّة الإرهاب لأنّه يزدري الحياة البشريّة ولا مُبرّر له لكون الإنسان هدفاً وليس وسيلة. لذا من حق الإنسان أن يدافع عن نفسه من جميع أشكال الإرهاب ولكن ليس بطريقة عشوائية وفارغة، فهذا الحق له قواعده الأخلاقيّة والقانونيّة، لأنّ الصراع ضدّ الإرهابيّين يقوم على احترام حقوق الإنسان ومبادئ دولة القانون. من هنا واجب تحديد المسؤولين بدقّة لأنّ التهمة الجنائية شخصيّة وفرديّة ولا يُمكن رميها على الديانات، والأمم، والقوميات التي ينتمي إليها الإرهابيّون. واعتبر ملخصّ تعليم الكنيسة الاجتماعيّة أن التعاون الدولي لمناهضة الإرهاب لا يمكن حصره فقط بالعمليات القمعيّة والعقابيّة، بل بالبحث عن الأسباب التي كانت وراء الهجمات الإرهابيّة...

   ويُقرّ المستند أيضاً بالدور الأساسي الذي قامت به نقابات العمّال لتعزيز حقوقهم، ولكنّه يُدين في الآن معاً حقد ما يُسمّى بصراع الطبقات الهادف إلى إلغاء الآخر. وتعترف الوثيقة بالربح المشروع وتقاسم الخيور الاجتماعيّة والاقتصاديّة بعيداً عن الابتزاز والاستغلال.

   ويشدّد ملخّص عقيدة الكنيسة الاجتماعيّة الجديد، على رفض الكنيسة القاطع، الاعتراف القانوني بزيجات مَثَليّي الجنس، وتؤكّد احترامها الكامل لكرامتهم الإنسانيّة وتدعوهم لعيش حياة النعمة باحترام العفّة... وما احترام الكنيسة الواجب لهم تشريعاً لما يقومون به من أعمال شاذة ضدّ الآداب المسيحيّة، ولا اعترافاً بزيجاتهم.








All the contents on this site are copyrighted ©.