2004-10-23 17:05:14

إنجيل الأحد 24 تشرين الأول أكتوبر وقفة تأمل حول كلمة الحياة


إنجيل الأحد 24 تشرين الأول أكتوبر وقفة تأمل حول كلمة الحياة

 

وضربَ يسوعُ أيضًا هذا المثل لقومٍ مُستيقنينَ أنَّهم أبرار، ويزدونَ سائرَ الناس:" صعِدَ رجلان إلى الهيكلِ ليُصلِّيا، أحدُهما فرِّيسيّ والآخرُ عشَّار. فانتصبَ الفرِّيسيّ قائمًا يُصلِّي فيقولُ في نفسه:"الَّلهمَّ، شكرًا لكَ لأنِّي لستُ كسائرِ النَّاسِ الجشعينَ الظَّالمينَ الفاسقين، ولا كهذا العشَّار! فأنا أصومُ في الأسبوعِ مرَّتين، وأؤدِّي عُشرَ دخلي كلِّه." على أنَّ العشَّارَ وقفَ بعيدًا لا يجرؤُ أن يرفعَ عينيهِ نحوَ السَّماء، بل كانَ يقرعُ صدرَهُ فيقول:"ألَّلهمَّ ارحمني أنا الخاطئ!" أقولُ لكم:إنَّ هذا نزَلَ إلى بيتهِ مبرورًا أمَّا ذاكَ فلا. فمنَ رفعَ نفسَهُ وُضِعَ، ومن وضَعَ نفسَهُ رُفع." (لوقا 18 : 9 ـ 14) RealAudioMP3

 

عبر آيات الإنجيل المقدس يعلِّمنا يسوع كيف نصلي، وطرق الصلاة عديدة، فهناك صلاة الشكران، صلاة الإبتهال والتضرع، وصلاة طلب المغفرة التي يتحدَّث عنها إنجيل هذا الأحد. فمن خلال مثل الفريسي والعشار يعلّمنا يسوع كيف نطلب المغفرة من الله. وطلب المغفرة عندنا نحن المسيحيين يتحقَّق من خلال سر التوبة، سر الإعتراف بخطايانا أمام كاهن الرب. فمن خلال الإعتراف يدرك الكاهن الحجم الروحي لدى كل مؤمن. فهناك من يدَّعي قائلاً أبتِ أنا نقي ولا خطيئة عليَّ وما من شيء يدفعني إلى التوبة. هناك من تخطف شفافية روحه الكاهن لمقدرته على الغوص في أعماق نفسه وقلبه ليفنِّد نقائصه وخطاياه ويعترف بها بدقَّة باهرة. وهناك من يعترف بخطايا سواه، اي يتحدَّث عن زلات الآخرين غافلا ما عنده من خطايا ونقائص تسيئ إلى الله والقريب.

إنجيل الأحد يرسم لنا طرقًا أربعًا لنطلب من خلالها الغفران بشكل صحيح:

ففي بادئ الأمر علينا أن ندرك وجود مسافة بيننا وبين الله، على مثال العشار. والمسافة هذه لا تعني خوفًا من الله إنَّما فعل احترام عظيم لقداسته اللامتناهية. الله، من خلال العهد القديم، أظهر ذاته للإنسان بطريقة تدريجيَّة. وهذه المسافة لا نملؤها نحن بكبريائنا بل يملؤها الله بحنانه وحبه الذي تجلَّى بتجسد يسوع المسيح إنسانًا بيننا والذي بموته انشقَّ حجاب الهيكل إلى اثنين وزالت كل الحواجز الفاصلة.

ثانيا، علينا وعلى مثال العشار أن نقف بعيدًا ولا نجرؤ على النظر نحو السماء، كالولد الصغير الذي يخطئ ولا يجرؤ على النظر في وجه أبيه منتظرًا عقابه. فالعشار إذا لم يفقد معنى الخطيئة، فهو مدرك أنَّه أخطأ ولكل خطيئة عقاب. ومأساة عصرنا اليوم هي فقدانهم معنى الخطيئة.

ثالثا، علينا وعلى مثال العشار أن نقرع صدورنا ونقول إرحمنا يا رب نحن الخطأة. فعندما أرفع يدي اليُمنى لأقرع بها صدري أدلّ في الوقت نفسه على ذاتي ولا أرمي خطيئتي على الآخرين بحثًا عن مبرِّرات. وخطيئة أناس عصرنا هي أنَّهم لا يعرفون الخضوع والإقرار ويلقون الذنب دائمًا على الآخرين.

رابعًا وأخيرًا، على مثال العشار علينا طلب الرحمة من الله اللهم ارحمني أنا الخاطئ. إنها صلاة القلب التي علينا تردادها باستمرار. صلاة بسيطة وكاملة تملأ نفس الخاطئ عزاء. صلاة تجسد العلاقة الحقيقية بين الله والإنسان. الله الكلي القداسة والقدرة والإنسان الخاطئ. وطلب المغفرة لا يعني إهانة الذات وسحقها. فمن يعتقد أنَّه لا شيئ وأنَّ الله لا يغفر له خطاياه فهو يخطئ. الله لا يريد إذلالنا بل خلاصنا.








All the contents on this site are copyrighted ©.